Friday, December 22, 2006

في شروط النزول الى الشارع



منذ بدات المعارضة الوطنية اللبنانية اعتصامها المفتوح في شوارع و ساحات بيروت بهدف اسقاط الحكومة الحالية و ثمة سؤال يتردد على السنة المصريين الذين يتابعون ما يجري في بيروت بشكل يكاد يكون يوميا عبر شاشات الفضائيات وهو : هل يمكن أن يحذو الشارع المصري حذو شقيقه اللبناني؟هل يمكن أن تنتقل مشاهد ساحتي الشهداء ورياض الصلح الى ميادين التحرير ووسط البلد؟

وبالنسبة لكاتب هذه السطور، فانني أؤمن بأن الشارع المصري مؤهل بالفعل لأن يلعب الدور الذي يلعبه نظيره اللبناني اذا توافرت فيه الشروط التالية :

1.يمكن للشارع المصري أن يكون كنظيره اللبناني حين يتجاوز الطائفية الضيقة ، حين نتوقف عن تصنيف الانسان حسب ديانته ، حين لا نشير الى بعضنا بوصفنا "مسلم " أو " مسيحي"، حين نعتبر ممن رفعوا لافتة تقول :" نحن النصارى وأنت نصرنا"

2. يمكن للشارع المصري أن يكون كنظيره اللبناني حين يصبح التنظيم هدفا في حد ذاته ، حين نتجاوز العفوية الى التنظيم لأدق وأصغر التفاصيل من قماش الرايات الى الوان الملابس الى نوعية قماش خيام الاعتصام (أخبرني أحد الأصدقاء العائدين من بيروت أنها من انوع المضاد للمطر!)

3. يمكن للشارع المصري أن يكون كنظيره اللبناني حين نضع الانتماء الحزبي وراء ظهورنا ، حين نتوقف عن الاختلاف حول أي راية ترفع وأي هتاف نتبع ، حين يكتفي الجميع برفع راية واحدة : راية الوطن الذي ننتمي اليه جميعا.

4. يمكن للشارع المصري أن يكون كنظيره اللبناني حين تختفي من حياتنا –والى الأبد-ناقلات الجنود وعصي الكهرباء والكلاب المدربة وخراطيم المياة ....الخ، حين يدرك ما يسمى بقوات الأمن أن مهمتهم هي حماية المتظاهرين وليس سحقهم بأحذيتهم الغليظة والاعتداء الجنسي عليهم.

5. يمكن للشارع المصري أن يكون كنظيره اللبناني حين نمتلك رئيسا لمجلس النواب يكون ولاؤه للشعب الذي انتخبه وليس للسلطة ولا يلعب دور "المحلل" لها.

6. يمكن للشارع المصري أن يكون كنظيره اللبناني حين يمتلك قيادات سياسية حقيقية ، حين نستنسخ حسن نصر الله وعون وأرسلان وفرنجية ونستبدلهم بأصحاب الدكاكين المعروفة رسميا باسم "الأحزاب".

7. وأخيرا وليس أخرا ، يمكن للشارع المصري أن يكون كنظيره اللبناني حين نستورد من لبنان ما هو أكثر وأهم من صدر هيفاء وهبي ومؤخرة رولا سعد!

Thursday, December 21, 2006

عمال وفلاحين وطلبة

في جريدة المصري اليوم نشرت الكاتبة وأستاذة الأدب الانجليزي الدكتورة شيرين أبو النجا هذا المقال تعليقا على مجموعة من الأحداث كان ابرزها تظاهرات طلبة الاخوان وعمال غزل المحلة ورغم اختلافي مع الكاتبة في بعض انقاط الا انني اتفق اجمالا مع روح الأمل التي تشيع في نص مقالها:

عمال وفلاحين وطلبة بقلم د.شيرين ابو النجا

«أطلق كلابك في الشوارعأقفل زنازينك عليناوقل نومنا في المضاجعآدي إحنا نمنا ما اشتكيناواتقل علينا بالمواجعإحنا اتوجعنا واكتفيناوعرفنا مين سبب جراحناوعرفنا روحنا والتقيناعمال وفلاحين وطلبةدقت ساعتنا وابتدينا»
«شيد قصورك» كتبها أحمد فؤاد نجم عام ٧٣ «معتقل القناطر» ولحنها وغناها الشيخ إمام.. بنظرة سريعة علي الكلمات يتأكد المرء أن الأغنية لم ينته تاريخ صلاحيتها، بل ربما يمكن استعادتها خصيصاً لأيامنا المتتالية المتشابهة. كل ما في الأمر أن الأحداث السريعة المتلاحقة،
ربما لم تترك فرصة للتأمل في المشهد، لأننا داخل المشهد. لست متأكدة إن كان كل الحالمين بالثورة الكاسحة الماحقة قد تنبهوا لما يحدث أم لا، في المحلة «عمال»، وسراندو «فلاحين»، واتحاد حر «طلبة»، هل حاول كل المتشائمين التأمل قليلاً لتتغير رؤيتهم؟
عندما قرر العمال أن يطالبوا بحقوقهم لم يترددوا، ولم ينتظروا قوي سياسية لتكون المحرك والدافع لهم، بل نظموا إضراباً واعتصاماً، لا يختلف كثيراً في جوهره عما حدث ويحدث في لبنان، ١٧ ألف عامل من عمال المحلة حددوا مطالبهم وأصروا علي المطالبة بها،
والأهم أنهم حصلوا عليها - ألا يستحق ذلك الكثير من الاهتمام والتحليل. أما علي مستوي الفلاحين، فنفس الشيء يحدث الآن في العديد من قري مصر التي تشهد عودة غير مسبوقة للإقطاع، كل ما في الأمر أن المسافة الجغرافية بين القرية والمدينة تحيل انتفاضات الفلاحين المتكررة إلي خلفية المشهد،
كان المتوقع أن ينتهي الأمر في سراندو بتوقف قلب نفيسة المراكبي، لكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، فكان قلب نفيسة المراكبي المتوقف هو الذي حرك القضية مرة أخري، ويبدو أنه حرك العديد من القضايا الأخري المرتبطة بالفلاحين. هؤلاء الفلاحون الذين كانوا في الستينيات هم عناوين الصحف، يدافع الجميع عنهم، وتطرح قضاياهم للنقاش في مجلس الأمة، هم نفسهم الفلاحون الذين عادوا للمطالبة بحقوقهم الآن في عدة بؤر متناثرة.
ثم يظهر دور الطلبة، تزوير انتخابات أو إنهاؤها بالتزكية، لا يهم، لم يختلف الأمر كثيراً، فقد أدي ذلك إلي قيام ما يسمي الاتحاد الحر، وهو اتحاد طلابي مواز. ركزت وسائل الإعلام همها وجهدها علي التأكيد علي عدم شرعية الاتحادات الموازية، ومخالفتها القانون، ولم يقترب أحد من سؤال: «لماذا اتحاد مواز؟» بمعني آخر، إذا كان الاتحاد «الرسمي» يعبر عن رغبة الطلاب - أو بعضهم لا فرق - كانت فكرة الاتحاد الموازي ستنتفي بالتأكيد.
تابعنا جميعاً مهازل بلطجية الأمن في الجامعات، وإنكار المسؤولين ما حدث وإصابات الطلاب وسخط الجميع، وتحويل الطلاب للتحقيق وفصل الكثيرين منهم عقاباً لهم علي مشاركتهم في إنشاء الاتحاد الحر «وكأن الفصل يحل المشكلة ويعمل علي علاج أسبابها»، وكان الرهان هنا علي فكرة الترهيب والتخويف، فما كان من الطلاب، إلا أن اعتصموا بالمدينة الجامعية وقاموا بتلك العروض العسكرية المرعبة، ومرة أخري انهالت الصحف علي تجريم ما حدث.
النتيجة: اعتقال ١٨٠ طالباً ممن شاركوا في تلك العروض العسكرية. كل طالب من هؤلاء لديه قناعة ما سياسية أو دينية، يدافع عنها، كان دفاعه خاطئاً، طبقاً لسنه وخبرته ورؤيته، التي غالباً ما تنحصر في الأبيض والأسود، مع الحماس الشديد الذي قد يضعف التفكير الصحيح، لماذا لم يتوجه أساتذة جامعة الأزهر لهؤلاء الطلاب في محاولة للتوعية والإرشاد والتوجيه، أم أن الطالب نبت شيطاني ينمو في بيئة صحراوية؟ طلاب الإخوان المسلمين لديهم دائماً ما نسميه بشكل سياسي «مسؤول»، أين كان هذا المسؤول أثناء تلك العروض العسكرية؟
وسواء كان الأمر استعراضاً أم فقرة تمثيلية كما قيل، الأمر مرفوض في الحالتين. أسوأ ما حدث هو أن يتم اعتقال هؤلاء الطلاب، ليس فقط لأن الامتحانات تبدأ في خلال أسبوع، ولكن أيضاً لأنه لا يجوز اعتقال طالب، أو فصله عقاباً علي أفكاره.
الطالب أمانة في عنق الأستاذ، لا يجوز للأستاذ أن يفرط فيها بأي حال من الأحوال، أتمني أن أستمع لتفسير منطقي من أساتذة جامعة الأزهر، لماذا تركتم أبناءكم يتعرضون لما يحدث لهم الآن؟ أين دوركم في توجيه الطاقة والحماس بشكل إيجابي؟ هل ترون أنه من اللائق استعراض تشكيلات عسكرية في الحرم الجامعي أو المدينة الجامعية؟ بالتأكيد غير لائق، ولكن الاعتقال أيضاً مرفوض وغير مقبول.. عمال وفلاحين وطلبة.. الكل يدفع الثمن، ولا فرق

Wednesday, December 20, 2006

عن "الميلشيلت "الحقيقية


رغم اختلافي معهم الا أنهم يظلون دائما جزءا من ذاكرتي ، انهم زملائي من الاخوان الذين لازلت أذكر هتافاتهم وأناشيدهم طيلة فترة دراستي الجامعية ، كنت أقترب منهم وأبتعد ،أتفق معهم واختلف، تفرقنا الأيدلوجيات والأراء ويجمعنا حب الوطن والرغبة في التغيير ، سررت لما علمت بأمر الاتحاد الطلابي وسعدت بما تم انجازة في جامعتي القديمة عين شمس وقلت في نفسي ها هي جامعتنا التي اشتهرت بأنها "جامعة نايمة"تستيقظ بعد سبات مطالبة باتحاد حر وانتخابات نزيهة ، اما ما حدث في جامعة فيستحق منا جميعا وقفة وتاملا ، فبالطبع أخطأ الطلبة اذين لجأوا الى أسلوب الاستعراض العسكري ولا أعفيهم من المسئولية ولكن السؤال يبقى لماذا انبرى الأمن وادارة الجامعة لمواجهة "الميلشيات" المزعومة؟ في حين لم تثر ميليشيات البلطجية التي اقتحمت جامعة عين شمس حفيظة أحد ؟ ان ابسط تعريف للميليشيا هي ان تكون مسلحة وهو ما يجعل وصف الطلبة بالميليشيا وصفا مضحكا ، فالميليشيا الحقيقية هي تلك الموجودة على أبواب الجامعات والجاهزة لدهس أي تظاهرات للطلبة أيا كانت ،انها ميليشيا الأمن المركزي التي زادت أعداد مجنديه حتى وصلت الى أربعمائة وخمسين ألف شخص فيما وصفه البعض بالجيش الموازي ،ثم ان هذه الاستعراضات -وهو الأهم- روتين معتاد في الجامعات وفي تظاهرات الاخوان وشاهدتها بعيني في تظاهرات التضامن مع الانتفاضة الفلسطينية أعوام 2000و2001 و2002 ولم يعترض الأمن عليها قط، فما الجديد؟ أما الاعلام الرسمي -الذي أثبت حقا انه رسمي 100%فقد انشغل بالسؤال عن شرعية اتحاد الطلبة الحر أو الموازي ولم يسل السؤال الأهم وهو : ما شرعية تزوير الانتخابات وشطب أسماء المرشحين ؟ ما شرعية تدخل الأمن السافر في شئون الجامعة ؟ ما شرعية لائحة 1979 ؟ ما شرعية اعتقال الطلبة من بيوتهم ومن داخل المدينة الجامعية؟
قد كشفت هذه القضية ضمن ما كشفت عن اننا مجتمع منافق وان ازدواجية معاييرنا ا تق عن ازدواجية معايير جورج بوش
اقرأ ما كتبه الأستاذ فهمي هويدي عن الاخوان والتوربيني

Tuesday, December 12, 2006

عدنا والعود أحمد

شهران كاملان غبت فيهما عن هذه المدونة ، أسباب الغياب كثيرة ليس أقلها السفر وليس أكثرها "أكل العيش "شهران تتوالد داخلي رغبات في الكتابة عن أشياء كثيرة ولكني اتراجع عنها بعد التفكير ، حين أطالع معظم ما كتبته على هذه المدونة منذ أنشأتها قبل نحو 7 أشهر اكتشف اني لم أعبر عن نفسي الا في اقل القليل ، كتبت عن قضايا عامة كثيرة : داخلية وخارجية لكني لم اكتب عن ذاتي الا في أضيق الحدود ، لذا أرجو في الفترة القادمة وفي تدويناتي الأتية أن أكون أكثر تعبيرا عن ذاتي التي قد تعجب -بأرائها وأفكارها -البعض وقد لا تعجب البعض الأخر ، لكنها تظل .....ذاتي أنا

Thursday, October 19, 2006

وداعا ...أستاذ عودة


ثمة فئة نادرة من الكتاب والمفكرين ، يمثلون الذاكرة الحية لأوطانهم ويعتبرون أن مهمتهم مرهونة سجل النضال الوطني لأبناء شعبهم اضافة الى الدفاع عن تجربته النضالية ضد كل مشكك فيه أو منتقص من قدرها ، والى هذه الفئة النادرة كان ينتمي محمد عودة الذي ودعته مصر والعالم العربي صبيحة الثامن عشر من أكتوبر عام 2006 بعد صراع طويل مع المرض وبعد حياة حافلة بالعطاء في مجال الصحافة تجاوزت الستين عاما كان خلالها بحق أحد شيوخ هذه المهنة في مصر.
ولد محمد عودة عام 1920 م في قرية جهينة مركز فاقوس التابع لمحافظة الشرقية وكان والده واحدا من كبار تجار القطن ولكنه تأثر شأنه شأن غيره بالأزمة الاقتصادية التي ضربت مصر في الثلاثينات من القرن العشرين ، وكان الأسرة تطمح الى ان يصبح ابنها محاميا مرموقا ليتمكن من استرداد الأراضي التي فقدتها الأسرة ، وبالفعل انتقل الشاب الى القاهرة وانخرط في العمل بالمحاماة وذكر فيما بعد أنه قرأ مقولة لفرعون مصري جاء فيها أن مصر دولة زراعية ومن يريد أن يحكمها فعليه الاستياء على العاصمة ، فقرر ان يستولي على العاصمة!
وكانت الحادثة التي هزت وعي عودة وجعلته يغير مساره هو لدى عودته الى قريته وزيارته لأحد المرضى بصحبة طبيب صديق له وحين أدرك الطبيب أن المريض مصاب بداء الكوليرا وأن حالته ميئوس منها سأله "نفسه في ايه" فأجاب المريض ببساطة :"نفسي في حلاوة طحينية"! فقد كانت الحلاوة بالنسبة لأمثاله من فلاحي مصر في تلك الفترة أمنية غالية لا يستطيعون الحصول عليها!
وجعلت هذه الحادثة عودة يغير مجال اهتمامه –وعمله- من المحاماة الى السياسة والكتابة بحثا عن وسائل لتغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية المتردية التي شهدها ،وبدأ مسيرته من الهند التي ذهب اليها في أوائل الخمسينيات للعمل في الاذاعة الموجهة للدول العربية خلفا للكاتب كامل زهيري ولعل ما شهده في قريته هو ما جذبه لتجربة الثورة الماوية في الصين ،فقد كانت ثورة قوامها الفلاحون ولذلك أصدر عن هذه التجربة أول كتبه "الصين الشعبية" وكان أول كتاب لكاتب عربي عن الصين وواجه صعوبات رقابية جمة وتعرض للكثير من الحذف ، مما أخر صدوره الى ما بعد قيام ثورة 1952 التي قامت بنشر الكتاب كاملا دون حذف.
وبعد قيام ثورة يوليو عام 1952 م في مصر التحق عودة بالعمل في جريدة الشعب التي كان يرؤسها صلاح سالم عضو مجلس قيادة الثورة ، وقد شكلت ثورة يوليو منعطفا مهما في حياة محمد عودة ، فقد أمن بالثورة وفلسفتها الاصلاحية وشخص قائدها جمال عبد الناصر الى حد التماهي وكان يرى فيها امتدادا ووريثا شرعيا لكافة ثورات مصر منذ ثورة القاهرة ضد حملة نابليون بونابرت مرورا بتجربة محمد علي ووصولا الى الثورة العرابية.
واستمر عودة في العمل الصحفي وانتقل الى مجلتي روز اليوسف وصباح الخير ، وفي عام 1977 شغل منصب أول رئيس تحرير لجريدة "الأهالي" التي مثلت لسان المعارضة اليسارية ضد نظام الرئيس السادات، خاصة فيما يتعلق بسياسة الانفتاح الاقتصادي والصلح مع الدولة العبرية.
وخلال مسيرته الصحفية الطويلة ، قدم عودة للقارى عشرات الكتب ، عبر فيها عن توجهه القومي العروبي وكذلك عن ايمانه العميق بالاشتراكية كفلسفة ومنهاج وكان يرى في تجربة عبد الناصر أول تجربة ناجحة في الشرق لتطبيق الاشتراكية العلمية ،ومع اشتداد الحملة على الثورة وعلى التجربة الناصرية منذ منتصف السبعينيات تقريبا ، سخر عودة قلمه للدفاع عن هذه التجربة مستعينا بكم هائل من القراءات والوثائق العربية والأجنبية في الرد على منتقدي الثورة ومن هذه الكتب نذكر على سبيل المثال لا الحصر : "الباشا والثورة" الذي خصصه للرد على مؤسس حزب الوفد الجديد فؤاد سراج الدين و"الوعي المفقود" الذي كان بمثابة تفنيد لأراء الكاتب توفيق الحكيم التي أودعها كتابة "عودة الوعي" والذي مثل هجوم عنيفا في وقته على تجربة يوليو و"الطريق الى صنعاء" وفيه قدم عودة بأسلوب أدبي رفيع قصة الثورة اليمنية ومساندة مصر لها وقام بالرد على كافة الانتقادات التي كانت توجه الى التدخل المصري في اليمن.
ولم يختلف عودة المؤرخ عن عودة الصحفي ، فقد استطاع محمد عودة بقلمه الرشيق أن يؤسس بحق لمدرسة جديدة في الكتابة التاريخية ، فأغلب كتابات عودة التاريخية ليست كتبا أكاديمية جامدة وانما أستطاع صاحبها أن يجعلها أقرب ما تكون الى روايات أدبية قدمها الى القارى بسلاسة ويسر ،وتجلى ذلك في دراسته القيمة عن الحملة الفرنسية على مصر ومقاومة الشعب المصري لها والتي نشرت على صفحات مجلة روز اليوسف وكذلك كتابه عن الثورة العرابية بعنوان "قصة ثورة" ، وفي عام 1997 أصدر عودة كتابه المرجع "ليبراليون وشموليون" والذي تناول فيه قصة وتاريخ الديمقراطية والحزبية في مصر ، راسما بذلك صورة لكفاح طويل من أجل الحرية بدءا من تأسيس الحزب الوطني في أواسط القرن التاسع عشر وهو الحزب السياسي الأول من نوعه في الشرق ، حيث سبق حزب الكومنتانج الصيني و حزب المؤتمر في الهند ، وتأسيس مجلس النواب مرورا بالثورة العرابية والمقاومة الشعبية الباسلة للاحتلال البريطاني وصولا الى النظام السياسي المتعدد الأحزاب والتوجهات والذي عرفته مع بدايات القرن العشرين.
وكانت أخر اضافات عودة الى المكتبة هو كتابه "كرومر في مصر" الذي استكمل فيه ما بدأه في ليبراليون وشموليون ، حيث رصد قصة الصراع بين الاحتلال البريطاني في مصر ممثلا في مندوبه السامي اللورد كرومر وبين الحركة الوطنية المصرية ممثلة في زعيمها الشاب مصطفى كامل ،والذي وصل الى ذروته في مذبحة دنشواي عام 1906 والتي تمكن مصطفى كامل من اشتخدامها للتنديد بالاحتلال في عقر داره ، لتنتهي المواجهة بهزيمة كرومر ومغادرته مصر في العام 1907 م.
وبعد، فقد كان عودة نموذجا للمثقف العضوي الذي يقرن القول بالفعل والفكر والفكر بالممارسة ،فكان أحد المشاركين بقوة في حركة التغيير التي شهدت مصر فعاليتها في العام السابق لوفاته وكان يرى أن السبيل الوحيد لخروج مصر من أزمتها الحالية وان بدا رومانسيا الا أنه يتمثل في تكوين جبهة قومية من خمسة تيارات رئيسية : التيار الليبرالي الوطني بمعناه العصري والتيارالقومي الناصري أو تيار الاشتراكية العلمية والتيار الماركسي الوطني الملائم لمصر والتيار الديني غير المتشدد أو ذو المرجعية الاسلامية المستنيرة.وأخيرا ، فقد بقي محمد عودة على مدى أكثر من ستين عاما قضاها في ميدان الصحافة مصريا ، مثقفا وطنيا مخلصا لقلمه ووطنه ، ذلك الوطن الذي ذاب في كيان الكاتب وذاب الكاتب في كل ذرة من ذراته

Monday, October 09, 2006

لوددت أن أكون كوريا

في الوقت الذي كان فيه الحزب الوطني الجاثم فوق صدور المصريين منذ أكثر من ربع قرن يبشرنا في مؤتمره السنوي بأنه سيدخل مصر الى العصر النووي ، هذا في مؤتمر عقد بحضور ومباركة السفير الأمريكي في القاهرة ديفيد ولش ،يعني باختصار نووي موافق عليه امريكيا وأغلب الظن لن يزيد عن فرقعة بمب ، في نفس الوقت كان كوريا الشمالية تجري وبنجاح تجربتها النووية الأولى وقالت المصادر الكورية أن التجربة تمت بنسبة نجاح تصل الى 100%معلنة بذلك دخولها الى نادي الدول النووية دون اذن أمريكي مسبق،وعلى الفور وكما هو متوقع أدان البيت الأبيض التجربة ووصفها ب"العمل الاستفزازي" ولكن الجديد هنا هو اللهجة الأمريكية التي رفعت الموضوع برمته الى مجلس الأمن وكأن أمريكا لم تتجاهل نفس هذا المجلس عام 2003 حين هاجمت العراق واحتلت أراضيه بنفس الحجة "امتلاك أسلحة دمار شامل"،ان وراء تغير اللهجة الأمريكية معادلة القوة وتوازن الرعب الذي لا يتحقق للدول الا في حالة امتلاكها لسلاح ردع وهوما تحقق في حالتي كوريا الشمالية وايران وهو قطعا ما لم ولن نتلمكه في مصر طالما بقي متربعا على صدورنا حكم الحزب النووي ...قصدي الوطني

Saturday, October 07, 2006

أزنار وفتح ملفات الاستعمار


في سياق ردود الأفعال المتواصلة على تصريحات بابا الفاتيكان التي وصفت بالمسيئة للإسلام، طالب رئيس الوزراء الأسباني السابق "خوسيه ماريا أزنار"، المسلمين بالاعتذار عن "احتلالهم" أسبانيا لثمانية قرون، ردا على مطالبة المسلمين لبابا الفاتيكان بالاعتذار عن محاضرته المسيئة للعقيدة الإٍسلامية!.حين قرأت هذا الخبر للوهلة الأولى لم أصدق أنه حقيقي وتصورت انه أقرب ما يكون إلى مزحة ثقيلة الظل، خاصة مع تصريح أزنار الأكثر عنصرية الذي اعتبر فيه أن "الغرب والإسلام حاليا في حالة حرب، فإما نحن أو هم"!.تصريحات أزنار تطرح أكثر من تساؤل ولكن أهم التساؤلات هي: هل "احتل" العرب بلاده حقا لمدة ثمانية قرون بحيث يصبح من الواجب عليهم الاعتذار؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، فما هي "الجرائم" التي ارتكبها العرب والمسلمون خلال فترة "احتلالهم" لأسبانيا وتستوجب الاعتذار عنها؟ والسؤال الأهم هو هل جاء الوقت لفتح ملف احتلال الدول لبعضها البعض وهل اسبانيا بشكل خاص وأوروبا بشكل عام على استعداد حقا لفتح هذا الملف الشائك؟
بداية: يجب الوقوف عند ما يعتبره أزنار احتلالا لأسبانيا، فقد دخل العرب إلى الأندلس كما أسموها في عام 711م، حين كانت لا تزال خاضعة لحكم السلالة القوطية، وكان أحد أبرز من ساعد المسلمين في فتح الأندلس الحاكم الاسباني "يليان" حاكم طنجة، الذي عبر المسلمون البحر على متن سفنه.وحين انتصر جيش المسلمين بقيادة طارق بن زياد على قوات القوط بقيادة ملكهم لذريق، فإن الفاتحين الجدد لم يواجهوا بمقاومة تذكر من قبل الشعب وهو يتوغل داخل البلاد، ويعزو كثير من المؤرخين ذلك للعداء المتأصل بين السلالة القوطية الحاكمة متمثلة في لذريق أو "ردريك" وبين عامة الشعب، الذي كان يعاني من وطأة نظام إقطاعي جائر وحياة مثقلة بالضرائب الباهظة، مما جعله يرى في دخول المسلمين للبلاد فرجا وخروجا من مستنقع الفقر والاستبداد الذي مارسه الحكام القوط بحق الأسبان
وعلى مدى القرون التالية للفتح بشكل عام وبعد تأسيس بني أمية لمملكتهم الثانية في الأندلس بشكل خاص، أسس المسلمون واحدا من أعظم نماذج التسامح الديني خلال حكمهم للأندلس، وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد شهدت مدينة أشبيلية ونظرا للتسامح الذي عامل الفاتحون العرب به أهل البلاد، توطد العلاقات بين الطرفين وكثر زواج العرب من الأندلسيات حتى أصبحوا في نهاية القرن الثالث الهجري يشكلون غالبية سكان أشبيلية.كما ظلت قرطبة التي اتخذها المسلمون عاصمة لحكمهم رمزا للتعايش بين أصحاب الديانات السماوية الثلاث الإسلام والمسيحية واليهودية،وعاش يهود الأندلس ما أسموه بـ"العصر الذهبي" في ظل الحكم العربي الإسلامي، وبرز منهم الفلاسفة مثل ابن ميمون، ووصل بعضهم إلى مرتبة الوزارة كوزير الخليفة الناصر، ودأب ملوك المسلمين على الزواج من نصرانيات من الشمال، ويحفل الشعر الأندلسي بقصائد تتحدث عن قصص عشق بين شعراء مسلمين وفتيات مسيحيات، مما يدل على مدى عمق التعايش الذي كان سائدا في ذلك الوقت.وبقي تأثير "الاحتلال العربي" -كما يسميه أزنار- قائما حتى بعد سقوط الحكم الإسلامي، فسقوط طليطلة عام 1085 م والتي كانت مركزا للترجمة جعل منها محطة هامة عبرت منها المعرفة إلى أوروبا، وظلت بعض الكتب العربية خاصة في مجال الطب ككتاب القانون لابن سينا، من المؤلفات المقررة في كثير من مدارس الطب في أوروبا حتى القرن السابع عشر، بل امتد التأثير إلى اللغة نفسها، حيث بقيت اللغة العربية في اسبانيا حتى القرن السادس عشر، وحتى اليوم توجد ما لا يقل عن 3000 كلمة في اللغة الأسبانية ذات أصول عربية
أما بعد حرب الاسترداد التي قادها الملك فرديناند والملكة إيزابيلا، الذي يفخر أزنار أنه من أنصارهما، فقد شهدت أسبانيا واحدة من أبشع صور الاضطهاد الديني ممثلة في محاكم التفتيش التي أنشأها الكاردينال خمنيس مطران طليطلة بأمر من فرديناند، وكان أول عمل لها هو جمع المصاحف وكتب العلم والفقه والحديث وحرقها في ميدان عام.ثم بدأت بعد ذلك عملية تنصير المسلمين التي شهدت تحويل المساجد إلى كنائس، وتم إجبار عدد كبير من الفقهاء والعلماء والعامة على التنصر وتم قتل من رفض منهم، وأصبح التمثيل بجثث القتلى المسلمين أمراً اعتياديا، ولم يسلم اليهود من التعذيب الوحشي وأحكام الإعدام التي تفرضها محاكم التفتيش، ففروا مع من فر من المسلمين إلى المغرب، حيث وجدوا فيها بين المسلمين الأمان الذي لم يجدوه في اسبانيا.
إذا كان المسلمون من وجهة نظر أزنار مطالبين بالاعتذار عن كل ما سبق، فهل اسبانيا أيضا مطالبة بالاعتذار عن قرون من الاحتلال لبلدان أمريكا اللاتينية؟ ذلك الاحتلال الذي بدأ باكتشاف كولومبوس لما اسماه بالعالم الجديد عام 1495 (أي بعد ثلاث سنوات من سقوط غرناطة) وتحول إلى استعباد لأبناء قارة بأكملها؟ هل اسبانيا مستعدة للاعتذار عن نهبها لموارد وثروات تلك البلاد لما يزيد عن خمسمائة سنة، وعن إهانة المعتقدات الدينية للسكان الأصليين وفرض ديانة الكنيسة الكاثوليكية الأسبانية عليهم؟
لقد فتح أزنار بتصريحاته ملفا شائكا، ملفاً سيكون الغرب أخر المستفيدين من فتحه

Friday, October 06, 2006

25 عاما على مقتل الفرعون


25 عاما على مقتل الفرعون
ربع قرن مضى على أحد أخطر أحداث مصر الحديث –ان لم يكن أخطرها على الاطلاق- وهو اغتيال الرئيس أنور السادات في 6 اكتوبر 1981 م على يد مجموعة تنتمي الى المؤسسة العسكرية ، بعد هذه الفترة الكافية ألم يحن الوقت لقتح ملف حادث المنصة ومعرفة المقدمات والأسباب التي أدت الى النتيجة التي شهدتها مصر والعالم صبيحة السادس من أكتوبر؟
خريف الانفتاح
لم يكن حادث المنصة حدثا منفصلا عما سبقه من احداث ولا يمكن النظر اليه الا في سياقها،فقد شكل العام 1981 الذروة بالنسبة لسياسة الانفتاح الاقتصادي (أو الباب المفتوح) التي انتهجها الرئيس السادات منذ 1974 ، فقد وعد الرئيس الشعب المصري الذي خرج لتوه من أتون حرب عام 1973 ب"سنوات من الرخاء في انتظاره " وأخذ الاعلام الرسمي المصري يبشر بهذا الرخاء المنتظر ، ولكن الواقع عكس صورة مختلفة، فسياسة الانفتاح الاقتصادي التي اعتمدت بالأساس على تحول مصر من الاقتصاد الموجه الذي عرفته طيلة الفترة الناصرية الى الاقتصاد الحر الذي كانت تروج له الولايات المتحدة في ذلك الوقت لم تؤتي نتائجها المرجوة، فخلال المرحلة الأولى للانفتاح (1974-1977) كان معدل النمو الاقتصادي بطيئا و لم تظهر الأثار المرجوة من السياسات الجديدة ولكن الأثر الحقيقي ظهر في الفترة (1975-1980) ففي دراسة لمنظمة العمل الدولية قام باعداها بنت هانس وسمير رضوان خلصت الدراسةالى أن: -معدل نصيب الصناعة في الناتج المحلي الاجمالي تناقص من 20.4 في أوائل السبعينيات الى 17% في 1979
-تناقص نصيب الزراعة بدوره من 32% الى 24 % في نهاية السبعينيات
-تراجع نصيب قطاع الاسكان من 5.7 % في منتصف الستينات الى 2.4 في أواخر السبعينيات .
كما شهدت هذه الفترة واحدا من أعلى معدلات التضخم في تاريخ الاقتصاد المصري حيث تراوح معدل التضخم بين 20 و30 % وتزايد العجز العام في الميزانية الى 1450 مليون جنيه عام 1979/1980 .
لقد خلقت سياسة الانفتاح بشكل عام طبقة جديدة مستفيدة من الانقتاح على الغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة في حين هوت بالطبقة الوسطى بعد فقدها لكافة المكتسبات التي حصلت عليها سابقا مما خلق حالة واسعة من السخط على النظام بين أبناء هذه الطبقة.
عروبة على الطرية الأمريكية
خضع مفهوم العروبة عند السادات تماما كمفهوم الوطنية لمعايير براجماتية بحتة ، فشهدت السنوات الأولى من حكمه تقاربا مع كل من سوريا وليبيا وشهدت حرب أكتوبر 1973 تحالفا مصريا سوريا على مستوى الجبهة وتضامنا عربيا واسعا تمثل في استخدام سلاح النفط العربي ، اما في اعقاب الحرب فقد شهدت نفورا من قبل الرئيس السادات من سوريا وليبيا رغم التحالف السابق بينهم وزاد الرئيس تقاربا مع الدول ذات العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة كالسعودية ، لكن أحداث يناير 1977 أو ما عرف بانتفاضة الخبز شكلت تحولا في خطاب الرئيس السادات فيما يتعلق بدور مصر العربي ، فصار العرب والفلسطينيين في مقدمتهم وفقا للخطاب الساداتي-والاعلام الرسمي المصري- السبب في تعطيل عجلة التنمية في مصر بسبب الحروب العربية –الاسرائيلية المتعاقبة وبدا هذا الخطاب طبيعيا في اطار التمهيد لزيارة السادات الى القدس وما أعقبها من توقيع لاتفاقيات السلام مع اسرائيل مكرسة بذلك مرحلة القطيعة التامة بين مصر والدول العربية (1977-1981) .
كانت النتيجة الحتمية لهذه السياسة الخارجية كما يصفها الكاتب محمد حسنين هيكل في كتابه خريف الغضب الى أن يقوم السادات ب"عزل بلاده عن بقية العالم العربي الذي تنتمي اليه وكانت تلك مفارقة محزنة ، ففي اللحظة التي زادت اهمية العالم العربي الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية ،فان مصر خرجت منه"
ويضيف هيكل:"لم يجد السادات ما يفعله غير أن يعلق كل دور مصر وطموحاتها رهنا للسياسة الأمريكية وحتى من وجهة نظر اقتصادية بحتة فقد كانت تلك صفقة خاسرة."
ديمقراطية ذات أنياب
على مستوى الحريات العامة ، شهدت الفترة (1974-1977) انفراجة نسبية في هذا المجال خاصة مع تجربة المنابر التي طبقها الرئيس السادات ومع فتح الجامعات المصرية أمام كافة التيارات السياسية ، لكن أحداث يناير 1977 دفعت الرئيس السادات الى اتخاذ اجراءات أكثر تشددا فيما يتعلق بالحريات ، فخضعت الجامعات المصرية للائحة 1979 م التي حظرت العمل السياسي في الجامعة وحصرت النشاط الطلابي في الرحلات والندوات وأعطت مساحة موسعة لدور الحرس الجامعي ، وتحولت الجامعات تدريجيا الى ساحة للصدام بين التيار اليساري(الناصري والماركسي) والتيار الاسلامي ، ذاك التيار الذي شجعه السادات في بداية السبعينيات ثم وصلت العلاقة بينهما الى القطيعة بعد الصلح مع اسرائيل.
المنصة
كان حادث المنصة نتيجة طبيعية لكل ما سبق ، اذ لم يكن خالد الاسلامبولي رفاقه مجموعة منفصلة عن الواقع المصري، لقد كانوا في أغلبهم من أبناء الطبقة الوسطى التي تأثرت بشكل حاد بسياسة الانفتاح الاقتصادي ، وكانوا من المنتمين الى التيار الديني الرافض لاتفاقيات السلام مع اسرائيل ،كانوا وباختصار شديد نتاج أحد عشر عاما من حكم أنور السادات.

Sunday, September 24, 2006

خطاب الانتصار

النص الكامل لكلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في مهرجان الانتصار الإلهي الذي أقامه حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت

إدراج خاص الانتقاد.نت بتاريخ 22/09/2006الساعة 22:52.
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم يا أشرف الناس وأطهر الناس... الحمد لله الذي صدقنا وعده، والذي نصرنا ونصر لبنان وشعب لبنان على عدو لبنان. الحمد لله الذي أعزنا وثبتنا وأمننا. الحمد لله الذي عليه توكلنا وإليه أنبنا، وكان دائماً كما وعد: نعم المولى ونعم الوكيل. الحمد لله على نصره وعلى عونه وعلى تأييده. أيها الأخوة والأخوات، أيها السادة جميعاً: أنتم اليوم في الثاني والعشرين من أيلول تدهشون العالم من جديد، وتثبتون بحقٍّ أنكم شعب عظيم، وأنكم شعب أبيّ، وأنكم شعب وفي، وأنكم شعب شجاع.
منذ أيام، وكثيرون يشنون حرباً نفسية على هذا المهرجان كما كانوا يشنون حرباً نفسية على المقاومة. لقد قالوا إن هذه الساحة ستقصف وأن هذا المنبر سيدمر ليخيفوا الناس ويبعدوها، انتم في 22 من أيلول تثبتون بتتويجكم لاحتفال النصر أنكم أشجع من 12 تموز وأشجع من 14آب. نعم، أنا أقف أمامكم وبينكم، فيه مخاطرة عليكم وعلي، وكان هناك خيارات أخرى، ولكن إلى قبل نصف ساعة ونحن نتناقش، إلا أن قلبي وعقلي وروحي لم تأذن لي أن أخاطبكم من بعيد ولا عبر شاشة.
أقصى ما يتوقعه إنسان هو أن يقدم العدو على خطأ أو جريمة، ولكن ألا يعرف هذا العدو من نحن؟ نحن أبناء ذاك الإمام الذي قال: أبالموت تهددني يا بن الطلقاء، إن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة.
أهلاً بكم جميعاً... من الجنوب المقاوم المقاتل، إلى البقاع الصامد، إلى الشمال الوفي إلى الجبل الأبي، إلى بيروت العروبة، إلى ضاحية العزة والكرامة، أهلاً بكم جميعاً .. من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أهلاً بكم جميعاً، من سوريا، من إيران، من الكويت، من البحرين، من كل بلد جاءنا محتفياً محتفلاً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. السلام على شهدائكم وعلى عوائل شهدائكم.. السلام على جرحاكم وجراح جراحكم النازفة.. السلام على أسراكم، السلام على دمائكم ، السلام على دموعكم، السلام على أيتامكم، السلام على أراملكم، السلام على بيوتكم المهدمة، السلامة على أرزاقكم المحروقة، السلام على أرواحكم وإرادتكم الصلبة التي هي أصلب من جبال لبنان.
نحن اليوم نحتفل بنصر إلهي تاريخي استراتيجي كبير، وكيف يمكن لعقل بشري أن يتصور أن بضعة آلاف من أبنائكم المقاومين اللبنانيين، ولو شئت لقلت العدد بالدقة والتحديد، وقفوا 33 يوماً في أرض مكشوفة للسماء وأمام أقوى سلاح جو في منطقة الشرق الأوسط وله جسر ينقل إليه القنابل الذكية من أمريكا إلى بريطانيا إلى "إسرائيل"، وأمام 40 ألف ضابط وجندي، أربعة ألوية من النخبة وثلاثة فرق من جيش الاحتياط وأمام أقوى دبابة في العالم وأمام أقوى جيش في المنطقة، كيف يمكن لبضعة آلاف فقط أن يقفوا ويقاتلوا في ظروف قاسية صعبة من هذا النوع ويؤدي قتالهم إلى إخراج البوارج البحرية من مياهنا الإقليمية، (وبالمناسبة الجيش والمقاومة قادران على حماية المياه الإقليمية من أن يدنّسها صهيوني)، وتدمير دبابات الميركافا مفخرة الصناعة الإسرائيلية، وتعطيل المروحيات الإسرائيلية في النهار ولاحقاً في الليل، وتحويل ألوية النخبة، وأنا لا أبالغ، شاهدوا الإعلام الإسرائيلي، وتحويل ألوية النخبة إلى فئران خائفة مذعورة من أبنائكم، تخلٍّ عالمي وعربي عنكم، وفي ظل انقسام سياسي من حولكم، وإن كان التضامن الإنساني عالياً، كيف يمكن لهذه الثلة من المجاهدين أن تهزم هذا الجيش، إلا بنصر من الله وعون من الله وتأييد من الله سبحانه وتعالى. هذه التجربة، تجربة المقاومة التي يجب أن تنقل إلى العالم، تعتمد على الإيمان واليقين والتوكل والاستعداد للتضحية في الجانب المعنوي والروحي، ولكنها أيضاً، تعتمد على العقل والتخطيط والتنظيم والتدريب والتسليح، وكما يُقال الأخذ بالأسباب.
لسنا مقاومة عشوائية، لسنا مقاومة سفسطائية ولسنا مقاومة مشدودة إلى الأرض لا ترى إلا التراب، ولسنا مقاومة فوضى. المقاومة التقية المتوكلة العاشقة العارفة، هي المقاومة أيضاً العالمة العاقلة المخططة المدربة المجهزة. هذا هو سر الانتصار الذي نحتفل به اليوم.
أيها الأخوة والأخوات، هذا الانتصار بحاجة إلى وقفة شجاعة كوقفتكم اليوم، أنتم اليوم تقدمون رسالة سياسية ومعنوية شديدة وبالغة الأهمية والخطورة للبنانيين، للعرب، لكل العالم، للصديق وللعدو. أنتم أذهلتم العالم عندما صمدتم كشعب في لبنان من 12 تموز إلى 14 آب، وكانوا يراهنون على انقسامنا وتفتتنا، وصمدتم كل هذه المرحلة، من هُجر ومن احتضن.
وجاء الرابع عشر من آب، وكانوا يراهنون أن بقاء المهجرين في أماكن التهجير سوف يشكل ضغطاً على المقاومة لفرض المزيد من الشروط عليها، وهي لم تخضع لشروط، ولكن من جديد أذهلتم العالم عندما ركب المهجرون سياراتهم والشاحنات وبعضهم على الأقدام وعند الساعة الثامنة صباحاً كانت الضاحية والجنوب والبقاع تمتلئ بأهلها العائدين، المرفوعي الرأس، الأعزاء، الكرام.
اليوم، أنتم تذهلون العالم وتقولون للأميركي الذي تكلم قبل أيام وقال: وصلتنا إشارات طيبة من لبنان أن المقاومة تراجعت شعبيتها وبدأت تضعف وتنهار! هذا هو شعب المقاومة.. أنا أقول لهذا الأميركي: عليك أن توجه كتاب ذم وقدح لكَتَبَة التقارير الكذابين الذين يرسلون لكم معلومات خاطئة وتبنون عليها حسابات خاطئة.
يجب أن نؤكد اليوم أن هذه الحرب كانت حرباً أميركية بالقرار وبالسلاح وبالتخطيط وبالإرادة وبإعطاء المهلة تلو المهلة للصهاينة: أسبوع، أسبوعين، ثلاثة، أربعة.. والذي أوقف الحرب هو عجز الصهاينة.
إذا ذكرتم الأيام الأخيرة، أكبر عدد من الدبابات دمر يوم الجمعة والسبت والأحد. أكبر عدد من قتلى جنود الاحتلال سقطوا يوم الجمعة والسبت والأحد، المروحيات سقطت الجمعة والسبت والأحد، ولذلك أدرك الصهاينة أنهم لو استمروا فستكون كارثة، فتدخل الأميركي وقبِل حتى بالمسودات، قَبِل لتقف الحرب.
أوقفوا الحرب ليس من أجل لبنان ولا من أجل أطفال لبنان ولا من أجل دماء النساء في لبنان ولا من أجل لبنان الجميل، أوقفوا الحرب فقط من أجل إسرائيل، وأتوا ليبيعونها لنا في لبنان، أن أصدقائنا الأمريكان أوقفوا الحرب؟ أصدقائنا الأميركان أول يومين لم يقبلوا أن يوقفوا الحرب، وأول أسبوع لم يقبلوا وثاني أسبوع لم يقبلوا وثالث أسبوع لم يقبلوا ورابع أسبوع لم يقبلوا! ألم يكونوا مشاهدين لجمال لبنان شهراً كاملاً، وإنما كانوا يراهنون، وهذه العبارة استخدمت في بعض القنوات الدبلوماسية، كان القرار أن يسحق حزب الله، وبعد سحق حزب الله تتم تصفية الحساب مع كل أصدقائه وحلفائه وأبناء الخط الوطني السيادي الحقيقي الاستقلالي في لبنان.
الذي أوقف الحرب بعد فضل الله عز وجل، أبناؤكم المقاومون وهذا الشعب الأبي الوفي الشجاع الذي احتضن المقاومة ودعمها من الحدود إلى الحدود، والذي ضمّها في مساجده وكنائسه وأديرته ومدارسه، هذا هو الذي أوقف الحرب. وإذا كان من أحد يحق له أن يحتفل بالنصر فهو أنتم الموجودون هنا.
نختلف: هل ما جرى في لبنان نصر أم هزيمة، وأنا لا أريد أن أدخل في هذا السجال، ولكن أقول لكم: من يشعر أن خياره ومشروعه وخطه ورؤيته هي التي انتصرت، يشعر بالنصر ويتحدث عنه، ومن يعتبر أنه هو الذي هزم والذي سقط يتحدث عن الهزيمة.
نحن نشعر أننا انتصرنا وأن لبنان انتصر وأن فلسطين انتصرت وأن الأمة العربية كلها انتصرت وأن كل مستضعف ومظلوم ومحروم ومعتدى عليه في هذا العالم أنه انتصر.
ونصرنا ليس انتصار حزب.. أعيد ما قلته في بنت جبيل في 25 أيار عام 2000 ، ليس انتصار حزب، ليس انتصار طائفة، ليس انتصار فئة، هو انتصار لبنان الحقيقي وشعب لبنان الحقيقي وكل حرّ في هذا العالم. لا تحوّلوا الانتصار التاريخي الكبير، لا تسجنوه في علب حزبية أو مذهبية أو طائفية أو قطرية، هذا نصر أكبر بكثير مما تطيقه عقولنا ومما تستوعبه عقولنا. الأسابيع والشهور والسنوات المقبلة هي التي ستؤكد هذا المعنى. يكفي أن أقول في النتائج المباشرة: إن مقاومتكم وصمودكم أفشل كل أهداف العدوان، وهذا انتصار. إن مقاومتكم وصمودكم وجهت ضربة قاسية لمشروع الشرق أوسط الجديد الذي تحدثت كوندليزا رايس أن مخاضه كان في حرب تموز، ولكنه أصبح سقطاً لأنه ولد غير شرعي. مقاومتكم وصمودكم فضحت السياسات الأميركية الخداعة التي تتحدث عن حقوق الانسان والحريات والديموقراطية والاحترام. صمودكم ومقاومتكم فضح أمريكا ورفع منسوب الوعي والعداء (الوعي قبل العداء) ليس في العالم العربي فقط، ليس في العالم الإسلامي فقط، في كل العالم. بصمودكم ومقاومتكم يستطيع رجل، أستطيع أن أقول عنه عربي كبير كبير كبير كتشافيز أن يقول ما قاله بالأمس في الأمم المتحدة: المقاومة اللبنانية اليوم هي تلهم كل مقاومي العالم وكل أحرار العالم وكل أشراف العالم وكل الرافضين للخضوع والإذلال الأميركي في العالم.
هذا هو انتصارنا وهذه هي نتيجة معركتنا أيضاً. مقاومتكم كما قدمت انتصار عام 2000 نموذجاً لمقاومة التحرير في 2006، قدمت نموذجاً للصمود، الصمود الاسطوري، الصمود المعجزة، وهذا سيصبح حجة وأصبح حجة على كل العرب وعلى كل المسلمين، على الحكام وعلى الجيوش وعلى الشعوب.
بالأمس ذهبت مجموعة الدول العربية إلى مجلس الأمن تستجدي سلاما وتسوية، وأنا أقول لهم لا أحدثكم عن إزالة "إسرائيل"، أحدثكم عن التسوية التي تطلبونها، كيف ستحصلون على تسوية مشرفة وأنتم تعلنون صباح مساء أنكم لن تقاتلوا لا من أجل لبنان ولا من أجل غزة ولا من أجل الضفة الغربية ولا حتى من أجل القدس. كيف ستحصلون على تسوية معقولة وأنتم تعلنون في كل يوم أنكم لن تستخدموا سلاح النفط، وحتى إذا جاء أحدكم يحدثكم عن سلاح النفط "صرتم تتمصخروا فيه وتتمهزأوا فيه"، هذا الحكي تخلف!
لا تريدون أن تقاتلوا ولا تريدون أن تقاطعوا ولا تريدون استخدام سلاح النفط ولا تسمحون للناس أن ينزلوا إلى الشارع ولا تسمحون للمقاومة في فلسطين أن تتسلح وتحاصرونها ولا تعطونها المال وتجوعونها وتقطعوا عنها الرواتب فقط من أجل كونداليزا رايس، هؤلاء كيف سيحصلون على "تسوية عادلة أو مشرفة"؟ هل الإسرائيلي يعترف بكم أصلا؟ أقول لكم إنّ الإسرائيليين ينظرون اليوم إلى المقاومة في لبنان وإلى شعبها باحترام وتقدير كبيرين، أم كل هؤلاء الأذّلاء فلا يساوون شيئاً.
حتى من أجل المبادرة العربية التي أجمعتم عليها في بيروت "بدها وقفة ورجال وقوة"، لا تريدون استخدام القوة، إذاً هددوا بها ولوّحوا بها، أما القول أننا ضعيفون، فشعب لبنان أقام الحجة على كل شعوب العالم، مقاومة لبنان أقامت الحجة على كل الجيوش العربية والإسلامية. الجيوش العربية والشعوب العربية ليست قادرة فقط على تحرير غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، بكل بساطة وبقرار صغير وببعض الإرادة هم قادرون على استعادة فلسطين من البحر إلى النهر، لكن المشكلة عندما يضع إنسان نفسه بين خيارين: بين شعبه وعرشه فيختار عرشه، بين القدس وعرشه فيختار عرشه، بين كرامة وطنه وعرشه فيختار عرشه.
ميزة المقاومة في لبنان وميزة المقاومة في فلسطين أنها اختارت كرامة شعبها ومقدساتها وحرياتها وقدمت قادتها وأبناءها وأعزاءها قرابين لترحل إلى عرش الله سبحانه وتعالى. اليوم مقاومتكم هزّت صورة إسرائيل: صورة الجيش الذي لا يقهر أنهيناها، مقولة الدولة التي لا تقهر أنهيناها، بِجَدٍّ "خْلُصْنَا"، أنا لست أجامل وأطلق شعارات، يكفي أن تقرأوا ماذا يجري في فلسطين المحتلة وماذا يقول الصهاينة وماذا يجري بين جنرالات إسرائيل وقادتها، وها هو (إيهود) أولمرت يحتج علينا اليوم ولماذا نعمل احتفال بالنصر اليوم؟ صحيفة يديعوت أحرونوت أجرت استطلاعا للرأي يقول: من ترى شخصا لائقا لرئاسة الوزراء في إسرائيل، أولمرت أخذ 7 بالمئة، ووزير الحرب البطل أخذ واحد بالمئة!
هذه "إسرائيل" المهزوزة في كيانها السياسي والمهزوزة في مؤسستها العسكرية والمهزومة في استخباراتها تغيرت صورتها اليوم، ولا يستطيع أي حاكم عربي وأي نظام عربي أن يذهب ويقدم تنازلات جديدة ويخضع لشروط مذلة ويحتج لذلك أمام أمّتنا ويقول نحن لا نستطيع أن نفعل شيئا مع "إسرائيل".
في يوم من الأيام قال رجل كهل كبير في السن عارف بزمانه ومكانه وعصره: لو حمل كل واحد منّا دلوا من الماء ورماه على فلسطين المحتلة لزالت "إسرائيل" من الوجود. عندما يقف مئة أو مئتين أو ثلاثمئة مليون إنسان فبإمكانهم أن يهزموا "إسرائيل"، عدّة آلاف في لبنان هزموا "إسرائيل". هذه الحجة سقطت ونحن يجب أن ندخل إلى مرحلة جديدة وإلى عصر جديد، العصر الذي نملي فيه شروطنا على العدو، العصر الذي نستعيد فيها كرامتنا وحريّتنا وسيادتنا ومقدساتنا.
إننا في يوم النصر الإلهي وقبل أن أتحدث في الشأن الداخلي، كما في يوم 12 تموز أريد أن أؤكد على وصيّتين: قلوبنا ومشاعرنا وأحزاننا اليوم هي فلسطين، هي في غزة ورام الله ونابلس، هي في جنين، هي في القدس، هي في كل بلدة وقرية ومخيم فلسطيني يقصف في كل يوم وشاب فلسطين يقتل في كل يوم وبيوت فلسطينية تهدّم في كل يوم والعالم كله ساكت، العالم العربي قبل العالم الآخر. إلى متى سوف يبقى هذا السكوت، إلى متى سنتحمل هذا العار. ولا يطلب أحد أن ترسلوا جيوشكم لتدافع عن شعب فلسطين، فقط لنقدم الدعم لهذا الشعب، الدعم المعنوي والسياسي والمالي والتسليحي، وفي فلسطين قادة وعلماء وفصائل وحركات وشباب ورجال ونساء وأطفال قادرون أن يجددوا المعجزة الإلهية على أرض فلسطين.
والرسالة الثانية هي العراق، العراق الذي يجب أن ننظر إليه كلبنانيين، كنموذج، لو نجحت الحرب في لبنان كان الأمريكيون يريدون تعميم هذا النموذج فيه، نحن في الحرب قدمنا شهداء كلبنانيين، من المقاومة والجيش والقوى الأمنية والدفاع المدني والصليب الأحمر ووسائل الإعلام والمؤسسات والأحزاب المختلفة ومن شعبنا الحبيب، قدمنا قرابة ألف ومئتين شهيد، في العراق كل شهر يقتل عشرة آلاف وخمسة عشر ألفا، في حرب عبثية يديرها ويمولها ويحرض فيها الأمريكي والموساد. نحن، المقاومة في لبنان، هي التي حمته من الحرب الأهلية. البعض يقول المقاومة في لبنان تدفع إلى حرب أهلية، أبداً، لو انتصرت إسرائيل لَدُفِعَ لبنان إلى حرب أهلية، ولسمعتم أصوات الفيدراليات والكانتونات والتقسيم واللغة الإسرائيلية التي كانت ستنطلق من جديد. العراق نموذج يجب أن نتوقف عنده دائما ويجب أن تبقى رسالتنا لشعبنا في العراق الصبر والهدوء والحكمة والتواصل وعدم الوقوع في الفتنة وعدم الرهان على العدو.
أمّا في لبنان فرسالتنا هي أنّ خلاصنا جميعا ورجاءنا وأملنا هو في بناء الدولة القادرة القوية العادلة العزيزة النظيفة، هذا هو الأمل، ومن المفترض أنّ هذا هو معقد الإجماع بين اللبنانيين. نحن من هنا نعلن وبدماء شهدائنا نعلن ونستبق الأمور ونقول: إنّ أي كلام في لبنان يتحدث عن التقسيم هو كلام إسرائيلي وإن أي كلام في لبنان يتحدث عن الفيدرالية هو كلام إسرائيلي وإنّ أي كلام في لبنان يتحدث عن كانتونات هو كلام إسرائيلي.
نحن اللبنانيين قدرنا وقرارنا ومصيرنا ومشيئة ربنا أن نعيش معا وسويا في دولة واحدة، نرفض أن تقسم وأن تجزأ ونرفض أن "تُفَدْرَلْ" وأن "تُكَنْتَنْ". الأصل الذي يحمي وحدة لبنان هو بناء الدولة القوية القادرة العادلة ، الذي يحمي سيادة لبنان من الأطماع الصهيونية هو الدولة القوية القادرة العادلة، الذي يعالج الأزمات المعيشية والإجتماعية للبنانيين وللمقيمين في لبنان هو الدولة القوية القادرة العادلة النظيفة العزيزة، وهذا ما نطمح إليه ونتطلع إليه جميعا. الدولة القوية القادرة تعني التي تستطيع وبعزة أن تستعيد كل شبر من أرضها المحتلة، وأن تحمي كل قطرة ماء من نهر الوزاني والليطاني والحاصباني، والتي تستطيع أن تمنع العدو من الاعتداء على سيادتها يوميا، والتي تستطيع أن تطمئن شعبها إلى أنّها تحميه بحق، تحميه بالسلاح وبالقوة وبالعقل وبالوحدة وبالتحصين وبالتخطيط وبالإرادة الوطنية، أمّا الدموع فهي لا تحمي أحد. نحن نريد هذه الدولة القوية والقادرة والعادلة والنظيفة والمستقلّة التي ترفض أي وصاية أو هيمنة أجنبية، الدولة الكريمة العزيزة التي لا تخضع لشروط مذلة، والنظيفة التي لا مكان فيها للسرقات ولا للهدر ولا لِلُّصوصية. هذه هي الدولة التي نحتاجها.
هذا هو المدخل الطبيعي لمعالجة مسألة المقاومة، هنا نأتي للسلاح "للذين قلوبهم محروقة بدُّن يحلو مسألة السلاح". أنا أقول لهم لا تعالجوا النتائج وتعالوا لنعالج الأسباب، ناقشونا بالمنطق، المقاومة نتيجة لسبب الاحتلال ولاعتقال الأسرى ولسلب المياه والتهديد للبنان والاعتداء على السيادة اللبنانية وهذه هي الأسباب، عالجوا الأسباب، والنتائج يمكن معالجتها بسهولة. عندما نبني الدولة القوية القادرة العادلة التي تحمي لبنان واللبنانيين سوف نجد بسهولة حلا مشرفا لمسألة المقاومة وسلاحها. أريد أن يسمع اللبنانيون بوضوح، نحن لا نقول إن هذا السلاح سيبقى إلى الأبد وليس منطقيا أن يبقى إلى الأبد، هذا السلاح لا بدّ له من خاتمة ومن نهاية، المدخل الطبيعي أن نعالج الأسباب فتنتفي النتيجة، تعالوا وابنوا دولة قوية عادلة تحمي الوطن والمواطنين وأرزاقهم ومياههم وكرامتهم وستجدون أن حل مسألة المقاومة لا تحتاج حتى إلى طاولة حوار. أمّا أن نأتي بالزمن إلى الوقت الذي ـ بدل أن يخرج الإسرائيلي من مزارع شبعا ـ يمدون له الشريط إلى الأمام، وبدل أن يحل مشكلة النقاط الحدودية يتقدم إلى الأمام في الخيام ومروحين وفي الضهيرة، وبدل أن نستفيد من حقنا القانوني من مياه الوزاني يأتي فيمد قساطلا ويسرق مياه الوزاني. هل هكذا يمكن أن نحمي الوطن وخيراته؟
لذلك أقول إنّ أي حديث عن "نزع" سلاح المقاومة أو "تسليم" سلاح المقاومة في ظل هذه الدولة وهذه السلطة وهذا النظام وهذا الوضع القائم يعني إبقاء لبنان مكشوفا أمام "إسرائيل" لتقتل من تشاء وتأسر من تشاء وتقصف كيفما تشاء وتسلب أرضنا ومياهنا، هذا بوضوح لا يمكن أن نقبل به. نحن لم قاتلنا منذ عام 1982 ولم يمضِ الشباب زهرة شبابهم في المقاومة ولم يتركوا حياة الرخاء والرفاه والترف ولا الهدوء، 24 ـ 25 سنة في المقاومة لا لتنتهي المقاومة و"إسرائيل" تحتل الأرض وتعتدي على العرض وتسلب الأمن وتسحب المياه والخيرات، أبدا لا والله. هذا هو الخيار الصحيح الطبيعي المنطقي العاقل المسؤول الوطني.
أمّا الخيارات الأخرى، أريد من هذا المهرجان الكبير وبحضور هذه الوجوه الطيبة والكريمة وهذا الجمهور الذي ينتمي إلى كل الطوائف في لبنان وإلى كل المناطق في لبنان وإلى عدد كبير من التيارات والأحزاب السياسية، أريد أن أقول لهم: إنّ الرهان على إنهاء المقاومة بالضغط والتهويل والحصار هو رهان خاسر. إنّ الرهان على إنهاء المقاومة من خلال جرّها إلى فتنة مع الجيش اللبناني كما يفكر البعض هو رهان خاسر، الجيش والمقاومة أخّان عزيزان حبيبان لا يمكن أن يفصل بينهما أحد. والذين يراهنون خارجا وداخلا وأينما كان هذا المراهن على نزع سلاح المقاومة من خلال حرب جديدة إسرائيلية أو غير إسرائيلية أحيلهم على (وزيرة خارجية العدو تسيبي) ليفني ووزير حرب العدو وموشي أرينز وزير الدفاع الأسبق الإستراتيجي وليسمعوا منهم الجملة الواضحة وأعيدها على مسامعهم، "كنّا نريد ـ هم يقولون ـ تفكيك حزب الله بالكامل لكننا اكتشفنا أنّ أي جيش في العالم لا يستطيع أن يفكك تنظيما كهذا التنظيم". وأنا أقول لهم إنّ أيّ جيش في العالم لن يستطيع أن يلقي سلاحنا من أيدينا وقبضاتنا طالما أنّ هذا الشعب الوفي والأبي يؤمن بهذه المقاومة، أنا لا أهدد بالسلاح، أنا أراهن على هذا الشعب الذي يحتضن المقاومة، أراهن على تلك المرأة الكبيرة في السن الجليلة التي وقفت بين الدمار وقالت: بيتي في بيروت تهدم وبيتي في الجنوب تهدم ونحن مع المقاومة ومع سلاح المقاومة، وقال آخر وأخرى وآخرون: إذا السيد حسن "بيسلِّم السلاح بيكون خاين"، وأنا أقول لهم : أعاهدكم يا شعبنا الأبي والوفي والعظيم إنّي لا أطمح إلى أن أختم حياتي بالخيانة بل بالشهادة.
كل هذه الرهانات هي رهانات خاسرة لأنّ هناك شعبا في لبنان ومقاومة في لبنان ترفض الاحتلال والذل والهوان والاستبداد والإهانة، وحاضرة أن تقدم أنفسها وأبناءها وأعزاءها من أجل الوطن. لبنان اليوم، بلا مبالغة، هو في منطقة الشرق الأوسط لم يعد كبيراً، هو قوة عظمى بكم، يحسب له كل حساب ويحسب له الغرب كل حساب وتحسب له "إسرائيل" كل حساب، وينظر إليه العالم المظلوم والمستضعف باحترام وتقدير واعتزاز وفخر.
حتّى لا يقلق أحد أعيد، لا نريد أن نحتفظ بالسلاح إلى أبد الآبدين، وأؤكد كما خلال 25 سنة، هذا السلاح ليس للداخل ولم يستخدم للداخل، هذا ليس سلاحا شيعيا، هذا سلاح لبناني، هذا سلاح المسلم والمسيحي، هذا سلاح السني والدرزي والشيعي، هذا سلاح كل لبناني يتطلع لحماية لبنان ولسيادة لبنان واستقلال لبنان. وأنا أعاهدكم أنّ هوية ووقفيّة هذا السلاح سوف تبقى هكذا وهذا عهد مع الله وعهد مع الأمّة وعهد مع الشهداء.
المدخل إذاً بناء الدولة العادلة القوية المقاومة العزيزة الشريفة النظيفة، وإن كان هذا هدف كبير جدا، وكي لا نبقى في النظريات، لن نقف اليوم لنقول سقط من سقط في الإمتحان ونجح من نجح في الإمتحان. سأقول نحن جميعا مهما اختلفنا ومهما تنافسنا ومهما صَعُبَت الأمور بيننا على المستوى النفسي والسياسي، نحن في مأزق حقيقي في لبنان ولا أحد يقدر على القول نحن أكثرية "وما في شي وكل شي تمام البلد ماشي وماشي الحال، مش صحيح".
هناك مأزق حقيقي في لبنان اليوم خصوصا بعد الحرب، هناك انقسام وطني حاد وليس هناك انقسام مذهبي، الخلاف الذي يجري هو ليس خلافاً شيعياً سنياً أو خلافاً مسلمين ومسيحيين أو خلاف دروز وسنة وشيعة ومسيحيين، أبدا.
هناك انقسام سياسي وطني، هناك خيارات استراتيجية وسياسية كبرى تتفق عليها قوى سياسية شيعية وسنية ودرزية ومسيحية، وهناك خيارات أخرى تتفق عليها قوى سياسية من نفس الطوائف، وعندما خرج البعض من الشيعة ليقول كلام آخر غير كلام حزب الله وحركة أمل ظنوا أننا سنحزن، نحن كنا سعداء لأن خروج أصوات أخرى تؤيد الموقف الاخر سيؤكد أن النزاع هنا ليس نزاع مذهبيا وإنما هو نزاع سياسي .
شاهدوا الحسابات الخاطئة، حتى عندما يريدون ايذاءنا ينفعوننا، إذاً نحن أمام انقسام وطني، وندائي اليوم في مهرجان النصر الذي صنعه اللبنانييون من كل الطوائف ومن كل المناطق، أريد أن أنبه وأقول لا تسمحوا لأحد أن يحول الانقسام السياسي إلى انقسام مذهبي وانقسام طائفي، يحرم تحريك المذهبيات والطوائف للدفاع عن خيارات سياسية. هذا لعب بالنار وتخريب للبلد وهذا تدمير للبلد. نعم في الخيارات السياسية نحن منقسمون، نتنافس، نتحاور، نختلف، يهاجم بعضنا بعضا في الإعلام نذهب إلى الشارع ونذهب إلى الانتخابات، كل هذه الآليات السلمية والديمقراطية مشروعة ومباحة. هذا ما يجب أن أؤكد عليه، طالما هناك انقسام سياسي هناك تحديات خطيرة، وفي مواجهة هذه التحيات لا يستطيع الفريق الحاكم حاليا في لبنان أن يواصل السلطة والعمل. المدخل الطبيعي هو تشكيل حكومة وحدة وطنية، وأنا هنا عندما أتحدث عن حكومة وحدة وطنية لا أتحدث عن إسقاط أحد ولا شطب أحد ولا حذف أحد، وإنما كما قلت في 25 أيار الماضي، تعالوا لنضع أكتافنا جميعا كتفا بكتف لنحمي لبنان ولندافع عن لبنان ولنبني لبنان ولنعمر لبنان ولنصون لبنان ولنوحد لبنان. بكل صراحة الحكومة الحالية ليست قادرة لا على حماية لبنان ولا على إعمار لبنان ولا على توحيد لبنان.لكن عندما نقول الحكومة الحالية لا يعني أننا نريد حذف أو شطب أو إلغاء أحد أبداً. وإنما نقول تعالوا جميعا لنحمي ولنبني وندافع .
إذاً بناء الدولة القوية القادرة يبدأ أولاً من حكومة وحدة وطنية جدية، وأنا هنا لا أرفع شعارا للاستهلاك، فليسمعوني جيدا، أنا هنا لا أرفع شعارا للاستهلاك ولا لتقطيع الوقت ولا استرضاء لحلفاء أو لأصدقاء. هذا مشروعنا الجدي الذي سنعمل جميعا في كل قوة في المرحلة المقبلة. والأمر الثاني في بناء الدولة العادلة القوية المقتدرة يبدأ من وضع قانون انتخاب منصف تشعر فيه كل الطوائف وكل التيارات السياسية بان أمامها فرصة واقعية لتمثيل حقيقي ولا تشعر فيه أي طائفة انها باتت مستتبعة لطائفة اخرى . هكذا نبني الدولة القوية العادلة القوية المقتدرة وهذا هو المدخل لمعالجة كل مشكلاتنا . هنا نأتي الى التحديات والملفات الباقية بسرعة .في قضية سلاح المقاومة هناك شيء له علاقة بالواقع الحالي.يأتون لمحاصرة البحر من اجل ماذا ؟هل من اجل حماية لبنان ؟ كلا وقالت المستشارة الالمانية (سلام الله عليها ) البحرية الالمانية تقوم بدور تاريخي لحماية حق اسرائيل في الوجود . يأتون من البحر ويريدون محاصرة السماء ومحاصرة الحدود وانا اقول لهم حاصروا واقفلوا الحدود والبحر والسماء ان هذا لن يضعف شيئا لا من ارادة المقاومة ولا من سلاح المقاومة. نحن خضنا حربا 33 يوماً وكنا مستعدين لحرب طويلة. ما قدمناه في الحرب هو جزء بسيط من قدراتنا، اذا في بنت جبيل وقفت وقلت انه بحوزتنا اكثر من 12 الف صاروخ، رجعنا وضحنا وقلنا 12 الف ليس معناه انه لدينا 13 الف يمكن ان يكون العدد (أكبر من هيك). اليوم اقول لكل الذين يريدون ان يقفلوا البحار والسماء والصحاري والحدود والعدو إن المقاومة تملك اكثر من عشرين الف صاروخ . وخلال ايام قليلة وهي خارجة من حرب ضروس استعادت المقاومة كامل بنيتها العسكرية والتنظيمية والتسليحية.
المقاومة اليوم اقوى مما كانت عليها قبل 12 تموز لانها راكمت في الحرب تجربة جديدة وارادة جديدة وعزما جديدا. من يراهن على ضعف المقاومة نقول له من جديد انت تخطئ في الحساب. اليوم المقاومة في 22 أيلول 2006 اقوى من اي وقت مضى منذ العام 1982 .
الموضوع الثاني هو موضوع الاسرى: اسراكم ابناؤكم سيعودون ان شاء الله كلهم. وانا باسم المقاومة وعدتكم في 12 تموز وقلت لكم باسم رجال الله وليس باسمي واسم ابي، باسم المقاومين قلت لكم لو جاء الكون كله لن يستطيع ان يستبدل هذين الاسيرين الا بمفاوضات غير مباشرة وتبادل. وبعد 12 تموز نعم، لقد جاء الكون كله وبقيتم وصمدتم وبقي الاسرى في ايدينا، ولن يطلقوا الا بعودة الاسرى الذين نطالب بتحريرهم وعودتهم وهذا الملف نحن (مريّحين العالم منه).
ثالثا: مزارع شبعا وتلال كفر شوبا وفود من هذه البلدات الطيبة الصابرة خافت في هذه الايام نتيجة الترتيبات الجديدة في المنطقة الحدودية. انا اؤكد لهم أنه لن يتم التخلي عن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ولن يتخلى احد عن شبر واحد من ارض لبنان المحتلة.
في سياق الحرب والمفاوضات السياسية كانت هناك فرصة جدية لتحرير مزارع شبعا وكاد الامريكيون ان يوافقوا بل وافقوا، ثم جاؤوا واخلفوا بالوعد كعادتهم وقالوا لا نستطيع الآن ان نعيد مزارع شبعا الى لبنان، لماذا؟ لاننا لا نريد ان نقدم نصرا الى حزب الله . انا اقول لهم اعيدوها لمن شئتم وقدموا نصرا لمن شئتم ولكن اعيدوها اعيدوها. كان يمكن في سياق الحرب لو توفرت الارادة السياسية الجدية والوحدة السياسية الجدية والمقاومة السياسية المتكاملة لامكننا استعادة مزارع شبعا وتلال كفر شوبا. ولكن انا اؤكد لكم أنها على خط التحرير ومعها كل الخروقات القائمة.اللآن الدولة هي المتواجدة، الجيش اللبناني متواجد هناك، جيشنا الوطني واليونيفل اكتمل عددهم على الخمسة الاف.
في السابق عندما كانت المقاومة على الحدود كانت أي جرافة تدخل ولو عشرة امتار تضرب وتهرب، الآن الحدود باتت مفتوحة يدخلون الى أي مكان يريدون. الذي مضى مضى، هذا الامر لا يرتبط بالجيش اللبناني، يعني الجيش اللبناني يملك الشجاعة والارادة والعزم وضباطه وجنوده هم اخوة هؤلاء المقاومين ولا فرق بينهم.
المسألة ترتبط بالقرار السياسي: هل ستحول الحكومة اللبنانية الجيش اللبناني الى وحدة عداد شكاوى وتسجيل خروقات؟ هذا معيب في حق الجيش اللبناني. لا الجيش يرضى ولا شعب لبنان يقبل. جيشنا ليس ليجلس على الحدود ويعد الخروقات الاسرائيلية مثل قوات الامم المتحدة المتواجدة منذ العام 1978. جيشنا مهمته التي ذهب من اجلها الى الجنوب بقرار من الحكومة اللبنانية الدفاع عن الوطن وحماية المواطنين وارزاقهم وامنهم . الان الوطن تخترق سيادته وارضه ومواطنون يخطفون بين الحين والاخر ويعتدى عليهم وعلى حقولهم . ما هو القرار السياسي للحكومة؟
حتى الآن نحن صبرنا لاننا لا نريد ان نسجل أي خرق للقرار 1701 الغير مقدس، لاننا نعرف ان أي خرق بسيط منا ولو كان دفاعا شرعيا ستقوم الدنيا ولن تقعد. "اسرائيل" منذ وقف النار تقوم بخروقات واعتداءات وتجاوزات والعالم يسكت. لكن ثقوا تماما لن نصبر طويلا واذا تخلفت الدولة والحكومة عن مسؤوليتها في حماية الارض والمواطنين، فالشعب اللبناني سيتحمل المسؤولية كما تحملها منذ العام 1982.
واقول للصهاينة اذا كان من احد قدم لكم ضمانات امنية انا لا اعرف، واذا كان من احد قدم هذه الضمانات تحت الطاولة او فوقها فهذه الضمانات تعنيه هو ولكنها لا تعني المقاومة في لبنان ولا تعني شعب لبنان.
المطلوب اذا ان نشحذ همتنا الوطنية وان نقف خلف جيشنا الوطني وان نسانده وندعمه وان يجهز باحسن تجهيزات ليكون حارسا للوطن وللقرى والبلدات والحقول والفلاحين والكنائس والمساجد وليس حاميا لاحد اخر .
بالنسبة لليونيفل المعززة: نحن رحبنا بكم واجدد ترحيبي بكم في اطار مهمة واضحة، مهمتكم مساندة الجيش اللبناني وليست مهمتكم التجسس على حزب الله او نزع سلاح المقاومة. هكذا قال السيد الامين العام كوفي انان ومسؤولون عديدون. حتى هذه اللحظة لم اسمع من أي دولة شاركت في اليونيفل انها ارسلت ابناءها وجنودها للدفاع عن لبنان واللبنانيين، يخجلون بنا ان يقولوا جاؤوا ليدافعوا عنا ولكنهم يتحدثون عن الدفاع عن "اسرائيل". اليونيفل مرحب بهم طالما انهم ملتزمون بمهمتهم. وانا ادعو قيادة القوات الدولية في لبنان الى الانتباه لانني سمعت بعض المعلومات والمعطيات ان هناك من يريد ان يجر هذه القوى الدولية الى صدام مع المقاومة وسمعت انه في بعض الجلسات قيل ان وجود قوات دولية سيعيد توازن قوى الداخل في لبنان. هذا الكلام خطير، القوات الدولية جاءت من اجل مهمة محددة ولا يجوز لها ان تتدخل في الشأن اللبناني الداخلي وتؤدي الى تورط من هذا النوع.
فيما يتعلق في السجالات السياسية نحن ما كنا نريد ان ندخل في سجال سياسي مع أحد. في مرحلة الحرب سمعنا الكثير من الاذى وسكتنا وصبرنا وبعد انتهاء الحرب استمر السجال والهجوم والاعتداء الاعلامي والسياسي على المقاومة وعلينا. لكن في البيانات الأخيرة وصلت الامور الى حد لا يطاق. الله لا يرضى للمؤمنين الذل، لقد وصل الاعتداء الاعلامي السياسي على المقاومة في لبنان خلال الحرب وصبرنا عليه ولكن وصل بعد الحرب الى حد لا يطيقه الا الانبياء ونحن لسنا انبياء.
ان يقف شخص ليقول نفهم، اثنان نتفهم، ثلاثة نستوعب، ولكن ان تجتمع قوى سياسية بقضّها وقضيضها في البريستول لتأتي بنوابها وقياداتها وأعضاء مكاتبها السياسية ثم لتطلع على اللبنانيين بخلاصة تقول فيها ان الحرب التي حصلت في لبنان هي حرب ايرانية من اجل الملف النووي الايراني ومن اجل تعطيل المحكمة الدولية حقيقة هذا الامر ما كنا نطيقه مع اعتزازنا بعلاقتنا وصداقتنا مع الجمهورية الاسلامية في ايران بقيادة سماحة الامام القائد السيد الخامنئي، واعتزازنا بعلاقتنا مع سوريا قيادة وشعبا، نعم قيادة وشعباً بقيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد. نحن سياديون ونحن استقلاليون، لا علاقة لهذا الامر في الحرب وماضينا يشهد اكثر من ماضيهم.
لكن ان يقال ان هذه الحرب التي شنتها امريكا و"اسرائيل" وقالت فيها كونداليزا رايس انها مخاض عسير لولادة شرق اوسط جديد وقال فيها اولمرت وبيريز، وفي الاخر تكون النتيجة ان تهدم بيوتنا وتقتل اطفالنا ونقاتل في حرب قال العرب انها حرب سادسة وقال الصهاينة انها الاولى والنتيجة اننا نقاتل من اجل الملف النووي الايراني ومن أجل المحكمة الدولية، هذا كلام عيب، هذا كلام فيه غمز. نحن نحترم كل الحريصين علي وعلى عمّتي والجبة، انه يا سيد لا تدخل في السجال، الشباب والقيادات في الحزب هي التي تدخل في السجال, لكن هناك حدّ, حتى انا (عمامتي ولحيتي ليستا أشرف من هذه المقاومة وهؤلاء الناس) اذا كان لعمامتي ولحيتي شرف فهو منكم ومن هذه المقاومة ودماء شهدائها.
انا ادعو الى وقف السجالات والى تجنب العبارات السخيفة والمؤذية والقاسية وان نبقى في اطار التنافس السياسي المنطقي والمعقول لان مصيرنا في النهاية واحد ولان في نهاية المطاف يجب ان نبني لبنان سويا، ولكن لن اسكت انا حسن نصرالله ولن اسكت عن اهانة شعب المقاومة. قبل ايام قام زعيم من الزعماء الكبار في قوى 14 شباط ليقول ولو بهدوء ان جمهور المقاومة بلا تفكير، هل انتم بلا تفكير .أنا لا أسمح بذلك .من يقبل هذه الاهانة. وانا احترم جمهوره واحترم شبابهم ونسائهم واحترم خياراتهم اذا كانت وطنية ولكن لا يمكن ان نقبل ان يهين جمهور المقاومة أحد وعليه ان يعتذر. نحن لسنا حزبا شموليا ولسنا نظاما شموليا ولسنا فئة شمولية، انا لا ابي كان (بيك) ولا جدي كان (بيك) ولا ابني سيكون (بيك). نحن لا نريد أي جدل سياسي، ونحن حريصون من خلال أي صيغة حوار ان نخرج من الانقسام السياسي في البلد. نحن ملتزمون ومن دعاة الدولة ومشروع الدولة وبناء الدولة واقامة الدولة ولكن نحن اصحاب كرامة، كرامتنا قبل كل شيء، لا يمكن ان نسمح لاحد ان يهدر كرامتنا من اجل ان يبني لنا بيتا وقد هدم من اجل كرامتنا . لا يتصور احد انه يمكن ان يشبع بطننا على حساب كرامتنا ونحن قدمنا دمنا من اجل كرامتنا، هذا نحن.
في هذا السياق انا ادعو للعودة الى الهدوء والتعقل ونحن امام شهر رمضان المبارك اعاده الله على اللبنانيين جميعا بخير ونطلب من الله ان يوفقنا لصيامه وقيامه وعسى ان يكون هذا الشهر فرصة للتأمل والتفكر والعودة الى الذات ولرؤية الحقائق، اخرجوا وانظروا الى الحقائق ولا تشتبه عليكم الامور ولا تبنوا اموركم على حسابات خاطئة.زمن الهزائم قد ولى وقد جاء زمن الانتصارات

Thursday, September 14, 2006

دعوة للاعتصام

تدعوكم الحركة المصرية من أجل التغيير - كفاية- إلى إعتصام بميدان التحرير يتزامن مع عقد الحزب الحاكم لمؤتمره العام الذي ستتم فيه مناقشة تعديلات دستورية ينوي الحزب تمريرها بليل كما فعل مع المادة 76 سيئة السمعة لإحكام اغتصابه للسلطة في مصر , والإلتفاف على الإرادة الشعبية المطالبة بإجراء إصلاح حقيقي و تفعيل مبدأ تداول السلطة
وتهيب الحركة بجميع أعضائها ومناصريها والمؤيدين للإصلاح السياسي في مصر المشاركة في هذا الاعتصام ; لنقول كلمتنا ونعلن أننا متمسكون بحقوقنا المشروعة في هذا الوطن ولن نسمح بخنق صوته أو اغتيال إرادة شعبه في بناء مستقبله , بتعديلات دستورية وقوانين - مفصلة حسب المقاس - ومخططات توريث مشبوهة تحول مصر إلى عزبة لعائلة مبارك .
موعدنا ميدان التحرير
يبدأ الاعتصام في السادسة مساء الاثنين 18/9/2006
مقترحات للاعتصام:
طبع لافتات وتصميم صور وكاريكتيرات ضد مؤتمر الحزب
الاستعانة بالأغاني والموسيقى لشد انتباه المارة
طبع بيانات وتوزيعها على المارة
كتابة شعارات ورموز على أرض الشارع
استغلال توقف السيارات في الاشارة ومحاولة الحديث مع أصحابها
توزيع ورود على المارة مع كل بيان

Monday, September 11, 2006

عن الانتصار والانكسار

خبرين منشورين في الصفحة الأولى من جريدة الأهرام اليوم قد يبدو للوهلة الأولى ان لا علاقة بينهما ولكن دقق النظر فيهما
الخبر الأول من فلسطين المحتلة :

غزة ـ من أشرف أبوالهول
في تصريح هو الأول من نوعه‏,‏ اعترف موشي آرينز‏,‏ وزير الدفاع الإسرائيلي السابق‏,‏ بأن الجيش الإسرائيلي تكبد في حربه الأخيرة علي لبنان هزيمة لم يسبق أن تكبدها من قبل في أي من الحروب التي خاضتها إسرائيل‏.‏جاء ذلك في الخطاب الذي هاجم فيه آرينز حكومة إيهود أولمرت خلال الاعتصام الذي شارك فيه أكثر من‏30‏ ألف إسرائيلي بساحة رابين‏,‏ للمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في مجريات هذه الحرب‏
الخبر الثاني من لندن وبمناسبة الذكرى الخامسة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر

لندن ـ واشنطن ـ وكالات الأنباء
مع حلول الذكري الخامسة اليوم لأحداث الحادي عشر من سبتمبر الرهيبة‏,‏ كشفت صحيفة الإندبندنت البريطانية عن أن الحرب علي الإرهاب أدت حتي الآن إلي مصرع أكثر من‏180‏ ألف شخص‏,‏ وتشريد‏4,5‏ مليون آخرين‏.‏وأضافت أن تلك الحرب كلفت أمريكا أموالا تكفي لسداد جميع ديون الدول الفقيرة علي وجه الأرض‏.‏ جاء ذلك في الوقت الذي نقلت فيه صحيفة واشنطن بوست عن مسئولين في المخابرات أن أجهزة المخابرات الأمريكية لم تتلق أي معلومة جديدة عن أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة منذ أكثر من عامين‏,‏ كما انتقدت تنازع الصلاحيات بين وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون‏,‏ ووكالة المخابرات المركزية سي‏.‏آي‏.‏إيه في عملية ملاحقة بن لادن‏
فهمت بقى العلاقة بين الخبرين يا حلو الملامح ؟

Thursday, September 07, 2006

قالوا هنعدل الدستور


وصلتني هذه الرسالة عبر البريد الاليكتروني من احد الأصدقاء وهي محاولة لمعرفة أهم البنود التي سيتضمنها التعديل الدستوري المزعوم والمرتقب ولأن الرسالة قيمة بالفعل والموضوع هام فضلت أن اشرككم جميعا فيها :

بسم الله الرحمن الرحيم

التعديل الدستوري و الهدر التام للحقوق و الحريات


عندما ألقى مبارك خطابه الشهير في 26 مارس 2005 و الذي أعلن فيه تقدمه لتعديل المادة 76 من الدستور حمل هذا الخطاب سبعة مبادئ أتضح فيما بعد أنها المبادئ السبعة العبقرية التي استطاعت أن تُخرج إلينا نظام انتخابي أسوأ من نظام الاستفتاء الشخصي المعيب المعمول به لنصف قرن ، بل أكثر من ذلك خرج من تحت هذه المبادئ أسوأ نص دستوري ليس فقط في كل دساتير العالم الحاضر ، بل في التاريخ الدستوري بأثره ( الوصف لأكبر أساتذة القانون الدستوري المصري عبروا عنه في مناسبات كثيرة ) . و ما يعنيني في هذه التذكرة القريبة هو ردود الفعل على خطاب مبارك هذا ، فبينما سارعت كل التيارات السياسية بلا استثناء إلى الإشادة و الشكر فإنهم لم يقرأوا الخطاب بما يستحقه من تمعن وقتها و بالتالي بدلاً من أن يستعدوا لمواجهة الأسوأ كانوا قوة دفع للوصول إلى هذا الأسوأ ، و تناسى الجميع أن هذا النظام قد شاخ على منهج واحد لم يتغير و من المستحيل أن يتغير بعد ربع قرن . و ذات الأمر تكرر يوم عرض مبارك ترشيحه في خطاب المنوفية الثاني أيضاً فيما يتعلق بإلغاء حالة الطوارئ و رغبته في إصدار قانون جديد لمكافحة الإرهاب ( على تفصيل سيأتي بحثه في رسائل لاحقة ).

ذات الأمر يتكرر مع الأسف بصورة أقل و لكن أخطر فيما يتعلق بمقترحات تعديل الدستور التي بدأ مبارك بالفعل خطواته لإقرارها . و الخطورة أن معركة تعديل الدستور إذا ما تمت وفق المخطط المباركي ستعني نهاية تامة لأشباه الحريات التي أتى بها دستور 71 أو التي بُنيت عليه .

و دون تفصيل قد يطيل و يشق على الكثير فإنني الآن سأكتفي بالعرض العام على أن أخصص لكل جزء من أجزاء التعديل ما يستحقه من بحث في كتابات لاحقة.

في هذا العرض فإنني أعتمد على التقارير التي أُعدت في مجلسي الشعب و الشورى عن التعديلات الدستورية و ما تم نشره من تقارير عن هذه التعديلات بالصحف الحكومية .

التعديلات التي يتم الإعداد لها ، بالرغم من كثرة المواد المراد تعديلها ، فإنها يمكن وضعها تحت سبعة عناوين رئيسية لكل منها أهدافه الخاصة المراد تحقيقها .
أولاً : تعديلات خاصة بإلغاء الطابع الاشتراكي للدولة و لكن باستثناء النصوص الخاصة بنسبة الخمسين بالمائة عمال و فلاحين ( و المواد المقترح تعديلها في هذا الإطار هي المواد 12 – 24 – 30 – 33 - 59 – 73 – 173 – 179 ). و إذا كان إخراج النصوص الاشتراكية يتفق و المنطق الصحيح إلا أن الإبقاء على هذه النسبة لهو الأكثر شذوذاً . فهل الإبقاء عليها سيكون الطعم الذي وُضع لليسار المصري أم أن هذه النسبة تحقق مكاسب للنظام في الإبقاء على إدخال فئة معينة من الجهلة الذين لا يمثلون لا عمال و لا فلاحين و أغلبهم من كبار الأثرياء ؟
ثانياً :التخفيف من بعض اختصاصات رئيس الجمهورية بنقلها إلى اختصاصات رئيس مجلس الوزراء و الوزراء ( و ذلك بمراجعة المواد 74 – 144 – 145 – 146 – 156 ) . و يمكن تبرير هذا الموقف بمتابعة الكم الهائل من السلطات و الاختصاصات الممنوحة لرئيس الجمهورية و التي يعجز حتى مجلس الوزراء مجتمع من القيام بها ، فهو تقريباً رئيس لكل مجلس أعلى في مصر.
ثالثاً : تحويل مجلس الشورى من مجلس استشاري إلى مجلس له بعض الاختصاصات التشريعية و الرقابية ( و ذلك بتعديل المواد 194 و 195 ). و هذا التوجه يحتاج إلى كثير من التفصيل في نشأة هذا المجلس و اختصاصاته و حقيقة دوره ، سيأتي بحثه لاحقاً بإذن الله .
رابعاً : إدخال تعديل يوفر للنظام أساس دستوري لهدر الحريات الذي سيأتي به قانون الإرهاب (قانون إرهاب و ليس مكافحة الإرهاب ) ، و المادة المستهدفة في الغالب ستكون المادة 41 من الدستور . و هذا التعديل له أهمية خاصة جداً ، ذلك أن هذا القانون كان السبب الرئيسي في التوجه لتعديل الدستور لتأكيد ترزية النظام أن هذا القانون سيكون مآله حتماً عدم الدستورية إذا لم يتم تعديل الدستور ذاته لتحقيق هدر الحريات بنص دستوري و ليس بمجرد قانون . و بعد أن استقر الرأي على حتمية هذا التعديل بدأ التفكير في بقية التعديلات.
خامساً : تعديل النصوص المتعلقة بنظام الانتخابات لتحقيق أمرين : الأول هو وضع نسبة محددة للمرأة في المجالس المختلفة ( علشان نرفع رقبة طنط سوزان بين أخواتها الفضليات الأخت رانيا الأردن و كمان الريسة الفاضلة لورا بوش ) و تحديد نسبة من المقاعد لفئة معينة من الممكن أن يكون موضوع نقاش ، و لكن الأولى أن تجرى أولاً انتخابات نزيهة حتى نعرف أولاً ما هي الفئات الضعيفة التي تحتاج تحديد للنسب . أما الأمر الآخر فهو أحد أهم التعديلات و هو النص على نظام القائمة في صلب الدستور بعد عجز الترزية الخايبين للنظام في وضع نص قانون لهذا النظام الانتخابي لا يخالف الدستور ، و بالتالي و بذات الطريقة الخائبة وجدوا ضآلتهم في وضع هدر الحقوق و الحريات في صلب الدستور . و هذا التعديل الأخير هدية خاصة جداً للإخوان المسلمين ، لأن النظام منذ بداية حكم مبارك كان لديه القناعة أن هذا النظام الانتخابي هو الوسيلة المثلى للقضاء على الإخوان المسلمين على الساحة السياسية ، و لا يجب أن يقلل أي شخص من قوة هذه الضربة على الإخوان المسلمين إذا ما تمت فعلاً . و المواد المستهدفة في هذا التعديل ستكون هي المواد 87 و 162 .
سادساً : إلغاء الإشراف القضائي على الاقتراع في الانتخابات و الاستفتاءات بتعديل المادة 88 من الدستور و النص صراحة على عدم إشراف القضاة على اللجان الفرعية ، أي عدم إشرافهم على كل العملية الإقتراعية . و سيضاف إلى ذلك إعادة تشكيل المجلس الأعلى للهيئات القضائية بما يضمن إبقاء السيطرة على السلطة القضائية . و سيتم إلغاء المدعي العام الاشتراكي و لكن مع توزيع اختصاصاته .
سابعاً : على الرغم من كل التعديلات الكارثية السابقة إلا أنني بحق توقفت كثيراً عند هذا البند و آثرت تركه لآخر البحث ، ذلك أنني حتى الآن لا أكاد أصدق أن النظام وصل به العجز لهذا الموقف حتى يعدل نص دستوري مخصوص لحبس الصحفيين . و كل ما سأفعله أن أنقل لكم نص التقرير فقط : " أشار التقرير إلى ضرورة تعديل المادة 40 من الدستور ( خطأ في التقرير لأن المادة المقصودة هي المادة 47 و لكني آثرت نقل التقرير بنصه ) لإعادة النظر في مدى كفاءة العقوبات المقيدة للحرية و العقوبات المالية المقررة في جرائم النشر في حالة تعرضها لسمعة العائلات و الأعراض و تحقق التوازن بين الحياة الخاصة للمواطنين و حرية التعبير " . لمن لا يعرف فإن الدستور بالفعل قد أولى الحماية الكاملة للأعراض و الحياة الخاصة ... الخ و بالتالي الهدف الواضح جداً من هذا التعديل هو إهداء الصحفيين نص دستوري يقنن حبسهم و يضفي الحماية الدستورية على هذا الحبس .

بعد هذا العرض أجده لزاماً علي أن أوضح نقطة تخفي على الكثير بما فيها بعض رجال القانون الذين لا يكلفون أنفسهم عبء البحث و القراءة ، هذه النقطة هي أنا المحكمة الدستورية العليا لا تبحث دستورية نص دستوري ، ذلك أن ا لمنازعة الدستورية هي منازعة بين نص أدنى ( قانون أو لائحة ) للنظر في مدى مخالفته لنص أعلى منه ( النص الدستوري ) و بالتالي إذا أُقرت هذه التعديلات لن يكون هناك أي مجال للطعن فيها بأي صورة من الصور .

بعون الله تعالى سأخصص رسالة خاصة للتعليق على منهج هذا التعديل و سأخصص بعدها لكل نقطة بحث أو أكثر لتوضيح حقيقة الكارثة التي سنبتلى بها و سنشاهدها كعادتنا بمجموعة مؤتمرات و خطب و بضعة مظاهرات و كلام فارغ من كل التيارات السياسية دون أن نقوى على وضع حد لهذا الفجر السياسي الذي يقوم به هذا النظام بكل تبجح .

حفار
للاطلاع على نصوص الدستور المصري يمكنكم قراءتها هنا

مشاهدات يومية

مجرد مشاهد من مشواري اليومي من العمل إلى المنزل وبالعكس قد تبدو لغيري عادية أو لا جديد فيها ولكنها في رأيي تستحق الوقوف عندها ولو للحظة وتأملها فهي عندي ليست "عادية" على الإطلاق!
المشهد الأول: غادرت مقر عملي متأخرا الليلة الماضية وكعادتي أخذت أتمشى قليلا حتى أفرب محطة وعلى جانب الطريق رأيت سيارة اهدات يوميةتاكسي متوقفة وبها راكب بدا واضحا من ملابسه وعقاله أنه من الخليج العربي والأرجح من لون الشماخ أنه من السعودية وقد بدا عليه علامات التأفف والضيق ،ولكن أين السائق؟ الإجابة وجدتها على الرصيف حيث كان السائق المحترم يهم بفك سرواله وقضاء حاجته !ولكي يكتمل المشهد المقزز مرت بجانبنا سيارة ميكروباص وصاح سائقها :"يا معفن" وتمتمت في سري "والله معه حق" ،خاطر أخر دار ببالي وأنا ابتعد عن المكان: لقد دأبنا نحن المصريين لعقود على السخرية من الجنسيات العربية الأخرى بمزيج من العنصرية والاستعلاء البغيض وادعاء أنهم يقضون حاجتهم في الشوارع وأمام الناس، ترى ..كم من النكات سيطلق علينا السائح الخليجي عند عودته الى بلاده ؟ ابشروا فقد أصبحنا وبلا فخر الشعب العربي الوحيد الذي يقضي حاجته في الشارع.
المشهد الثاني:فتاة مراهقة تعبر الشارع ، تسارع الخطى لكي لا تدهسها السيارات المسرعة (الم تلاحظ أننا البلد الوحيد الذي لا تقف فيه السيارات للمارة؟) وبينما تسرع الفتاة ، يطل شاب بنصف جسمه تقريبا من شباك السيارة ويصيح بمزيج من الاستظراف والسخافة :"ما تجريش عشان قلبي بيجري معاكي !" فأصيح بدون وعي _أو بوعي لا أعرف_"فيه ايه يا حيوان" ، لم يسمعني أي من الطرفين لا الشاب ولا الفتاة ولكن أحسست أني يجب أن أقول شيئا كهذا، ألا تلاحظ أن أكثر الشباب ميلا لهذا السلوك السخيف هم أصحاب السيارات أي ممن لا يعانون أي حرمان على الإطلاق؟
المشهد الثالث : القاهرة مدينة حية حتى ما بعد منتصف الليل ،عدت إلى منزلي في الواحدة ليلا تقريبا ولا تزال الحياة مستمرة في حينا بكافة "مظاهرها"
وسلام حتى بوم أخر ومشاهدات أخرى .

Tuesday, September 05, 2006

أولاد حارتنا


لعلها أكثر روايات نجيب محفوظ إثارة للجدل، ولعلها الرواية الوحيدة التي تسببت لصاحبها في محاولة اغتيال، إنها رواية "أولاد حارتنا" التي أثارت منذ صدورها وحتى اليوم عاصفة من الجدل الأدبي والديني والسياسي الذي لم يهدأ حتى بعد انزواء صاحبها وابتعاده عن الأضواء.ففي عام 1959ظهرت "أولاد حارتنا" كحلقات مسلسلة في جريدة الأهرام، وما أن بدأت الأهرام في نشر الحلقات حتى قوبلت بهجوم حاد من مشايخ الجامع الأزهر وصلت إلى حد اتهام صاحبها بالزندقة والإلحاد.وطالبوا بوقف نشر الرواية وهو ما كان، فتوقفت الرواية عن الصدور ومنعت في مصر لكنها سرعان ما ظهرت في بيروت لتعيد الجدل حولها من جديد بسبب ما تضمنته من رؤية فلسفية جريئة لقصة الخلق وسيرة الأنبياء منذ خلق أدم وحتى محمد صلى الله عليه وسلم.
الحارة أو العالم؟تنتمي الرواية إلى الواقعية الرمزية ولعلها من أكثر روايات محفوظ استخداما وتكثيفا للرمز، فالحارة في هذه الرواية ليست الحارة المعتادة في أدب محفوظ، إنها ببساطة العالم أو الدنيا الذي يعج بصراعات البشر، وتبدأ الرواية من عزبة الجبلاوي التي يملؤها أولاده، ويبدأ التحول الدرامي حين يولد للجبلاوي ابن من امرأة سمراء هو أدهم والذي يفضله الجبلاوي على بقية أبناؤه، مما يدفع ابنه إدريس للغيرة والتمرد والذي ينجح في نهاية الأمر في التسبب بطرد أدهم من العزبة لتبدأ رحلة أدهم ونسله في الحارة حين يقتل أحد أبناء أدهم شقيقه ويتيه بقية الأبناء إلى أن تنقسم الحارة إلى ثلاثة أحياء، ممثلين بذلك الأديان السماوية الثلاثة.وتتوالى الأجيال في الحارة التي تواصل مهمة أدهم في محاولة إيجاد العدل الاجتماعي المفتقد في ظل سيطرة الفتوات وحكمهم الغاشم ،فيظهر جبل (موسى عليه السلام) ثم رفاعة (عيسى عليه السلام) ثم قاسم (محمد عليه الصلاة والسلام)، ثم بعد أن ينهي كل رسالته يظهر عرفة أو رمز العلم والذي يرى بعض النقاد أن محفوظ اشتق اسمه من المعرفة، يظهر مجهول النسب في الحارة فالعلم لا دين ولا وطن له ثم يقتحم عزبة الجبلاوي ويتسبب في القضاء عليها، لتبدو رسالة محفوظ واضحة في النهاية، حيث يرى أن الأديان السماوية لم تتمكن من تحقيق العدالة الاجتماعية المرجوة وأن العلم (دين البشرية الجديد) هو المؤهل للعب هذا الدور.
قراءات مختلفةجاء اتهام مشايخ الأزهر والغالبية العظمى من التيار الديني لمحفوظ بالردة نتيجة طبيعية لقراءة معينة للرواية رأت فيها ازدراء للأديان والذات الإلهية، فقد تم فك شفرة الرموز التي استعملها محفوظ في الرواية بشكل يكرس هذه الرؤية.فالجبلاوي هو الخالق (عز وجل) و تمرد إدريس على أبيه هو تمرد إبليس على الله وخروجه من رحمته وقتل قدري لأخيه هو قتل قابيل لهابيل، وحديث جبل للجبلاوي هو حديث الله لموسى ومقتل رفاعة المختلف حوله هو صلب المسيح، وخروج قاسم من الحي هي هجرة الرسول محمد من مكة إلى المدينة.أما عرفة وهو الإضافة الحقيقية لمحفوظ في هذه الرواية فجاء خير تعبير عن مرحلة مر بها محفوظ في ذلك الوقت وهي مرحلة التأرجح بين الشك واليقين الإيماني، فقد عاش الكثيرون في تلك الفترة ومنهم محفوظ تساؤلا حرجا بعد نجاح الاتحاد السوفيتي في برنامجه الفضائي وهو : لماذا تقدم السوفييت رغم "إلحادهم " بينما لا يزال العالم العربي والإسلامي غارقا في التخلف والجمود؟ وسادت لدى كثيرين رؤية مفادها أن العلم لا الدين هو خلاص البشرية وهو ما جسده محفوظ في شخصية عرفة.
عواصف التكفيرحين منعت رواية "أولاد حارتنا" من التداول في مصر بدا وأن العاصفة التي أثيرت حولها قد هدأت ولو إلى حين خاصة مع عدم رغبة محفوظ في الصدام مع الأزهر، إلا أن حصول صاحب الرواية على جائزة نوبل للآداب عام 1988 وظهور رواية "آيات شيطانية" لسلمان رشدي أعاد الجدل إلى ما كان عليه خاصة بعد أن عقد البعض مقارنة بين الروايتين، ومع تصريحات محفوظ التي انحاز فيها إلى حرية الرأي ورفض فيها فتوى الإمام الخميني القاضية بإهدار دم سلمان رشدي، الأمر الذي واجهه التيار الديني في مصر بتكفير محفوظ وأصدر أحد شيوخ الجماعة الإسلامية (عمر عبد الرحمن) فتوى اعتبرته مرتدا عن الإسلام، ولعل هذه الفتوى إضافة إلى موقف محفوظ المؤيد للسلام مع إسرائيل كانتا المحرك لقيام شاب مصري بمحاولة اغتيال محفوظ عام 1994 رغم أن الشاب اعترف فيما بعد بأنه لم يقرأ الرواية أبدا!يبقى القول أن رواية "أولاد حارتنا" رغم كل ما أثير حولها، إلا أن سلاح المنع لم يجدي معها، فقد بقيت تباع سرا في بعض مكتبات القاهرة بضعف سعرها الأصلي، وترجمت إلى لغات عدة منها الإنجليزية والألمانية وقوبلت باحتفاء نقدي كبير.وبين هذا الاحتفاء هناك والازدراء هنا، ورحيل صاحب الرواية..ألستم معي أنه حان الوقت لإعادة النظر في الرواية والموقف منها ومن صاحبها !ا

Sunday, September 03, 2006

مشروع احياء فكر النهضة

اتفقت مع مجموعة مع الزملاء المهتمين بالتراث على مشروع جديد يتلخص في "احياء فكرة النهضة"وبتفصيل أكثر احياء فكر كل من :السيد جمال الدين الأفغاني والامام محمد عبده وعبد الرحمن الكواكبي وعبد الله النديم فنحن أحوج ما نكون الى هذا الفكر المقاوم للاستبداد في هذه اللحظة بالذات من تاريخنا والى هذا الخطاب الديني المتسامح في مواجهة خطاب الطائفية والفرقة المنتشر حاليا ويقوم المشروع على:1.جمع أعمال المفكرين المشار اليهم وتحقيقها
2.انشاء مدونة لنشر هذه الأعمال تباعا
3.اعداد دراسات عن كيفية تجديد هذا الفكر وتحقيق الاستفادة القصوى منه في الوقت الراهن
هذا المشروع ليس مشروعا فرديا لذلك فهو بحاجة الى كافة الجهود الممكنة والدعوة مفتوحة لكل من هو مهتم ويملك القدرة ومستعد لبذل الجهد ،ويمكنكم التواصل معنا عبر هذه المدونة

زفة "الملك" لا تعنيني


لم اهتم كثيرا بالضجة الاحتفالية الصاخبة التي رافقت نقل تمثال الملك رمسيس الثاني من الميدان الذي عرف باسمه، شخصيا لم تمثل لي هذه الاحتفالات التلفزيونية الحكومية مدفوعة الأجر سوى محاولة للإيحاء بأن شيئا ما يتم انجازه ،في الحين أن المحصلة النهائية لكل هذا الصخب هو :لاشيء.
لا أستطيع في هذه اللحظة إعطاء رأي قاطع أو تقييم عملية نقل التمثال ،لا أستطيع أن احكم ما إذا كان نقل التمثال يمثل ضربة للميدان الذي بدا عاريا وبدون أي ملامح جمالية في غيابه ؟أم أن الأفضل للتمثال بالفعل كان نقله بعيدا عن الزحام وأبواق الميكروباص ودخان التلوث المتصاعد من كل ما يحيط به؟ الإشاعات التي سرت عن تغيير اسم الميدان وتسميته باسم "فرعون" أخر غير رمسيس الثاني تجعل المرء متشككا في نوايا من قاموا بعملية النقل ,ولكن الوقت كفيل بالإجابة على هذه الأسئلة
ولكن ما يعنيني حقا كمواطن مصري وما أرغب في التعليق عليه في وسط كل هذه "الزفة" هو ذلك الاحتفاء الغريب والمبالغ فيه ب"خروج المصريين لوداع الملك" أحد أصحاب المدونات اعتبر أن هذا الخروج هو انتماء من الشعب المصري "لأجداده" وردا على كل من هو "عروبي "أو "قومي" أو"إسلامي" وتأكيدا لهوية مصر "الفرعونية"!
ولست مهتما كثيرا بالرد على مثل هذه المزاعم فهي أتفه من أن أرد عليها ولكن ما أود طرحه هو رؤية شخصية لا ألزم احد بها ولا يعنيني أن يوافق عليها أحد ، لن أتحدث عن إيماني الذي لم يتزعزع يوما بعروبة مصر ودورها الإقليمي، ولكن لعل هذا الايمان هو السبب الرئيسي وراء عدم اكتراثي بمسألة "أجدادنا الفراعنة" المزعومة تلك، بالنسبة لي لم يمثل تمثال رمسيس المنقول أكثر من تمثال لا يحرك في شيئا ولا تؤثر في، قد أقف أمام مسلة فرعونية بالساعات ولا تثير في نفسي شيئا ،و العكس تماما هو ما ينتابني حين أقف أمام مأذن الأزهر والحسين ومشربيات الغورية ووكالات الجمالية ،أشعر بالانتماء الى هذه الأمكنة والى من يقطنها من البشر، وبعكس المسلات والتماثيل التي لا تعكس بالنسبة لي سوى ماض سحيق ، فان هذه الأماكن بالنسبة لي تمثل حاضر وماض ومستقبل ،تمثل ذاتي وهويتي، ولا أجد أي غضاضة في قول ذلك، ولا أدري ما العيب في اصرار المرء على تأكيد انتماءه العربي ؟ ألم يبدع العرب حضارة مساوية للحضارة المصرية القديمة في عطاءها وانتشارها؟ والسؤال الأهم : لماذا تثار الأسئلة دائما عن عروبة مصر-ومصر بالذات- أو فرعونيتها؟ لماذا لا تثار نفس الأسئلة عن "فينيقية" سوريا مثلا أو "أشورية" العراق أو "سبأية" اليمن ؟ الجواب في رأيي يكمن في أن مصر ومصر بالذات لا يراد لها أن تكون عربية، فلا معنى لفكرة القومية العربية بدون مصر ، فإذا انتزعت مصر منها ، صارت الفكرة برمتها بلا معنى.

Thursday, August 31, 2006

حتى تسمى الأشياء بأسماءها


هذه الصورة من مظاهرة جرت في مدينة تورنتو بكندا تضامنا مع لبنان أثناء العدوان الاسرائيلي عليه وترجة ما على اللافتة:
أنا مسلم ،أفتلوني وسموا قتلي "دمار جماعي"
اعتقلوني وسموا اعتقالي "اجراءات أمنية"
انفوا شعبي من أرضه ثم سموا ذلك "الشرق الأوسط الجديد"
اسرقوا مواردي واحتلوا أرضي وغيروا نظام الحكم فيها ثم سموا ذلك "ديمقراطية

أحرار وراء القضبان


نقل محامي عميد الأسرى اللبنانيين سمير القنطار رسالة صادرة عنه بعد زيارته الأحد في قسم العزل الجماعي رقم 3 في معتقل هداريم (الواقع قرب نتانيا) في فلسطين المحتلة. وجاء في الرسالة والتي نشرتها جريدة الحقيقة الدولية الأردنية : "تحية الوطن الغالي والانتماء إليه وبعد، أتوجه إليكم برسالتي الأولى منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية الأميركية الهمجية ضد لبنان ومقاومته الباسلة. لقد آثرت الصمت طيلة هذه الأيام، لان الصمت في بعض الأحيان ابلغ من الكلام.الصمت أمام بطولات المجاهدين أصحاب الوجوه البيضاء الذين رفعوا رأسنا عالياً والذين كنت عندما اسمع أخبار التحامهم مع جنود العدو في الميدان في القرى الحدودية، يفرح قلبي ويثلج صدري وتزداد ثقتي أن النصر آت لا محال.نصرنا نهديه لمن يستحق، إلى كل من صمد ورفع شارة النصر، إلى كل من دعمنا ووقف إلى جانبنا وما زال، من فنزويلا الرفيق الثوري الرائع "تشافيز"، إلى كل من حمل صور أطفال قانا وجرائم الحرب الإسرائيلية المتنقلة في كل قرية ومدينة، وإلى الحناجر الهاتفة نصرة لنا ودعماً لمقاومتنا الباسلة.أقول لكوفي انان الذي يزور لبنان، إن عدالتكم الدولية سراب، وقرار مجلس أمنكم رقم 1701 هو قرار عنصري ومجحف بحق قضيتنا. وسوف يؤدي، في حال تطبيق الفقرة التمهيدية الثالثة منه، إلى تركنا مدى الحياة في سجون الصهاينة ويقضي على فرصة الإفراج عنا التي أحياها الوعد الصادق لسماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وأنجزتها سواعد أبطال المقاومة، وحفظتها دماء الآلاف من شهداء وجرحى العدوان الإسرائيلي الهمجي على لبنان.وأقول لك لا داعي لأن تطالب إسرائيل بالإفراج عنا، فلقد توافرت أسباب حريتنا وسنتحرر رغم أنف الأعداء. جلّ ما أطلبه منك أن لا تخدع أهالي الجنود الإسرائيليين كما فعل اولمرت طيلة أيام الحرب وأن تعمل على تفعيل قنوات التفاوض غير المباشر وتبادل الأسرى. أتوجه إلى عائلات الشهداء والجرحى، إلى كل من فقد عزيزاً أو بيتاً أو مصدر رزق، وأقول لهم إن تضحياتكم هذه هي قربان جليل على مذبح الحرية والكرامة والشرف والعزة والشهامة. وكونوا على ثقة أن حريتنا القادمة في القريب العاجل، لن يكون لها أي طعم أو قيمة لو لم ترتبط بالنصر العظيم الذي ثبت أقدامنا على أرضنا ورفع جباهنا عالياً، ولقّن أعداءنا وكل المراهنين عليه درساً قاسياً جداً. وإلى أن نلتقي للحديث تتمة".

Wednesday, August 30, 2006

الشاطر حسن


من شعر: فؤاد حداد
حسن شاطر حسن خيال
بعود فارع وقلب عيال
وسيف في يمينه بيلالي
مراية قصر في المقيال
ومهرة يزينها وتزينه
على جبينها وعلى جبينه
هلال وهلال
يعينها زي ما تعينه
واخلاصهم مالهش مثال
حسن شاطر
لجام المهرة على الغارب
حسن لف وحسن حارب
ونورهم في السما ضارب
هلال وهلال
وأنا عطشان ومش شارب
لحد ما أبشر الأجيال
حسن شاطر
وكانت مهرة جنية
وكانوا ملوك جناينية
ومن رقصة لأغنية
هلال وهلال
لمحها الطير وقال هيه
وحط الانسانية وشال
حسن شاطر
رقصنا الليل وغنينا
وفوق الخيل ما ونينا
حسن والمهرة في عينينا
هلال وهلال
وست الحسن في جنينة
بتسقي الورد بالموال
حسن شاطر

القائمة السوداء لنجوم هوليوود

حرب لبنان تنتقل الى هوليوود
"نحن الموقعين أدناه متألمون ومصعوقون بسبب سقوط الضحايا في إسرائيل ولبنان نتيجة للعمليات الإرهابية التي نفذتها منظمات إرهابية مثل حزب الله وحركة حماس وإذا لم ننجح في وقف عمليات الإرهاب في العالم فان الفوضى ستسود في كل مكان وسيحصد الموت أرواح الأبرياء ، يجب أن نعلن تأييدنا وتضامننا الواضح مع المجتمعات الديمقراطية وان نكبح جماح الإرهاب في كل مكان وبأي ثمن"
البيان السابق لم يصدر من البيت الأبيض أو من وزارة الخارجية الأمريكية أو حتى من اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة و لكنه صدر من هوليوود! فالتأييد المطلق الذي حصلت عليه إسرائيل من قبل الإدارة الأمريكية خلال عدوانها على لبنان استطاعت تتويجه بالحصول على هذا البيان الصادر عن عدد من أبرز نجوم هوليوود والذي تبنى بشكل تام الرؤية الإسرائيلية لما جرى في لبنان وغزة بل واستخدم نفس مصطلحات الخطاب الإسرائيلي المعتادة.
موقع أخبار إسرائيل الاليكتروني www.israelnews.net احتفى بالبيان بشكل كبير ونشره بتاريخ 18-8-2006 تحت عنوان "
نجوم هوليوود يساندون إسرائيل" وجاء فيه :" إن إسرائيل مشغولة في الأسبوع التالي للحرب بلفت نظر الأمريكيين إلى قضيتها،وفي الوقت الذي كان فيه نائب رئيس وزراء الدولة العبرية شيمون بيريز ووزيرة خارجيتها تسيبي ليفني يقومان بجولة في واشنطن كان القنصل الإسرائيلي في لوس أنجلوس "ايهود دارنوخ" يعمل جاهدا على الجانب الأخر من الساحل الأمريكي لكسب تأييد نجوم هوليوود وقد نجح دارنوخ في حمل أكثر من ثمانين نجما معروفا في هوليوود على التوقيع على بيان يحمل كل من حماس وحزب الله مسئولية إزهاق أرواح المدنيين و يصفهما بالمنظمتين الإرهابيتين".
وكان من المبادرين للتوقيع على البيان سيلفستر ستالون نجم سلسلة أفلام روكي ومعه بروس ويليس ، وكان ويليس من بين النجوم المؤيدين للحرب على العراق وقام بزيارة الى هناك للترفيه عن الجنود الأمريكيين ، ولكن الجديد في هذا البيان هو ظهور أسماء لم تعرف بتأييدها لإسرائيل كالنجمة الاسترالية الأصل "نيكول كيدمان" و الممثل والمخرج داني ديفيتو بالاضافة الى ويليام هارت ودينيس هوبر و دون جونسون.
ولم يغب عن البيان-بطبيعة الحال- إمبراطور الإعلام والملياردير اليهودي روبرت ميردوخ رئيس شركة فوكس ومالك محطة فوكس الإخبارية وصحيفة الواشنطن بوست وعدد أخر من الصحف القنوات البريطانية والأسترالية والذي ساهم في دفع الكثيرين إلى المشاركة فيه.
البيان اعتبرته إسرائيل نصرا إعلاميا من الدرجة الأولى ، ولكن وعلى الجانب الأخر ظهرت أصوات بدت خافتة ولكنها كانت منتقدة لإسرائيل وحربها على الشعب اللبناني ومن هذه الأصوات النجمة أنجلينا جولي التي رفضت وصم العرب والمسلمين بتهمة الإرهاب في حين اعتبر جورج كلوني أن أسماء مثل بوش وبلير وأولمرت ورايس سيلعنها التاريخ، وهو قريب مما ذهب إليه البريطاني رالف فينس الذي اعتبر أن" لسنا أفضل من العرب لكي نحتقرهم"
أما نجوم هوليوود الذين اتخذوا موقفا حياديا من الحرب فجاء في مقدمتهم ويل سميث الذي رأى أن كلا الطرفين مخطئ ويجب تجنيب المدنيين معاناة الحرب في حين اعترفت ساندرا بواوك بأنها لا تعرف الكثير عما يحدث في الشرق الأوسط ولكنها أعربت عن رغبتها في أن تتوقف الحرب لأن المدنيين من كلا الطرفين بشر لا يجوز قتلهم بهذه الطريقة.
والمطلوب هو حصر كل هولاء الموقعين على البيان واعداد قائمة سوداء بأسمائهم ومقاطعهم كافة أفلامهم من الأن
اقرأ ما كتبته مي كامل على موقع عشرينات لتعرف المزيد عن هذا الموضوع

Tuesday, August 29, 2006

على سفر

يبدو أنه موسم السفر، سافرت شقيقتي لحضور الدورة الصيفية التي تقيمها جامعتها في قبرص وسافر السيد الوالد الى الاسكندرية واصطحب معه أخي الأصغر لقضاء بضعة أيام مع أبناء خالته الذين يبدو منسجما معهم للغاية وفي اتصالي الأخير مع ضحى اخبرتني انها في رحلة الى اوروبا وستعود عما قريب ، ابتسمت وتمنيت لها عودة سالمة ، وبعد انتهاء المكالمة أخذت أطرح على نفسي سؤالا لم اتصور أني سأطرحه يوما: هل يمكن أن اكون في دائرة اهتمام فتاة؟ حتى اليوم كنت احسب أنني خارج هذه الدائرة ولكن يبدو شيئا ما تغير،ان مجرد شعورك باهتمام فتاة ما بك يغير من حالك تماما ، انه شعور غالبا ما تسىء النساء فهمه ، المسألة ليست شبقا جنسيا ، انه فرح شعورك بأدميتك، هل تدرك مدى جمال الاحساس بأن هناك في هذا العالم من يهتم لأمرك ؟ من يحزن لحزنك ويفرح لفرحك؟ من لن ينام ليلته قبل أن يطمئن عليك ؟ أحيانا اتصور ان الله خلقنا من جنسين مختلفين لهذا السبب ، لنشعر بروعة توحد روحين في جسد واحد
بالنسبة لشخص مثلي ، لم يعرف مثل الشعور في حياته ، يبدو الأمر جديدا تماما، مفرحا ومخيفا في نفس الوقت ، والأمر كله رهن بها ، بقرارها ، برغبتها، التي سأتقبلها أيا كانت

لما زاد القهر بينهم

من بين كافة قصائد الشاعرالراحل عمر نجم ، ثمة قصيدة تتردد في ذهني على مدى الأيام الماضية ولا أدري لماذا ، اذكر القصيدة جيدا ،اسمها "شيش وباب"وضمها ديوان عمر الثاني "سيعيد يعني هابي"ولكن ما أردده بيني وبين منذ أيام هو مطلع تلك القصيدة :
لما زاد القهر بينهم والوطن ما بقاش يساع
من قريش خرجوا الغلابة
والوطن جوه في قلوبهم
وشم منقوش ع الدراع
لماذا يلح علي هذا البيت بالذات ؟ هل لأني أشعر أن مصر اليوم هي قريش الجديدة ؟ مجتمع منقسم بين أسياد وعبيد ؟ مجتمع أفراده غارقين في ذواتهم دون الأخرين؟ مجتمع يطوف حول أوثان صنعها بيده كالمصلحة والواسطة والمحسوبية والرشوة ...الخ؟ أم لأن القهر فعلا زاد بيننا؟ زاد الى حد الموت ، الموت تحت حديد القطارات في قليوب أو تحت ركام العمارات المنهارة في كوبري القبة التي شاء القدر أن أمر من أمامها وهي تنهار وأسمع صراخ النساء وعويل الفتيات الصغار،لا أدري لعلها كل هذه الأسباب مجتمعة ولكن المؤكد في النهاية هي أن الوطن المنقوش على ذراع كل واحد فينا، ما بقاش يساع

Thursday, August 24, 2006

رجالة عوانس


عثرت على هذا الخبر بالصدفة خلال تصفحي لأحد مواقع الانترنت العربية ، فحسب احصائية رسمية يوجد في مصر الأن 9 ملايين شاب وفتاة فوق ال35 عاما ولم يتزوجوا منهم 5,5 مليون شاب و3,5 مليون فتاة (يعني الولاد أكثر من البنات في الموضوع ده )وأرجعت الاحصائية ذلك الى الأسباب المعتادة :ارتفاع معدلات البطالة في مصر وكذلك مشكلة الإسكان وارتفاع معدل التعليم بالنسبة للإناث، إضافة إلى تراجع مستوى دخل الأسرة طبقاً لآخر نشرة رسمية حول معدلات الفقر في مصر، والاحصائية رغم ما فيها من أرقام مأساوية الا انها أعطت للعبد لله شيئا من الأمل انه ليس لوحده في موضوع "العنوسه" ده وأنه طالما بقي السيد الرئيس المبجل الموقر حاكم علينا (أو على قلوبنا)فلايزال قدامي فرصة حتى سن ال35 عقبال ما أفكر في موضوع الجواز والارتباط والذي منه ،أما اذا تم سيناريو التوريث فممكن أستنى لحد عام 3000 على الأقل عقبال ما أبتدي أخطط لجوازة

Tuesday, August 22, 2006

ماليش مكان في بلادي غير القبر


حين رأيت صور حادث قطار قليوب بالأمس قفزت الى ذهني قصيدة الشاعر بهاء جاهين "ماليش مكان في بلادي غير القبر" "ورغم أن الشاعر كتب هذه القصيدة ردا على مجزرة الحرم الابراهيمي فلا أتصور انه قد خطر بباله يوما أن قصيدته ستكون خير تعبير عن حال المصري في هذا العصر "السعيد" فليس للانسان المصري في عهد مبارك مكان في وطنه الا قبره ، ليس له مكان أو حق في حياة كريمة أو بيت امن أو تعليم مجاني او رعاية صحية أو باختصار...ليس له الحق في الحياة
ليس لفقراء مصر في عهد مبارك الا القبر، سواء كانوا يعتلون سقف قطار أو ظهر عبارة ، ليس للمجندين الفقراء وعمال المصانع ومن يعيشون على "رزق يوم بيوم" الا الموت وهم يسعون الى لقمة عيش وياليتها كريمة ، بل مغمسة بالذل والهوان.
تقول احدى الاحصائيات أن مصر خسرت في حروبها الأربع مع العدو الصهيوني 25 ألف شهيد أما ضحايا حوادث النقل في ربع قرن من حكم مبارك فتجاوزوا ال250 ألف شهيد !ان غياب المحاسبة شجعت من قبل وستجع لاحقا على تكرار هذه المأساة ، لذلك لا بد من تحرك سريع لمحاسبة جميع من تسبب في هذه الكارثة بداية من وزير النقل الى أصغر مسئول
وهذه مقترحاتي:
1.اقامة صوان عزاء لشهداء القطارين في أحد ميادين القاهرة
2.توجه وفد من حركات التغيير وفي مقدمتها حركة كفاية لقليوب لتعزية أهالي الضحايا ومحاولة المساعدة قدر الامكان
3.تظاهرة أمام مبنى وزارة النقل للمطالبة بمحاسبة المجرمين المسئولين
4.تظاهرة أمام متحف السكة الحديد للمطالبة باستقالة ومحاسبة وزير النقل
5.الدعوة الى اعتصام في ميدان التحرير حتى الاستجابة لهذه المطالب
6اضاءة الشموع وارتداء السواد حدادا على أرواح الشهداء

Thursday, August 17, 2006

ومضى الحفل على خير


اعذريني يا دعاء ، فلست راغبا حقا في الكتابة عن الحفل ، لازلت لا أشعر بالرضا عن الشكل الذي خرج به في نهاية الأمر وبعد كثير من المجهود ، نعم كنت أحد المنظمين ولكني لا أستطيع ان افعل كما فعل البعض وانشغل بالمديح وتغاضى عن الأخطا ء التي ارتكبناها و التي لولاها لكان الحفل أفضل بكثير مما رأيت ورأى الناس ، ولكن ولكي لا أظلم أحدا حقه يجب أن اشيد بمجهود الزميلة التي صنعت كليب "صقر لبنان"
وبغناء على اسماعيل الذي أتحفنا بأغنية "نصر الله" وبعلي الفيل وفرقة مغنواتي الوطن الذي شكل الحفل بالنسبة لهم شهادة الميلاد لفرقتهم وبالشاعر الجميل عبد الرحمن يوسف وقصيدته المفاجأة "من نسل جيفارا" التي أهداها الى الرئيس الفنزويلي تشافيز
أعذروني يا أصدقائي فهذه أخطاء التجربة الأولى التي لا بد منها واعدكم ان أتفاداها في التجربة القادمة ان كانت هناك تجربة قادمة

ولله الحمد



"الحمد لله " كلمتان يرددهما كل شريف في هذا العالم ،مسلما كان او مسيحيا أو غير ذلك، كل من أمن بالمقاومة ، كل من امن بقدرتها ، كل من أمن بالنصر الأتي من عند الله على يد من صدقوه الوعد والعهد ،الحمد لله الذي لم ينصر فقط فئة مؤمنة على فئة باغية ،بل نصر منطقا على أخر ، انتصر المنطق الذي يحفظ لنا كرامتنا وأدميتنا ويحفظ لنا مكانا وقدما على هذه الأرض : منطق المقاومة والصمود ، وانكسر منطق أصحاب مبدأ"الخطوةالخطوة"وأوراق اللعبة بيد أميركا " و"هو احنا قد اسرائيل"انكسر منطقهم وانكشفت سوائتهم التي يحاولون مداراتها الأن بالتهوين من انتصار المقاومة والتشكيك فيه ،ولكن هيهات ، فلن تعود اسرائيل بعد الجنوب كما كانت قبله ، لقد فقدت أهم ما كانت ما تتمسك به طيلة 60 عاما ،هيبتها وهيبة جيشها اللذين سقطا في الجنوب كما سقط جدار الخوف، لم يعد طفل الجنوب يخشى الجندي الاسرائيلي مهما كان مدججا بالسلاح وغدا سينشأ جيل من الأطفال العرب في كل مكان على نفس المبدأ، لم يعد الاسرائيلي ذلك البعبع الذي تخيفهم أمهاتهم منه
لن تعود أبدا كما كانت بعد ان طالت يد المقاومة لأول مرة الداخل الاسرائيلي الذي حرص الصهاينة دوما على ابعاده عن أي معركة، لن تعود كما كانت بعد أن عرف الصهاينة الخوف والمبيت في الملاجىءوانتظار صفارات الانذار ، بعد أن ذاقوا لأول مرة من نفس الكأس التي عرفناها لنصف قرن وأكثر
سقط رهان الجميع على الحصان الصهيوني الذي ظنوا أنه جامح ولا ملجم له، سقط الحكام العرب الذين تعروا امام شعوبهم قبل أسيادهم الأمريكان ومعهم كتابهم المرتزقة وسدنتهم وكهنتهم وحارقي بخورهم، سقط الجميع وانتصرت الأمة، انتصرت الشعوب التي أمنت بنصر ربها وعدالة قضيتها، فحمدا لله
طيلة أسابيع المعركة الأربعة لم أفقد ايماني ولو للحظة بوعد سيد المقاومة حسن نصر الله حين وعد الأمة بالنصر الأتي ، وصدق صاحب "الوعد الصادق"
صدق من أبايعه اماما وسيدا وقائدا وأستبدل حذائه برؤوس كل حكام العرب من المحيط الى الخليج
فالحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده وأعز أمته
الحمد لله الحمد لله الحمد لله

Sunday, August 13, 2006

لماذا نحن مدونون؟

حين شرعت في انشاء هذه المدونة كان الغرض منها أن أشارك في حركة أخذت تنمو وتتسع ، حركة ضد كل ما هو تقليدي بداية من النظام السياسي الجاثم فوق صدورنا لأكثر من ربع قرن مرورا بالاعلام الرسمي الذي لا نجد لأنفسنا مجالا فيه ، كان الغرض من المدونات يبدو لي واضحا :انشاء اعلام بديل يمكننا من قول ما نشاء بعيدا عن مقص الرقيب ، في البداية كنت أنظر الى مدونتي على انها صوتي أنا الفردي فقط لكن مع مرور الوقت أصبحت بنظري تعبيرا عن الضمير الجمعي لكثيرين غيري لا أدعي تمثيلهم ولكني أزعم ان ما اكتبه يتوافق مع مواقفهم ،كذلك كانت نظرتي للمدونين بشكل عام:أنهم تعبير عن ضمير الوطن في لحظة التغيير التي نمر بها ، لكن سرعان ما بدأت أتشكك في هذا الأفتراض مع سقوط أول القذائف الاسرائيليةعلى لبنان!ما معنى أن اجد أكثر من مدونة تهاجم المقاومة وتردد نفس منطق نظامنا ال"محترم"صاحب عبارة المغامرة غير المحسوبة ؟ ما معنى أن تكون بعض المدونات اداة لتثبيط الهمة والتشكيك في قدرة المقاومة على احراز النصر؟ما معنى أن يتماثل البعض مع موقف نظام يقترض أننا جميعا ضده؟ عمن يعبر هولاء ومن يمثلون؟هل أصبحت الفردية هي الأساس وليذهب الجميع الى الجحيم؟يبدو والله أعلم اننا نمضي شيئا فشيئا الى ما كنا نخشاه ،أن تتحول المدونات الى قناة من قنوات التلفزيون المصري! ،

Thursday, August 10, 2006

زهقت


لا أخفيكم انني تعبت، تعبت وسئمت وزهقت!جزء من عملي أن اتابع تغطية الصحافة العربية لما يحدث في لبنان،خاصة صفحات المقالات والرأي ،تصريحات حكامنا الأفاضل لم تعد تثير أي دهشه أو حتى تقزز ، صارت جزءا من معرفتنا بهم ومعرفتهم بنا، حتى كتابات ما يسمى بالنخبة العربية لم تعد مفاجئة ، تلك التي تهجو المقاومة وتتفوق على الاسرائيلين في الحديث عن المصير الأسود الذي ينتظرها وتبشرنا بالهزائم ونحن نرى النصر بأم أعيننا ، حتى هنا ولا شي يثير الدهشة ولا المفاجأة ولكن المؤلم أن تتسرب هذه الروح الينا فأجدها لدى قسم لا يستهان به من الزملاء ومن أصدقائي المدونين ، أحد الزملاء يستكثر علينا ان نرفع رايات حزب الله في التظاهرات معتبرا أنها "راية طائفية" وزميل اخر يعلن صراحة على مدونته أن لا يؤمن ب"فلسفة النصر" أو مجرد الحديث عنها
يتعمق احساسي يوما بعد يوم بأننا امة تغلغلت فيها ثقافة الهزيمة بحيث لم تعد تؤمن بالقدرة على الانتصار حتى لو رأته أمام عينيها ، أمة قنطت من نصر الله فضلا عن رحمته،وهذا هو اخطر ما قد يصيب روح اي أمة ، فما لم تستطيع اسرائيل تحقيقه في أعقاب حرب 1967 تمكنت من تحقيقه-وياللمفارقة-بعد حرب 1973 حين زرع فينا حكامنا أنها أخر الحروب وأننا لا نستطيع مواجهة العدو مرة أخرى وأن "99% من أوراق اللعبة في يد أميركا
منذ ذلك الحين سكنت الهزيمة عقولنا وبتنا نصدق اكثر من الصهاينة أساطيرهم عن جيش لا يقهر ومخابرات لا تخترق وبتنا نشكك في أي انجاز في مواجهتهم ، لذلك يزعجنا جدا ويؤلمنا جدا وجود هذا الحزب الصغير المسمى ب"حزب الله"لأنه يكشف لنا عجزنا ، يدحض ما امنا به من أساطير ،يكشف لنا أن النصر ممكن ، فقط ان أمنا به
اعذروني يا سادة فلن أشارككم يأسكم وقنوطكم ، فجنوني يأبى الا أن أتمسك ببقية من ايمان ، ايمان بهذه الأمة وبشعوبها الحية وبقدرتها على النهوض من تحت الركام،وحين ينقشع غبار المعركة باذن الله سندرك أينا كان أكثر "واقعية"

Wednesday, August 09, 2006

البنت/الصرخة


في جريدة جريدة الأيام نشر الشاعر الفلسطيني الشهير محمود درويش يومياته عن شهر يوليو ومن تلك اليوميات اخترت لكم هذه القصيدة التي كتبها عن حادثة الطفلة الفلسطينية هدى غالية التي فقدت أسرتها على شاطى غزة في غارة اسرائيلية
"على شاطى البحر بنت ،وللبنت أهل
وللأهل بيت وللبيت نافذتان وباب
وفي البحر بارجة تتسلى بصيد المشاة
على شاطى البحر :أربعة ،خمسة،سبعة
يسقطون على الرمل والبنت تنجو قليلا
لأن يدا من ضباب
يدا ما الهية أسعفتها
فنادت:أبي
يا أبي قم لنرجع ، فالبحر ليس لأمثالنا
لم يجبها أبوها المسجى على ظله
في مهب الغياب
دم في النخيل،دم في السحاب
يطير بها الصوت أعلى وأبعد
من شاطى البحر
تصرخ في ليل برية
لا صدى للصدى
فتصير هي الصرخة الأبدية في خبر
عاجل لم يعد خبرا عاجلا عندما
عادت الطائرات لتقصف بيتا بنافذتين وباب"