Thursday, May 31, 2007

أخر الرجال المحترمين


طول الفترة الانتقالية كان هناك من يردد علي مسامعنا «ما من حقكم أن تخرجوا البلد من مأزق وتدخلوه في مأزق جديد والشعب الموريتاني ليس جاهزاً لهذه الخطوة «تسليم السلطة» ولماذا تفرطون في البلد والشعب ليس جاهزاً للديمقراطية، هذه الأطروحات سمعناها وعرضت علينا يومياً، وهذا الأسلوب هو الذي يفشل كل الرغبات في التغيير، وبالتالي رفضناه، وصممنا ألا يوجهنا أحد في غير الطريق الصحيح، وكنا صارمين في تحديد أهدافنا، ولم نسمح لأي
مزايد أن يثنينا عن توجهنا نحو الديمقراطية
الرئيس الموريتاني السابق ولد فال في حوار مع صحيفة المصري اليوم

حذاري من غضبي

سلبت كروم اجدادي وارضا كنت افلحها انا وجميع اولادي ولم تترك لنا ولكل احفادي سوى هذي الصخور..فهل ستأخذها حكومتكم..كما قيلا؟
اذن !!!!!سجل...برأس الصفحة الاولى انا لا اكره الناس, ولا اسطو على احد
ولكني... اذا ما جعت, آكل لحم مغتصبي حذار... حذار... من جوعي ومن غضبي
شعر:محمود درويش
مهداة إلى أهالي قلعة الكبش

Wednesday, May 30, 2007

العراق للبيع


إلى أي حد يمكن لفيلم أن يزعج رجال السياسة في بلد مثل الولايات المتحدة تدعي أنها الأكثر حرية على مستوى العالم ، ورغم ذلك يطالب الكونجرس فيها بمنع عرض هذا الفيلم.
هذا هو ما حدث مع الفيلم الوثائقي "العراق للبيع المستفيدون من الحرب" للمخرج الأمريكي روبرت جرينوالد، الذي يكشف الكثير من الأسرار حول الشركات المستفيدة من احتلال هذا البلد العربي.
واعتاد جرينوالد أن يثير الجدل بسبب أفلامه الروائية والتسجيلية التي تناولت قضايا سياسية واجتماعية حساسة، مثل فيلمه الروائي "اسرقوا هذا الفيلم " الذي تناول القمع الذي تعرض له الناشط اليساري أبي هوفمان لمعارضته الحرب على فيتنام.
كما ناقش في عدد من أفلامه الوثائقية مثل "outfoxed" قضية الإعلام الأمريكي المتحيز من خلال قناة فوكس التلفزيونية، وكذلك فيلم "كشف الحقيقة" الذي فند الأسباب التي بررتها الإدارة الأمريكية لشن الحرب على العراق عبر لقاءات مع خبراء التسليح والمخابرات والسياسة الخارجية.
ويعود جرينوالد مجددا لإثارة لجدل من خلال فيلمه "العراق للبيع" الذي أنجزه عام 2006، وكشف فيه عن نشاط الشركات الأمريكية الخاصة في العراق عقب احتلاله، وكيف يستعين الجيش الأمريكي بهذه الشركات في كافة أنشطته تقريبا بدءا من تسليح القوات ووصولا إلى غسيل ملابسهم.
ومن خلال لقاءات عدة مع جنود وضباط أمريكيين ومقاولين ورجال أعمال، يكشف جرينوالد أن هذه الشركات العملاقة تجني الملايين من الأرباح سنويا، وفي المقابل لا يجني الجندي الأمريكي والمدني العراقي سوى الموت.
وقد أثار الفيلم جدلا واسعا وصل إلى الكونجرس الأمريكي الذي استدعى المخرج للشهادة أمام السيناتور الجمهوري جيم موران، للتأكد من صحة المعلومات التي أوردها في الفيلم، واصطحب جرينوالد معه إلى الكونجرس شريطا مدته أربعة دقائق يحتوي على مشاهد اختارها بعناية من فيلمه.
وأدى عرض الدقائق الأربعة إلى غضب الجمهوريين في الكونجرس الذين طالبوا بمنعها، وبالفعل تم حظر الشريط في الكونجرس في الـ10 من مايو الماضي، إلا أنه وجد طريقه إلى الجمهور عبر شبكة الإنترنت.
وعرض المخرج في الدقائق الأربعة شهادات، تكشف أن شركات مثل: هاليبرتون -التي ترأسها من قبل نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني- تتدخل في كل ما له صلة بالجيش في العراق، سواء توفير الوجبات أو خطوط الاتصال والإنترنت أو غير ذلك.
وأشار إلى أن عقدا واحدا أبرمته الشركة مع الجيش بلغ قيمته أربع مليارات دولار، بل إن الجيش يستعين بالشركات الخاصة، حتى فيما يتعلق بالتحقيق مع المعتقلين، فالمعتقلون السابقون في سجن أبو غريب يقولون إن من حقق معهم وعذبهم في بعض الأحيان كانوا يرتدون ثيابا مدنية، وهم ينتمون لشركات أمنية مثل تيتان وسي إيه سي أي.
ورغم أن قرار الحظر لا يزال ساريا، إلا أن المؤكد أن الجدل حول الفيلم والقضية التي يثيرها لن تنتهي بهذا القرار

Monday, May 28, 2007

حملة المليون توقيع لنصرة الأقصى



الأقصى يناديكم
سارع بالمشاركة
حملة المليون توقيع لنصرة الأقصى

توقيعات سترفع إلى الامم المتحدة للمطالبة بوقف أعمال الهدم والحفر الصهيونية في المسجد الأقصى المبارك

والآن: أتيح التوقيع الكترونيا من خلال موقع نقابة الأطباء المصرية
http://www.ems.org.eg/hamlet_tawkee_aqsa/Hamla.html

كما يمكن التوقيع من خلال الاتصال التليفوني بالنقابة على أرقام 7943166 - 7940738 - 7943812

لا تبخل بخمس دقائق لعمل مكالمة تليفونية للنقابة أو ارسال بريد الكتروني لتسجيل اسمك واسم كل من تعرف من الاهل والاصدقاء والجيران ممن يرغبوا في التوقيع لكن قد يتكاسلوا لأن الوقت ضيق

لا تتردد في نشر هذه الرساله الآن لجميع قائمة بريدك الالكتروني
وكذلك كل المنتديات التي تشترك بها لإيصال الأمر لأكبر قدر من الناس في أقصى سرعة لأن الوقت ضيق ..
الأقصى بحاجة إلى أصواتكم

Thursday, May 24, 2007

بيان: كرامة الوطن ليس ثمنها دم المدنيين

يتعرّض مخيّم نهر البارد منذ أيام لهجومٍ عنيفٍ من قبل الجيش اللبناني لم يوفِّر المدنيين والمناضلين الذين لا علاقة لهم مطلقاً بـ “فتح الإسلام”.

إنّ الموقِّعين أدناه يستنكرون القصف العنيف الذي يُطاول أحدَ أهم خزّانات المقاومة الفلسطينية والعنفوان اللبناني ـ العربي. وهم, إذ يشدِّدون على كرامة الجيش اللبناني الذي لم ينجرَّ إلى مؤامرةِ نزع سلاح المقاومة الوطنية اللبنانية خدمةً للمخططات الأميركية ـ الإسرائيلية, يناشدون كافة القيادات السياسية والوطنية والعسكرية والأمنية فتحَ المجال أمام بعثات الإغاثة للوصول إلى هذا المخيم المناضل, وألاّ يُؤخَذَ المدنيون اللبنانيون والفلسطينيون, ولا مناضلو الفصائل الفلسطينية العريقة, بجريرة “فتح الإسلام” ولا بجريرةِ مَن يحاول أن يدقّ إسفيناً بين الجيش اللبناني والفصائلِ المذكورة. إنّ كرامةَ الوطن يجب ألاّ يكون ثمنَها دمُ المدنيين, ولا أكواخُ الفقراء, ولا أرواحُ المناضلين الفلسطينيين واللبنانيين. فليتوقّف القصف فورا, وليفسح المجال أمام تسويةٍ لبنانيةٍ مع فصائل المقاومة ومع اللجان الشعبية داخل مخيم نهر البارد. وليفسح المجال, قبل كل شيء, أمام قوافل الإغاثة والإسعاف
للتوقيع على البيان وإضافة تعليقك:
برجاء نشر البيان قدر الإستطاعة

Wednesday, May 23, 2007

يا زمان الطائفية

إلى مشعلي الحرائق في غزة وإلى المتقاتلين على أرض لبنان وإلى أصحاب الفتاوى الطائفية والقتل على الهوية وإلى أشقاء العراق الممزق المقسم المتناحر وإلى مشعلي الفتنة الطائفية في بمها والصعيد وإلى مشايخ الرضاعة والبول ، مهداة إليكم جميعا أغنية يا زمان الطائفية لزياد الرحباني ، أغنية عمرها خمسة عشر عاما ولاتزال -لسوء الحظ- صالحة ليومنا هذا

منعم ...لازال حرا


عبد المنعم محمود ، الزميل المدون والإعلامي والناشط ....لازال رغم كل ما حدث له مبتسما ، ولايزال يلوح لنا بأن النصر أت وقريب بإذن الله ،القيود والكلاشبات لم تأسر روحه المقاتلة، قسوة السجانين لم تسلب منه إبتسامته العذبة الصافية،منعم لا يزال حرا يا جلادي الوطن ، هذا مالم ولن يفهمه أمثالكم ،لا قهركم ولا جبروتكم ولا حكمكم بتجديد حبس هذا الشاب مرة بعد أخرى يمكنه أن يمنع إبتسامته من أن تصلنا

Tuesday, May 22, 2007

الحرب على الديمقراطية


لعله الصحفي الأكثر إثارة للجدل في العالم،إستطاع عبر ما يقرب من خمسين عاما من العمل في الصحافة الإلتزام بأخلاقيات مهنته وإستطاع بأفلامه التسجييلة المتنوعة أن يكشف عن كثير من الحقائق والقضايا التي سعت الدول الكبرى إلى طمسها أو إخفائها عن الجمهور.
إنه جون بيلجر الصحفي والمخرج الأسترالي المخضرم والمقيم حاليا في لندن والذي قدم ما يقرب من خمسة وخمسين فيلما تسجيليا منذ السبيعنات وحتى الأن ، تناول من خلالها أكثر القضايا السياسية إثارة وحساسية من حرب فيتنام إلى أزمة تيمر الشرقية في إندونيسيا إلى قضية الشعب الفلسطيني التي قدمها في فيلمين حملا نفس الإسم "فلسطين لا تزال القضية" وإنتهاءا بالحرب على أفغانستان والعراق.
وفي كافة أفلامه يبدو إنحياز بيلجر واضحا للشعوب التي تكافح من أجل حريتها في وجه القوى السياسية والإقتصادية الكبرى وفي مقدمتها-بطبيعة الحال-الولايات المتحدة الأمريكية.
وأحدث أفلام بيلجر والذي سيبدأ عرضه في صالات السينما في بريطانيا خلال شهر يوينو القادم بعنوان "الحرب على الديمقراطية the war on democracy" وفيه يستعرض جون بيلجر تاريخ العلاقة بين الولايات المتحدة وبين الدول التي طالما أسمتها ب"فنائها الخلفي" وهي دول أمريكا اللاتينية.
ويروي الفيلم الذي إستغرق عامين تقريبا لإنجازه تاريخ التدخلات الامريكية المستمرة في شؤون هذه الدول تحت مسمى الديمقراطية ، رغم أن هذه التدخلات كانت تؤدي في أغلب الأحيان إلى إسقاط حكومات منتخبة!
ويصف بيلجر فيلمه بالقول أن "الفيلم يقدم قصة عالمية، فمن خلال الشهادات الحية نرى حقيقة القوى العظمى التي تتحرك وراء قناع من الأساطير، وهذا ما سوف يساعدنا على فهم "الحرب على الإرهاب" على حقيقتها".
ويتضمن الفيلم حوارات مع قادة أمريكا اللاتينية الجدد مثل هوجو شافيز في فنزويلا وإيفو موراليس في بوليفيا وغيرهم ، بالإضافة إلى شهادات مواطنين عاديين يرون أن الصراع الدائر حاليا "ليس صراع شافيز لوحده ، إنه صراع يخصنا جميعا".
وينهي بيلجر فيلمه بالقول:"منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، أسقطت الولايات المتحدة ما يقرب من خمسين حكومة منتخبة في أنحاء مختلفة من العالم، ولكن شعوب أمريكا اللاتينية نهضت اليوم وتصر على المقاومة".

Monday, May 21, 2007

في ذكرى النكبة

الأيقونة


حين وقعت هزيمة عام 1967 ، كانت بالنسبة للكثيرين من المبدعين العرب دافعا لليأس والإحباط ، ولكنها بالنسبة إلى قسم أخر من المبدعين كانت دافعا إضافيا للمقاومة ، ومن هولاء كان ناجي العلي ، فنان الكاريكتير الفلسطيني.
ألهمت نكسة 1967 ناجي العلي شخصية حنظلة الكاريكتيرية ، شخصية أرادها رمزا لكل المضطهدين والمشردين في العالم، رسم العلي حنظلة في صورة طفل فلسطيني مشرد ممزق الثياب يعقد يديه خلف ظهره بإستمرار علامة على الثورة أو الرفض الدائمين ،إضافة الى أن القارى لا يرى وجه حنظلة أبدا وهو ما فسره العلي بقوله :"منذ أن خرج هذا الطفل من فلسطين عام 1948 وهو ينظر إليها ، ولن تستطيع أن ترى وجهه إلا إذا نظرت معه في نفس الإتجاه".
وعلى مدى عشرين عاما كاملة لم تعرف شخصية كاريكتورية إستمرار كالذي عرفه حنظلة ،فقد تحول-كما وصفه العلي- إلى "أيقونة" للثورة وصار صورته توضع على قلادات الفتيات في الأراضي المحتلة ، بل إن أيقونة حنظلة إستمرت حتى بعد رحيل صاحبه ناجي العلي عام 1987 .
حول هذه الأيقونة ،تدور أحداث الفيلم التسجيلي "الأيقونة" للمخرجة هناء الرملي، وهناء الرملي شابة فلسطينية تدير موقعا يحمل إسمها على شبكة الإنترنت بالإضافة الى تأسيسها لموقع يحمل إسم الفنان ناجي العلي وسعت فيه إلى جمع كافة رسوم الفنان الراحل إضافة إلى مقالات نقدية تتناول فنه وحياته.
لكن هناء الرملي إلى ما هو أبعد من ذلك وقررت إخراج فيلم يكون "حنظلة" ناجي العلي هو موضوعه ومحوره الأساسي .
ولم تكتفي هناء بدور المخرجة بل حملت على عاتقها إنجاز كافة عناصر الفيلم مثل التصوير والمونتاج إضافة إلى تصميمها للرسوم المتحركة والتي إستخدمت فيها رسوم العلي بشكل مكثف.
وخلال تسع دقائق هي مدة هذا الفيلم القصير تعرض المخرجة مجموعة من الحوارات مع شخصيات فلسطينية من خلفيات وتيارات مختلفة (طبيب-صحفي-عاملة إجتماعية-موظف....إلخ) يجمعهم كلهم تمسكهم بالأيقونة لأسباب متنوعة ، مثل الصائغ الذي يشير إلى أن قلادة وميدالية حنظلة هي الأكثر طلبا لديه والشاب الذي يضع حنظلة وشما على ذراعه ، وفي لقطة ذات دلالة يظهر حنظلة أمام البيت الأبيض بواشنطون حيث وضعه متظاهرون أمام السور خلال تظاهرة تضامنية مع الشعب الفلسطيني .
تمكنت المخرجة بفضل مونتاج رشيق للغاية من ضبط الايقاع العام للفيلم وأضافت الرسوم المتحركة الملونة إلى كاريكتير ناجي العلي ولم تنتقص منها كما لخصت أغنية سميح شقير"لو رحل صوتي" التي كتب ناجي العلي كلماتها ونسمعها بصوت الفلسطينية تيريز سليمان ما سعى الفيلم لقوله بلغة الصورة :
"لو رحل صوتي
ما بترحل حناجركم
لو راح المغني بتظل الأغاني

لتحميل الفيلم إضغط هنا


"

Saturday, May 19, 2007

صباح الخير ...يوسف إدريس


صباح الخير "على الورد اللي فتح في جناين مصر"

صباح الخير على أبو الفرافير

صباح الخير على باني بيت من لحم

صباح الخير على عاشق لي لي

صباح الخير على صاحب الحرام والعيب والمهزلة الأرضية

صباح الخير على قلم مصري صميم

معجون من طين فلاحي ومغموس في ألام وأمال فقراء المحروسة

صباح الخير على واحد من أعظم عشرة كتبوا القصة في هذا العالم

صباح الخير على كاتبي المفضل

صباح الخير يا يوسف إدريس في يوم مولدك

التاسع عشر من مايو

Thursday, May 17, 2007

ولد وبنت ..وحاجات


لا يمكنك أن تعرف أهمية الضوء إلا إذا قارنته بالظلام ، فالشي لا يعرف إلا بنقيضه .
قد تكون هذه العبارة هي المدخل المناسب لفهم العرض المسرحي "ولد وبنت وحاجات" الذي يقدمه مجموعة من شباب المسرح بإحدى قاعات مسرح السلام،العرض الذي جاء نتيجة لتعاون مجموعة من الشباب بداية من مؤلفة العرض رشا عبد المنعم مرورا بأبطاله شادي الدالي وأية محمود حميدة وبيومي فؤاد وإنتهاءا بمخرجه هاني عفيفي سعى إلى أن يقدم محاولة صادقة لإجابة سؤال هام :هل لازال للحب بمفهومه الرومانسي الحالم مكان في زماننا؟ أم أنه –كأشياء كثيرة في حياتنا- فقد معناه وتم تفريغه من محتواه؟
لجأ كل من المؤلفة والمخرج من البداية إلى وضع كل مفهوم أمام نقيضه لإبراز معناه الحقيقي ، فنرى في بداية العرض الفتاة (أية حميدة) وكل ملامح وجهها تنطق بالحزن ولكنها تصر على أنها "سعيدة ...والله العظيم أنا سعيدة" وفي المقابل نرى الشاب (شادي الدالي) وهو يقهقه ضاحكا ورغم ذلك يقول :"أنا مكتئب جدا"!
يستمر هذا التناقض بين تعبيرات الشاب والفتاة ويدرك المشاهد بشكل تلقائي أنهما وجهان لعملة واحدة ، فالفتاة تحاول –عبثا- أن تحسب كبف بكفيها مرتبها الضئيل والذي لا يتجاوز 400 جنيه على أفضل تقدير لمصروفات شهر كامل في حين يقف الشاب مرددا أن الشعب المصري هو الأجمل والأفضل والأشمل والأفعل ...الخ من صفات التفضيل وكأنه الإعلام الرسمي المضلل الذي يتغنى بالأمجاد في حين أن الواقع-ممثلا في حال الفتاة-يدعو إلى الرثاء.
تستمر هذه اللقطات المتناقضة طيلة الجزء الأول من العرض ، إلى أن يقف الرجل المسن (بيومي فؤاد) على طريقة المسرح البريختي القائم على كسر الإيهام معترضا على يقدمه الشاب والفتاة ، وحجته في ذلك تبدو منطقية :إن الجمهور ليس بحاجة إلى مزيد من الإحباط ، إنه بحاجة إلى الأمل ، لذلك فلنتحدث عن شي أجمل ....كالحب.
ولكن المسن الذي لازال يعيش وسط مفردات عصره ممثلا في جهاز الجرامافون وأغنيات أم كلثوم وإقتباسات متكررة من كتاب "طوق الحمامة" لإبن حزم الأندلسي ، لايدرك أن الحب قد تغير مفهومه كما تغير معناه
هنا ينقسم المسرح إلى قسمين ، المسن في أعلى المسرح –أو قل الذاكرة-في حين نرى الشاب والفتاة في أسفل المسرح ، ليستمر التناقض بينهم وبين المسن أو الأمس والحاضر
فالرجل الذي يقرأ من مذكراته بشكل مستمر ويذكر تواريخ وأياما ذات دلالة مثل يونيو 1967 واكتوبر 1973 ويناير 1977 يتحدث عن الجهد البالغ الذي بذله لمجرد ترتيب لقاء مع محبوبته وفي المقابل نرى كيف يتعرف الشاب والفتاة بشكل فائق السرعة عبر شبكة الإنترنت .
وأيضا حين يتحدث المسن عن رغبته في أن يبدأ علاقته مع حبيبته بالصراحة التامة نرى الشاب والفتاة وقد بدأ كل منهما معرفته بالأخر بكذبة سواء كانت تتعلق بالمظهر أو العمل او غير ذلك.
عبر مجموعة من المشاهد-أو قل اللقطات- المتتالية ندرك مع شخصيات العرض أن جملا رومانسية مثل "أنت العالم بالنسبة لي" صارت بلا أي معنى حقيقي ، فالعالم لم يعد مكانا جميلا لتقارن الحبيبة به كما توحي عناوين الأخبار التي يتابعها الشاب والفتاة في فزع واضح.
بل إن كلمة "أحبك" نفسها تفقد معناها في زخم الحياة اليومية ، وتتحول من إعتراف رقيق إلى تحية باردة إلى صيحة في شجار يومي.
يدرك كلا العاشقين الشابين أنهما لا يستطيعان مجاراة المسن في كتابته مذكراته ،فليس في حياتهم ما يستحق التسجيل باستثناء مواعيد العمل والنوم والطعام فحياتهم كما يصفها الشاب "فاضية"، فارغة حتى من المشاعر.
يضعنا المسن أمام الحقيقة حين يقول إننا نشعر بالبرد حين نفتقد شخصا نشعر بالدفء في جواره، ويشير إلى مذكراته قائلا "لذلك ،أصبحت ككل شىء في هذا البلد،أتدفأ بذكريات الماضي".رغم البساطة الشديدة في كافة عناصر العرض من ديكور وإضاءة وغيرها، إلا أن المشاهد يغاد قاعة العرض وهو يدرك أن البساطة والتلقائية والبعد عن الإفتعال بما في ذلك أداء الممثلين و التي كانت سمة عرض الأساس ،هي السبب الرئيسي في تلك الحالة من الدفء التي شاعت في قاعة العرض الصغيرة

Wednesday, May 16, 2007

الريح التي تهز الشعير


لدى توجهي لمشاهدة فيلم "الريح التي تهز الشعير the wind that shakes barley" لم أستطع منع نفسي من التساؤل :لماذا يستمر عرض ذات قيمة فنية عالية في مصر مثل هذا الفيلم أو فيلم "صانع الوهم the illusionist " أو "العطر the perfume" دون إهتمام إعلامي يذكر ، وكأنها تعرض سرا؟
أكثر من سبب جعلني مهتما بمشاهدة هذا الفيلم ، ليس أقلها أنه للمخرج البريطاني المخضرم "كين لوش" صاحب رصيد سينمائي يتجاوز الأربعين فيلما بالاضافة الى عدد من الأعمال التلفزيونية ، وعرف على مدى أربعين عاما تقريبا بأفلامه ذات المضمون السياسي المباشر مثل "الأرض والحرية" عام 1995 و"الخبز والورود" عام 2000 بالاضافة الى قيامه بإخراج أحد فصول الفيلم الفرنسي "11 -9-2001" وقدم فيه أكثر الفصول إثارة للجدل حين قام بمقارنة ما حدث في 11 سبتمبر 2001 في أمريكا بما حدث في نفس اليوم من عام 1973 في شيلي حين ساندت الولايات المتحدة إنقلابا دمويا أطاح بالديمقراطية وحصد أرواح 3000 شيلي.
هذا بالاضافة الى موضوع الفيلم الذي يتناول أحداث و وقائع هامة في مسيرة النضال الايرلندي ، وهو ما يضعنا المخرج في أجوائه مباشرة دون مقدمات كثيرة ، ففي بداية الفيلم نشاهد داميان (سيليان مورفي) الطبيب الايرلندي المتفوق يلهو مع أصدقائه وأبناء قريته في مباراة لكرة القدم ، ورغم أن تجمعهم لم يتضمن أكثر من لعب الكرة الا الجنود الاحتلال الإنجليز سرعان ما يحاصرونهم تحت حجة "أن كافة التجمعات محظورة ، بما في ذلك الألعاب" ويتم إذلال الرجال أمام أسرهم بإجبارهم على خلع ثيابهم ،بل إن الأمر يتطور الى تعذيب شاب مراهق حتى الموت لمجرد أنه رفض أن ينطق إسمه بالإنجليزية.
وخلال جنازة الشاب ، يبدو واضحا الإنقسام بين داميان وشقيقه تيدي (بادريك ديلاني) حول جدوى العمل المسلح ضد الاحتلال ، ففي حين يؤمن به تيدي ورفاقه بمن فيهم سينيد (أورلا فيتزجيرالد) -الفتاة التي يرتبط بها داميان عاطفيا- فإن داميان أنه لن يجدي نفعا مع إمبراطورية بحجم بريطانيا.
لكن داميان سرعان ما يتغير هو أيضا بعد أن يرى الجنود الإنجليز وهم يهينون ويضربون سائق القطارات دان (ليام كونينجهام) لرفضه أن يركبوا القطار، فينضم كلاهما إلى صفوف المقاومة المسلحة متمثلة في "الجيش الجمهوري الإيرلندي" ويخوضان بقيادة تيدي حرب عصابات شرسة ضد الوجود الإنجليزي في إيرلندا.
وفي جمل حوارية بارعة صاغها كاتب السيناريو بول لافيرتي ، يقدم صناع الفيلم رؤيتهم لقضية الديمقراطية من خلال مواجهة بين داميان وضابط إنجليزي ، فحين يصف الضابط داميان بأنه "قاطع طريق ومجرم" يصيح داميان في وجهه :"لا ،أنا ديمقراطي، لقد صوتت أغلبية الشعب لحزب الشين فين المطالب بالاستقلال وجئتم أنتم لتقمعوا البرلمان وتصادروا الصحف، إن الديمقراطية الحقيقية هي أن تخرجوا من بلادي".
ولكن الفيلم لا يقدم قصة ثورة بقدر ما يطرح محاولة لإجابة السؤال التاريخي :لماذا يتحول الثوار عن مسارهم حين يصلون إلى السلطة ، وتصبح ممارساتهم مرأة لممارسة المستعمر السابق؟
يقدم الفيلم الإجابة على لسان دان ذو التوجه اليساري –الذي يصوره لوش على أنه الناطق بلسان الشعب- حين يقول أن أفة الثورة هي أن الجيش الجمهوري الإيرلندي ينحاز لطبقة كبار الملاك على حساب الفقراء من أمثالي ، ويقتبس من أحد الزعماء الإيرلنديين قوله:"يمكننا أن نطرد الإنجليز وأن نرفع العلم الأخضر في العاصمة دبلن ولكن إن لم نقم جمهورية تضمن العدالة الإجتماعية ، فسيظل الإنجليز يتحكمون بنا".
وتصدق توقعات دان حين يوقع القائد الإيرلندي مايكل كولينز معاهدة مع الإنجليز تمنح إيرلندا إستقلالا شكليا في حين يبقى البرلمان الإيرلندي وإقليم إيرلندا الشمالية تحت سيطرة لندن، فتندلع حرب أهلية بين مؤيدي المعاهدة ومنهم تيدي وبين معارضيها ومنهم داميان ، ليصبح الأخ في مواجهة مع أخيه بالمعنى الحرفي للكلمة.
ويستخدم المخرج المقابلة في عدة مشاهد ليسخر من ممارسات ثوار الأمس الذي أصبحوا حكام اليوم، فمؤيدو المعاهدة المسلحين من قبل الحكومة البريطانية يكررون نفس ممارسات الإنجليز مع الأهالي ، ومعارضو المعاهدة يهاجمون نفس الثكنات الإنجليزية التي صارت مقرا للمؤيدين، لينتهي الفيلم بمشهد دموي للغاية.
تبدت براعة المخرج في قدرته على توجيه التصوير في المشاهد الخارجية التي صور أغلبها على الطبيعة في إيرلندا ، ولكن الكاميرا كانت تفقد تميزها في المشاهد الداخلية كما في بعض المشاهد التي بدت أقرب الى التقرير المصور.عقب إنتهاء الفيلم لن يسعك الا أن تتساؤل:إلى متى تبقى الأفلام ذات الإنتاج الأوروبي –كهذا الفيلم- بعيدة عن متناول المشاهد المصري الذي لازال يخضع لسطوة الفيلم الأمريكي والأمريكي فقط؟

Tuesday, May 15, 2007

ولاد الكبش


في القاهرة وحدها يسكن حوالي 7 ملايين مصري في مناطق عشوائية.. من بينها قلعة الكبش التي تسكنها 1200 أسرة".. بهذه الجملة يطالعك الفيلم التسجيلي "أولاد الكبش" للمخرجة والصحفية أمل فوزي، والذي نظمت نقابة الصحفيين يوم الأربعاء (9 مايو/أيار 2007) عرضا خاصا له حضره عدد من أهالي منطقة قلعة الكبش، وهي منطقة عشوائية بحي السيدة زينب بالقاهرة تعرضت لحريق هائل في مارس الماضي تسبب في تدمير الأكواخ الخشبية التي كان يقطنها الأهالي؛ مما أدى إلى تشريد الآلاف وبقائهم دون مأوى حتى لحظة كتابة هذه السطور.
ويستعرض الفيلم، الذي قامت أمل فوزي بتصويره في اليوم التاسع للحريق (29 مارس 2007)، عبر سلسلة من الحوارات مع سكان المنطقة، معاناة الأهالي في الحصول على سكن يحفظ لهم آدميتهم؛ خاصة في ظل التجاهل الرسمي -سياسيا وإعلاميا- لهم.
ويروي أحد السكان معاناته بعد أن احترق "الكشك" الخشبي الذي كان يقطنه، فقد طلبت منه الجهات المختصة أن يحضر ما يثبت ملكيته لبيت في المنطقة؛ كي تستطيع تسليمه سكنا بديلا، فيسخر قائلا: كيف أثبت امتلاكي لبيت في منطقة عشوائية؟
واستعملت المخرجة -والتي قامت بالتصوير أيضا- الصورة المكثفة في أكثر من موضع في فيلمها القصير لتكشف عن آثار الحريق، فعبر أكوام من القمامة والرماد يرى المشاهد أن كل ما تبكي الأسر على فقدانه لا يتجاوز بضع ملاءات أو بضع قطع من الحصير.
وتنهي أمل فوزي فيلمها بجملة ذات دلالة على لسان شاب مراهق من الأهالي حين يصيح أمام الكاميرا: "إننا على استعداد لأن نفعل أي شيء الآن.. لن نخسر شيئا فنحن ميتون بالفعل"!
وتحدث في الندوة التي أعقبت عرض الفيلم عدد من ممثلي الجميعات الأهلية المعنية بحق الإسكان، بالإضافة إلى شهادات بعض سكان المنطقة، وأجمع المتحدثون على أن ما يحدث في قلعة الكبش الآن ليس سوى جزء بسيط مما يحدث في عشوائيات مصر؛ والتي ستصبح "قنبلة موقوتة" في وجه المجتمع ما لم يتم إيجاد حل لها.
وأمل فوزي صحفية ومصورة ومخرجة، قدمت من قبل فيلما تسجيليا باسم "مرازيق"، وتدور أحداثه في القرية التي تحمل الاسم نفسه في محافظة الجيزة، وتستعرض من خلاله تفاصيل حياة أهل القرية الهادئة
.

Tuesday, May 08, 2007

صفعتان في 48 ساعة

خبران عن حكمين قضائيين ، لا يفصل بين صدورهما سوى 48 ساعة ، ولكن أهميتهما أن كلاهما يمثل صفعة على وجه نظامين لا يختلفان عن بعضهما كثيرا ، نظامان أساسهما الفساد وأداتهما عصا الاستبداد والقمع ،نظامان كلاهما خدام للسيد القابع في البيت الأبيض بواشنطون ،نظامان يستأسدان على شعوبهم ويتحولون الى نعامة وديعة أمام السيد الأمريكي ، هما النظامان المصري والباكستاني .
جاء الحكم الأول أمس ليصفع نظام الطاغية الباكستاني مشرف من حيث لم يتوقع ،حين حكمت المحكمة العليا في باكستان بوقف التحقيق القضائي مع افتخار شودري، كبير القضاة المعزول، على خلفية اتهام مشرف له بالفساد وسوء استخدام السلطة .
جاء الحكم ، ليعيد شودري القاضي الشريف الذي واجه مشرف وكشف عن حجم التعذيب و الفساد تحت غطاء ما يسمى بال"حرب على الارهاب" والذي التفت حوله الجماهير منذ أن قرر الطاغية عزله من منصبه وحولته الى بطل شعبي أجمعت عليه المعارضة –على اختلافاتها-كرمز ونموذج،الى المواجهة مرة مع النظام، وهو بالطبع مالم يكن يريده الطاغية ولكن القضاء "سلطان فوق السلطان".
وجاء الحكم الثاني صباح اليوم حين قرر قضاة مجلس الدولة –وللمرة الأولى في تاريخهم- الغاء قرار "الرئيس" المصري باحالة قادة الاخوان المسلمين الى المحاكم العسكرية ،مسجلين بذلك سابقة في تاريخ المجلس.
وهنا أيضا حكم لم يكن الطاغبة يريده ولا يتمناه ولكن القاضي المصري هو الأخر أثبت أنه "سلطان فوق السلطان"
في كلا الحالتين نحن أمام قضاة لم يستطع كلا النظامين الفاسدين أن يشتريهم ب"ذهب المعز" ولا أن يرهبهم بسيفه ، ولكن الفارق أن في الحالة الأولى فهمت الجماهير أن معركة القضاة ليست معركة فئوية أو معركة النخبة بل هي معركتهم جميعا ، وفي الحالة الأولى أيضا معارضة شريفة ومنظمة عرفت كيف تتوحد وكيف توجه الشارع لصالحها.
أما في الحالة الثانية فلازلنا أمام معارضة "تشاور عقلها" :هل تساند القضاة في معركتهم ام لا؟

Saturday, May 05, 2007

نوبة دوت كوم


يتذكر أغلب المصريين بناء السد العالي في الستينات بمشاعر من الفرح والفخر، لكن الأمر يختلف بالنسبة للمصريين من سكان النوبة؛ بالنسبة لهم تسبب بناء السد العالي في تهجيرهم من قراهم الأصلية التي غرق معظمها "حوالي 44 قرية" تحت مياة النيل بعد أن ارتدت عن السد، أو تحت ما يعرف اليوم باسم بحيرة ناصر.
تشكل هذه التجربة الإنسانية الثرية الفكرة الرئيسة وراء العرض المسرحي "نوبة دوت كوم" المعروض حاليا على خشبة مركز الهناجر للفنون، العرض قام بإعداده للمسرح الكاتب الراحل حازم شحاتة عن ثلاث روايات من أعمال الروائي المصري إدريس علي وقام بإخراجه ناصر عبد المنعم.
قبل بداية العرض يفاجأ الجمهور بمجموعة من الشباب والقتيات يحملون الدفوف ويدخلون قاعة مركز الهناجر ويختلطون بالجمهور ليقدموا عرسا نوبيا تقليديا بكافة تفاصيله "الموسيقى- الأغاني-الرقصات...إلخ" وكأن المخرج يريد نقل المتفرج إلى أجواء النوبة حتى قبل دخوله إلى قاعة العرض.
العرض نفسه يمزج بين عدة قصص؛ الخيط الرئيسي-أو قل الشخصية الرئيسة- الذي يجمع بينها جميعا هو عوض شلال "أسامة عبد المنعم" الشاب النوبي الذي يعمل على ظهر مركب عائم ويرتبط بعلاقة عاطفية مع شابة فرنسية ذات أصول مصرية تدعى سيمون "سامية عاطف".
ومن خلال الموقع الإلكتروني الذي يديره عوض تحت اسم "نوبة دوت كوم" يبدأ في استحضار ذكريات طفولته وشبابه في النوبة القديمة قبل التهجير، يتذكر تجربته العاطفية الأولى مع غادة "إنجي خطاب" ثمرة زواج رجل نوبي وامرأة قاهرية، التي تصل إلى قرية عوض حاملة روح متمردة ورغبة في خروج على كافة التقاليد المتوارثة والمفروضة على الفتيات، وحين تبدأ الفتيات بتقليدها تتنبه نساء القرية لخطورتها وتنتهي بهم الحال إلى قتلها.
القصة الثانية؛ وهي قصة النوبيين جميعا، وهي التي تبدأ أحداثها مع وصول المسؤول الحكومي "محمد حسيب" إلى القرية لإبلاغ أهلها بضرورة مغادرتها إلى كوم امبو تنفيذا لمشروع تحويل مجرى نهر النيل، تتراوح ردات الفعل بين ترحيب من قبل الشباب مثل عوض وشقيقته أشا "سارة عادل"، ورفض الكبار من أمثال الجد إدريس "منصور عبد القادر" الذي يرفض أن يغادر قريته ويترك نخيله وبيته الذي ارتبط كل ركن منه بذكرى لديه، يعبر المخرج عن موقف الجد في مشهد مؤثر حين يقف مخاطبا موتى القرية في مدافنهم وهو يقول بعناكم بخمسة وثلاثين جنيها -قيمة التعويض الحكومي- وصنبور مياه! ويبقى الجد على موقفه الرافض، ولا يغادر قريته في النهاية إلا مرغما.
كان هدف العرض كما يقول مخرجه ناصر عبد المنعم أن يقدم كافة الأصوات المختلفة والآراء المتباينة المتعلقة بهذه القضية الحساسة، وهي الطريقة التي اتبعها حازم شحاتة في كتابة النص، فالسد العالي كان مشروعا عملاقا بلا شك، ولكنه أضر في الوقت نفسه بالكثيرين، وهو ما يلمحه المتفرج في أحد المشاهد التي اعتمد فيها على شريط الصوت بشكل أساس؛ ففي حين يعلو صوت عبد الحليم حافظ في الخلفية وهو ينشد "قلنا هنبني وادي احنا بنينا السد العالي" تمارس نساء النوبة طقس "العديد" على الديار التي يهجرونها إلى المجهول.
بالنسبة لبقية عناصر العرض فقد كانت على قدر من التميز رغم بساطتها؛ فقد استطاع مصمم الديكور محيي فهمي الاستفادة من عمق المسرح ليقدمه كقرية نوبية تارة، وكميناء للمركب المقبل تارة أخرى، واستطاعت إضاءة محمد حسني أن تعبر عن المشاعر الداخلية للشخصيات في مشاهد عدة، وأضفى غناء كل من بشير وعادل ميخا جوا من الشجن على أحداث العرض.
في النهاية فإن عرض "نوبة دوت كوم" قد تختلف معه أو تتفق، قد ترفضه أو تقبله، ولكنك لا تملك في نهاية الأمر إلا أن تحترم صدقه