Sunday, September 24, 2006

خطاب الانتصار

النص الكامل لكلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في مهرجان الانتصار الإلهي الذي أقامه حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت

إدراج خاص الانتقاد.نت بتاريخ 22/09/2006الساعة 22:52.
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السلام عليكم يا أشرف الناس وأطهر الناس... الحمد لله الذي صدقنا وعده، والذي نصرنا ونصر لبنان وشعب لبنان على عدو لبنان. الحمد لله الذي أعزنا وثبتنا وأمننا. الحمد لله الذي عليه توكلنا وإليه أنبنا، وكان دائماً كما وعد: نعم المولى ونعم الوكيل. الحمد لله على نصره وعلى عونه وعلى تأييده. أيها الأخوة والأخوات، أيها السادة جميعاً: أنتم اليوم في الثاني والعشرين من أيلول تدهشون العالم من جديد، وتثبتون بحقٍّ أنكم شعب عظيم، وأنكم شعب أبيّ، وأنكم شعب وفي، وأنكم شعب شجاع.
منذ أيام، وكثيرون يشنون حرباً نفسية على هذا المهرجان كما كانوا يشنون حرباً نفسية على المقاومة. لقد قالوا إن هذه الساحة ستقصف وأن هذا المنبر سيدمر ليخيفوا الناس ويبعدوها، انتم في 22 من أيلول تثبتون بتتويجكم لاحتفال النصر أنكم أشجع من 12 تموز وأشجع من 14آب. نعم، أنا أقف أمامكم وبينكم، فيه مخاطرة عليكم وعلي، وكان هناك خيارات أخرى، ولكن إلى قبل نصف ساعة ونحن نتناقش، إلا أن قلبي وعقلي وروحي لم تأذن لي أن أخاطبكم من بعيد ولا عبر شاشة.
أقصى ما يتوقعه إنسان هو أن يقدم العدو على خطأ أو جريمة، ولكن ألا يعرف هذا العدو من نحن؟ نحن أبناء ذاك الإمام الذي قال: أبالموت تهددني يا بن الطلقاء، إن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة.
أهلاً بكم جميعاً... من الجنوب المقاوم المقاتل، إلى البقاع الصامد، إلى الشمال الوفي إلى الجبل الأبي، إلى بيروت العروبة، إلى ضاحية العزة والكرامة، أهلاً بكم جميعاً .. من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، أهلاً بكم جميعاً، من سوريا، من إيران، من الكويت، من البحرين، من كل بلد جاءنا محتفياً محتفلاً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. السلام على شهدائكم وعلى عوائل شهدائكم.. السلام على جرحاكم وجراح جراحكم النازفة.. السلام على أسراكم، السلام على دمائكم ، السلام على دموعكم، السلام على أيتامكم، السلام على أراملكم، السلام على بيوتكم المهدمة، السلامة على أرزاقكم المحروقة، السلام على أرواحكم وإرادتكم الصلبة التي هي أصلب من جبال لبنان.
نحن اليوم نحتفل بنصر إلهي تاريخي استراتيجي كبير، وكيف يمكن لعقل بشري أن يتصور أن بضعة آلاف من أبنائكم المقاومين اللبنانيين، ولو شئت لقلت العدد بالدقة والتحديد، وقفوا 33 يوماً في أرض مكشوفة للسماء وأمام أقوى سلاح جو في منطقة الشرق الأوسط وله جسر ينقل إليه القنابل الذكية من أمريكا إلى بريطانيا إلى "إسرائيل"، وأمام 40 ألف ضابط وجندي، أربعة ألوية من النخبة وثلاثة فرق من جيش الاحتياط وأمام أقوى دبابة في العالم وأمام أقوى جيش في المنطقة، كيف يمكن لبضعة آلاف فقط أن يقفوا ويقاتلوا في ظروف قاسية صعبة من هذا النوع ويؤدي قتالهم إلى إخراج البوارج البحرية من مياهنا الإقليمية، (وبالمناسبة الجيش والمقاومة قادران على حماية المياه الإقليمية من أن يدنّسها صهيوني)، وتدمير دبابات الميركافا مفخرة الصناعة الإسرائيلية، وتعطيل المروحيات الإسرائيلية في النهار ولاحقاً في الليل، وتحويل ألوية النخبة، وأنا لا أبالغ، شاهدوا الإعلام الإسرائيلي، وتحويل ألوية النخبة إلى فئران خائفة مذعورة من أبنائكم، تخلٍّ عالمي وعربي عنكم، وفي ظل انقسام سياسي من حولكم، وإن كان التضامن الإنساني عالياً، كيف يمكن لهذه الثلة من المجاهدين أن تهزم هذا الجيش، إلا بنصر من الله وعون من الله وتأييد من الله سبحانه وتعالى. هذه التجربة، تجربة المقاومة التي يجب أن تنقل إلى العالم، تعتمد على الإيمان واليقين والتوكل والاستعداد للتضحية في الجانب المعنوي والروحي، ولكنها أيضاً، تعتمد على العقل والتخطيط والتنظيم والتدريب والتسليح، وكما يُقال الأخذ بالأسباب.
لسنا مقاومة عشوائية، لسنا مقاومة سفسطائية ولسنا مقاومة مشدودة إلى الأرض لا ترى إلا التراب، ولسنا مقاومة فوضى. المقاومة التقية المتوكلة العاشقة العارفة، هي المقاومة أيضاً العالمة العاقلة المخططة المدربة المجهزة. هذا هو سر الانتصار الذي نحتفل به اليوم.
أيها الأخوة والأخوات، هذا الانتصار بحاجة إلى وقفة شجاعة كوقفتكم اليوم، أنتم اليوم تقدمون رسالة سياسية ومعنوية شديدة وبالغة الأهمية والخطورة للبنانيين، للعرب، لكل العالم، للصديق وللعدو. أنتم أذهلتم العالم عندما صمدتم كشعب في لبنان من 12 تموز إلى 14 آب، وكانوا يراهنون على انقسامنا وتفتتنا، وصمدتم كل هذه المرحلة، من هُجر ومن احتضن.
وجاء الرابع عشر من آب، وكانوا يراهنون أن بقاء المهجرين في أماكن التهجير سوف يشكل ضغطاً على المقاومة لفرض المزيد من الشروط عليها، وهي لم تخضع لشروط، ولكن من جديد أذهلتم العالم عندما ركب المهجرون سياراتهم والشاحنات وبعضهم على الأقدام وعند الساعة الثامنة صباحاً كانت الضاحية والجنوب والبقاع تمتلئ بأهلها العائدين، المرفوعي الرأس، الأعزاء، الكرام.
اليوم، أنتم تذهلون العالم وتقولون للأميركي الذي تكلم قبل أيام وقال: وصلتنا إشارات طيبة من لبنان أن المقاومة تراجعت شعبيتها وبدأت تضعف وتنهار! هذا هو شعب المقاومة.. أنا أقول لهذا الأميركي: عليك أن توجه كتاب ذم وقدح لكَتَبَة التقارير الكذابين الذين يرسلون لكم معلومات خاطئة وتبنون عليها حسابات خاطئة.
يجب أن نؤكد اليوم أن هذه الحرب كانت حرباً أميركية بالقرار وبالسلاح وبالتخطيط وبالإرادة وبإعطاء المهلة تلو المهلة للصهاينة: أسبوع، أسبوعين، ثلاثة، أربعة.. والذي أوقف الحرب هو عجز الصهاينة.
إذا ذكرتم الأيام الأخيرة، أكبر عدد من الدبابات دمر يوم الجمعة والسبت والأحد. أكبر عدد من قتلى جنود الاحتلال سقطوا يوم الجمعة والسبت والأحد، المروحيات سقطت الجمعة والسبت والأحد، ولذلك أدرك الصهاينة أنهم لو استمروا فستكون كارثة، فتدخل الأميركي وقبِل حتى بالمسودات، قَبِل لتقف الحرب.
أوقفوا الحرب ليس من أجل لبنان ولا من أجل أطفال لبنان ولا من أجل دماء النساء في لبنان ولا من أجل لبنان الجميل، أوقفوا الحرب فقط من أجل إسرائيل، وأتوا ليبيعونها لنا في لبنان، أن أصدقائنا الأمريكان أوقفوا الحرب؟ أصدقائنا الأميركان أول يومين لم يقبلوا أن يوقفوا الحرب، وأول أسبوع لم يقبلوا وثاني أسبوع لم يقبلوا وثالث أسبوع لم يقبلوا ورابع أسبوع لم يقبلوا! ألم يكونوا مشاهدين لجمال لبنان شهراً كاملاً، وإنما كانوا يراهنون، وهذه العبارة استخدمت في بعض القنوات الدبلوماسية، كان القرار أن يسحق حزب الله، وبعد سحق حزب الله تتم تصفية الحساب مع كل أصدقائه وحلفائه وأبناء الخط الوطني السيادي الحقيقي الاستقلالي في لبنان.
الذي أوقف الحرب بعد فضل الله عز وجل، أبناؤكم المقاومون وهذا الشعب الأبي الوفي الشجاع الذي احتضن المقاومة ودعمها من الحدود إلى الحدود، والذي ضمّها في مساجده وكنائسه وأديرته ومدارسه، هذا هو الذي أوقف الحرب. وإذا كان من أحد يحق له أن يحتفل بالنصر فهو أنتم الموجودون هنا.
نختلف: هل ما جرى في لبنان نصر أم هزيمة، وأنا لا أريد أن أدخل في هذا السجال، ولكن أقول لكم: من يشعر أن خياره ومشروعه وخطه ورؤيته هي التي انتصرت، يشعر بالنصر ويتحدث عنه، ومن يعتبر أنه هو الذي هزم والذي سقط يتحدث عن الهزيمة.
نحن نشعر أننا انتصرنا وأن لبنان انتصر وأن فلسطين انتصرت وأن الأمة العربية كلها انتصرت وأن كل مستضعف ومظلوم ومحروم ومعتدى عليه في هذا العالم أنه انتصر.
ونصرنا ليس انتصار حزب.. أعيد ما قلته في بنت جبيل في 25 أيار عام 2000 ، ليس انتصار حزب، ليس انتصار طائفة، ليس انتصار فئة، هو انتصار لبنان الحقيقي وشعب لبنان الحقيقي وكل حرّ في هذا العالم. لا تحوّلوا الانتصار التاريخي الكبير، لا تسجنوه في علب حزبية أو مذهبية أو طائفية أو قطرية، هذا نصر أكبر بكثير مما تطيقه عقولنا ومما تستوعبه عقولنا. الأسابيع والشهور والسنوات المقبلة هي التي ستؤكد هذا المعنى. يكفي أن أقول في النتائج المباشرة: إن مقاومتكم وصمودكم أفشل كل أهداف العدوان، وهذا انتصار. إن مقاومتكم وصمودكم وجهت ضربة قاسية لمشروع الشرق أوسط الجديد الذي تحدثت كوندليزا رايس أن مخاضه كان في حرب تموز، ولكنه أصبح سقطاً لأنه ولد غير شرعي. مقاومتكم وصمودكم فضحت السياسات الأميركية الخداعة التي تتحدث عن حقوق الانسان والحريات والديموقراطية والاحترام. صمودكم ومقاومتكم فضح أمريكا ورفع منسوب الوعي والعداء (الوعي قبل العداء) ليس في العالم العربي فقط، ليس في العالم الإسلامي فقط، في كل العالم. بصمودكم ومقاومتكم يستطيع رجل، أستطيع أن أقول عنه عربي كبير كبير كبير كتشافيز أن يقول ما قاله بالأمس في الأمم المتحدة: المقاومة اللبنانية اليوم هي تلهم كل مقاومي العالم وكل أحرار العالم وكل أشراف العالم وكل الرافضين للخضوع والإذلال الأميركي في العالم.
هذا هو انتصارنا وهذه هي نتيجة معركتنا أيضاً. مقاومتكم كما قدمت انتصار عام 2000 نموذجاً لمقاومة التحرير في 2006، قدمت نموذجاً للصمود، الصمود الاسطوري، الصمود المعجزة، وهذا سيصبح حجة وأصبح حجة على كل العرب وعلى كل المسلمين، على الحكام وعلى الجيوش وعلى الشعوب.
بالأمس ذهبت مجموعة الدول العربية إلى مجلس الأمن تستجدي سلاما وتسوية، وأنا أقول لهم لا أحدثكم عن إزالة "إسرائيل"، أحدثكم عن التسوية التي تطلبونها، كيف ستحصلون على تسوية مشرفة وأنتم تعلنون صباح مساء أنكم لن تقاتلوا لا من أجل لبنان ولا من أجل غزة ولا من أجل الضفة الغربية ولا حتى من أجل القدس. كيف ستحصلون على تسوية معقولة وأنتم تعلنون في كل يوم أنكم لن تستخدموا سلاح النفط، وحتى إذا جاء أحدكم يحدثكم عن سلاح النفط "صرتم تتمصخروا فيه وتتمهزأوا فيه"، هذا الحكي تخلف!
لا تريدون أن تقاتلوا ولا تريدون أن تقاطعوا ولا تريدون استخدام سلاح النفط ولا تسمحون للناس أن ينزلوا إلى الشارع ولا تسمحون للمقاومة في فلسطين أن تتسلح وتحاصرونها ولا تعطونها المال وتجوعونها وتقطعوا عنها الرواتب فقط من أجل كونداليزا رايس، هؤلاء كيف سيحصلون على "تسوية عادلة أو مشرفة"؟ هل الإسرائيلي يعترف بكم أصلا؟ أقول لكم إنّ الإسرائيليين ينظرون اليوم إلى المقاومة في لبنان وإلى شعبها باحترام وتقدير كبيرين، أم كل هؤلاء الأذّلاء فلا يساوون شيئاً.
حتى من أجل المبادرة العربية التي أجمعتم عليها في بيروت "بدها وقفة ورجال وقوة"، لا تريدون استخدام القوة، إذاً هددوا بها ولوّحوا بها، أما القول أننا ضعيفون، فشعب لبنان أقام الحجة على كل شعوب العالم، مقاومة لبنان أقامت الحجة على كل الجيوش العربية والإسلامية. الجيوش العربية والشعوب العربية ليست قادرة فقط على تحرير غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، بكل بساطة وبقرار صغير وببعض الإرادة هم قادرون على استعادة فلسطين من البحر إلى النهر، لكن المشكلة عندما يضع إنسان نفسه بين خيارين: بين شعبه وعرشه فيختار عرشه، بين القدس وعرشه فيختار عرشه، بين كرامة وطنه وعرشه فيختار عرشه.
ميزة المقاومة في لبنان وميزة المقاومة في فلسطين أنها اختارت كرامة شعبها ومقدساتها وحرياتها وقدمت قادتها وأبناءها وأعزاءها قرابين لترحل إلى عرش الله سبحانه وتعالى. اليوم مقاومتكم هزّت صورة إسرائيل: صورة الجيش الذي لا يقهر أنهيناها، مقولة الدولة التي لا تقهر أنهيناها، بِجَدٍّ "خْلُصْنَا"، أنا لست أجامل وأطلق شعارات، يكفي أن تقرأوا ماذا يجري في فلسطين المحتلة وماذا يقول الصهاينة وماذا يجري بين جنرالات إسرائيل وقادتها، وها هو (إيهود) أولمرت يحتج علينا اليوم ولماذا نعمل احتفال بالنصر اليوم؟ صحيفة يديعوت أحرونوت أجرت استطلاعا للرأي يقول: من ترى شخصا لائقا لرئاسة الوزراء في إسرائيل، أولمرت أخذ 7 بالمئة، ووزير الحرب البطل أخذ واحد بالمئة!
هذه "إسرائيل" المهزوزة في كيانها السياسي والمهزوزة في مؤسستها العسكرية والمهزومة في استخباراتها تغيرت صورتها اليوم، ولا يستطيع أي حاكم عربي وأي نظام عربي أن يذهب ويقدم تنازلات جديدة ويخضع لشروط مذلة ويحتج لذلك أمام أمّتنا ويقول نحن لا نستطيع أن نفعل شيئا مع "إسرائيل".
في يوم من الأيام قال رجل كهل كبير في السن عارف بزمانه ومكانه وعصره: لو حمل كل واحد منّا دلوا من الماء ورماه على فلسطين المحتلة لزالت "إسرائيل" من الوجود. عندما يقف مئة أو مئتين أو ثلاثمئة مليون إنسان فبإمكانهم أن يهزموا "إسرائيل"، عدّة آلاف في لبنان هزموا "إسرائيل". هذه الحجة سقطت ونحن يجب أن ندخل إلى مرحلة جديدة وإلى عصر جديد، العصر الذي نملي فيه شروطنا على العدو، العصر الذي نستعيد فيها كرامتنا وحريّتنا وسيادتنا ومقدساتنا.
إننا في يوم النصر الإلهي وقبل أن أتحدث في الشأن الداخلي، كما في يوم 12 تموز أريد أن أؤكد على وصيّتين: قلوبنا ومشاعرنا وأحزاننا اليوم هي فلسطين، هي في غزة ورام الله ونابلس، هي في جنين، هي في القدس، هي في كل بلدة وقرية ومخيم فلسطيني يقصف في كل يوم وشاب فلسطين يقتل في كل يوم وبيوت فلسطينية تهدّم في كل يوم والعالم كله ساكت، العالم العربي قبل العالم الآخر. إلى متى سوف يبقى هذا السكوت، إلى متى سنتحمل هذا العار. ولا يطلب أحد أن ترسلوا جيوشكم لتدافع عن شعب فلسطين، فقط لنقدم الدعم لهذا الشعب، الدعم المعنوي والسياسي والمالي والتسليحي، وفي فلسطين قادة وعلماء وفصائل وحركات وشباب ورجال ونساء وأطفال قادرون أن يجددوا المعجزة الإلهية على أرض فلسطين.
والرسالة الثانية هي العراق، العراق الذي يجب أن ننظر إليه كلبنانيين، كنموذج، لو نجحت الحرب في لبنان كان الأمريكيون يريدون تعميم هذا النموذج فيه، نحن في الحرب قدمنا شهداء كلبنانيين، من المقاومة والجيش والقوى الأمنية والدفاع المدني والصليب الأحمر ووسائل الإعلام والمؤسسات والأحزاب المختلفة ومن شعبنا الحبيب، قدمنا قرابة ألف ومئتين شهيد، في العراق كل شهر يقتل عشرة آلاف وخمسة عشر ألفا، في حرب عبثية يديرها ويمولها ويحرض فيها الأمريكي والموساد. نحن، المقاومة في لبنان، هي التي حمته من الحرب الأهلية. البعض يقول المقاومة في لبنان تدفع إلى حرب أهلية، أبداً، لو انتصرت إسرائيل لَدُفِعَ لبنان إلى حرب أهلية، ولسمعتم أصوات الفيدراليات والكانتونات والتقسيم واللغة الإسرائيلية التي كانت ستنطلق من جديد. العراق نموذج يجب أن نتوقف عنده دائما ويجب أن تبقى رسالتنا لشعبنا في العراق الصبر والهدوء والحكمة والتواصل وعدم الوقوع في الفتنة وعدم الرهان على العدو.
أمّا في لبنان فرسالتنا هي أنّ خلاصنا جميعا ورجاءنا وأملنا هو في بناء الدولة القادرة القوية العادلة العزيزة النظيفة، هذا هو الأمل، ومن المفترض أنّ هذا هو معقد الإجماع بين اللبنانيين. نحن من هنا نعلن وبدماء شهدائنا نعلن ونستبق الأمور ونقول: إنّ أي كلام في لبنان يتحدث عن التقسيم هو كلام إسرائيلي وإن أي كلام في لبنان يتحدث عن الفيدرالية هو كلام إسرائيلي وإنّ أي كلام في لبنان يتحدث عن كانتونات هو كلام إسرائيلي.
نحن اللبنانيين قدرنا وقرارنا ومصيرنا ومشيئة ربنا أن نعيش معا وسويا في دولة واحدة، نرفض أن تقسم وأن تجزأ ونرفض أن "تُفَدْرَلْ" وأن "تُكَنْتَنْ". الأصل الذي يحمي وحدة لبنان هو بناء الدولة القوية القادرة العادلة ، الذي يحمي سيادة لبنان من الأطماع الصهيونية هو الدولة القوية القادرة العادلة، الذي يعالج الأزمات المعيشية والإجتماعية للبنانيين وللمقيمين في لبنان هو الدولة القوية القادرة العادلة النظيفة العزيزة، وهذا ما نطمح إليه ونتطلع إليه جميعا. الدولة القوية القادرة تعني التي تستطيع وبعزة أن تستعيد كل شبر من أرضها المحتلة، وأن تحمي كل قطرة ماء من نهر الوزاني والليطاني والحاصباني، والتي تستطيع أن تمنع العدو من الاعتداء على سيادتها يوميا، والتي تستطيع أن تطمئن شعبها إلى أنّها تحميه بحق، تحميه بالسلاح وبالقوة وبالعقل وبالوحدة وبالتحصين وبالتخطيط وبالإرادة الوطنية، أمّا الدموع فهي لا تحمي أحد. نحن نريد هذه الدولة القوية والقادرة والعادلة والنظيفة والمستقلّة التي ترفض أي وصاية أو هيمنة أجنبية، الدولة الكريمة العزيزة التي لا تخضع لشروط مذلة، والنظيفة التي لا مكان فيها للسرقات ولا للهدر ولا لِلُّصوصية. هذه هي الدولة التي نحتاجها.
هذا هو المدخل الطبيعي لمعالجة مسألة المقاومة، هنا نأتي للسلاح "للذين قلوبهم محروقة بدُّن يحلو مسألة السلاح". أنا أقول لهم لا تعالجوا النتائج وتعالوا لنعالج الأسباب، ناقشونا بالمنطق، المقاومة نتيجة لسبب الاحتلال ولاعتقال الأسرى ولسلب المياه والتهديد للبنان والاعتداء على السيادة اللبنانية وهذه هي الأسباب، عالجوا الأسباب، والنتائج يمكن معالجتها بسهولة. عندما نبني الدولة القوية القادرة العادلة التي تحمي لبنان واللبنانيين سوف نجد بسهولة حلا مشرفا لمسألة المقاومة وسلاحها. أريد أن يسمع اللبنانيون بوضوح، نحن لا نقول إن هذا السلاح سيبقى إلى الأبد وليس منطقيا أن يبقى إلى الأبد، هذا السلاح لا بدّ له من خاتمة ومن نهاية، المدخل الطبيعي أن نعالج الأسباب فتنتفي النتيجة، تعالوا وابنوا دولة قوية عادلة تحمي الوطن والمواطنين وأرزاقهم ومياههم وكرامتهم وستجدون أن حل مسألة المقاومة لا تحتاج حتى إلى طاولة حوار. أمّا أن نأتي بالزمن إلى الوقت الذي ـ بدل أن يخرج الإسرائيلي من مزارع شبعا ـ يمدون له الشريط إلى الأمام، وبدل أن يحل مشكلة النقاط الحدودية يتقدم إلى الأمام في الخيام ومروحين وفي الضهيرة، وبدل أن نستفيد من حقنا القانوني من مياه الوزاني يأتي فيمد قساطلا ويسرق مياه الوزاني. هل هكذا يمكن أن نحمي الوطن وخيراته؟
لذلك أقول إنّ أي حديث عن "نزع" سلاح المقاومة أو "تسليم" سلاح المقاومة في ظل هذه الدولة وهذه السلطة وهذا النظام وهذا الوضع القائم يعني إبقاء لبنان مكشوفا أمام "إسرائيل" لتقتل من تشاء وتأسر من تشاء وتقصف كيفما تشاء وتسلب أرضنا ومياهنا، هذا بوضوح لا يمكن أن نقبل به. نحن لم قاتلنا منذ عام 1982 ولم يمضِ الشباب زهرة شبابهم في المقاومة ولم يتركوا حياة الرخاء والرفاه والترف ولا الهدوء، 24 ـ 25 سنة في المقاومة لا لتنتهي المقاومة و"إسرائيل" تحتل الأرض وتعتدي على العرض وتسلب الأمن وتسحب المياه والخيرات، أبدا لا والله. هذا هو الخيار الصحيح الطبيعي المنطقي العاقل المسؤول الوطني.
أمّا الخيارات الأخرى، أريد من هذا المهرجان الكبير وبحضور هذه الوجوه الطيبة والكريمة وهذا الجمهور الذي ينتمي إلى كل الطوائف في لبنان وإلى كل المناطق في لبنان وإلى عدد كبير من التيارات والأحزاب السياسية، أريد أن أقول لهم: إنّ الرهان على إنهاء المقاومة بالضغط والتهويل والحصار هو رهان خاسر. إنّ الرهان على إنهاء المقاومة من خلال جرّها إلى فتنة مع الجيش اللبناني كما يفكر البعض هو رهان خاسر، الجيش والمقاومة أخّان عزيزان حبيبان لا يمكن أن يفصل بينهما أحد. والذين يراهنون خارجا وداخلا وأينما كان هذا المراهن على نزع سلاح المقاومة من خلال حرب جديدة إسرائيلية أو غير إسرائيلية أحيلهم على (وزيرة خارجية العدو تسيبي) ليفني ووزير حرب العدو وموشي أرينز وزير الدفاع الأسبق الإستراتيجي وليسمعوا منهم الجملة الواضحة وأعيدها على مسامعهم، "كنّا نريد ـ هم يقولون ـ تفكيك حزب الله بالكامل لكننا اكتشفنا أنّ أي جيش في العالم لا يستطيع أن يفكك تنظيما كهذا التنظيم". وأنا أقول لهم إنّ أيّ جيش في العالم لن يستطيع أن يلقي سلاحنا من أيدينا وقبضاتنا طالما أنّ هذا الشعب الوفي والأبي يؤمن بهذه المقاومة، أنا لا أهدد بالسلاح، أنا أراهن على هذا الشعب الذي يحتضن المقاومة، أراهن على تلك المرأة الكبيرة في السن الجليلة التي وقفت بين الدمار وقالت: بيتي في بيروت تهدم وبيتي في الجنوب تهدم ونحن مع المقاومة ومع سلاح المقاومة، وقال آخر وأخرى وآخرون: إذا السيد حسن "بيسلِّم السلاح بيكون خاين"، وأنا أقول لهم : أعاهدكم يا شعبنا الأبي والوفي والعظيم إنّي لا أطمح إلى أن أختم حياتي بالخيانة بل بالشهادة.
كل هذه الرهانات هي رهانات خاسرة لأنّ هناك شعبا في لبنان ومقاومة في لبنان ترفض الاحتلال والذل والهوان والاستبداد والإهانة، وحاضرة أن تقدم أنفسها وأبناءها وأعزاءها من أجل الوطن. لبنان اليوم، بلا مبالغة، هو في منطقة الشرق الأوسط لم يعد كبيراً، هو قوة عظمى بكم، يحسب له كل حساب ويحسب له الغرب كل حساب وتحسب له "إسرائيل" كل حساب، وينظر إليه العالم المظلوم والمستضعف باحترام وتقدير واعتزاز وفخر.
حتّى لا يقلق أحد أعيد، لا نريد أن نحتفظ بالسلاح إلى أبد الآبدين، وأؤكد كما خلال 25 سنة، هذا السلاح ليس للداخل ولم يستخدم للداخل، هذا ليس سلاحا شيعيا، هذا سلاح لبناني، هذا سلاح المسلم والمسيحي، هذا سلاح السني والدرزي والشيعي، هذا سلاح كل لبناني يتطلع لحماية لبنان ولسيادة لبنان واستقلال لبنان. وأنا أعاهدكم أنّ هوية ووقفيّة هذا السلاح سوف تبقى هكذا وهذا عهد مع الله وعهد مع الأمّة وعهد مع الشهداء.
المدخل إذاً بناء الدولة العادلة القوية المقاومة العزيزة الشريفة النظيفة، وإن كان هذا هدف كبير جدا، وكي لا نبقى في النظريات، لن نقف اليوم لنقول سقط من سقط في الإمتحان ونجح من نجح في الإمتحان. سأقول نحن جميعا مهما اختلفنا ومهما تنافسنا ومهما صَعُبَت الأمور بيننا على المستوى النفسي والسياسي، نحن في مأزق حقيقي في لبنان ولا أحد يقدر على القول نحن أكثرية "وما في شي وكل شي تمام البلد ماشي وماشي الحال، مش صحيح".
هناك مأزق حقيقي في لبنان اليوم خصوصا بعد الحرب، هناك انقسام وطني حاد وليس هناك انقسام مذهبي، الخلاف الذي يجري هو ليس خلافاً شيعياً سنياً أو خلافاً مسلمين ومسيحيين أو خلاف دروز وسنة وشيعة ومسيحيين، أبدا.
هناك انقسام سياسي وطني، هناك خيارات استراتيجية وسياسية كبرى تتفق عليها قوى سياسية شيعية وسنية ودرزية ومسيحية، وهناك خيارات أخرى تتفق عليها قوى سياسية من نفس الطوائف، وعندما خرج البعض من الشيعة ليقول كلام آخر غير كلام حزب الله وحركة أمل ظنوا أننا سنحزن، نحن كنا سعداء لأن خروج أصوات أخرى تؤيد الموقف الاخر سيؤكد أن النزاع هنا ليس نزاع مذهبيا وإنما هو نزاع سياسي .
شاهدوا الحسابات الخاطئة، حتى عندما يريدون ايذاءنا ينفعوننا، إذاً نحن أمام انقسام وطني، وندائي اليوم في مهرجان النصر الذي صنعه اللبنانييون من كل الطوائف ومن كل المناطق، أريد أن أنبه وأقول لا تسمحوا لأحد أن يحول الانقسام السياسي إلى انقسام مذهبي وانقسام طائفي، يحرم تحريك المذهبيات والطوائف للدفاع عن خيارات سياسية. هذا لعب بالنار وتخريب للبلد وهذا تدمير للبلد. نعم في الخيارات السياسية نحن منقسمون، نتنافس، نتحاور، نختلف، يهاجم بعضنا بعضا في الإعلام نذهب إلى الشارع ونذهب إلى الانتخابات، كل هذه الآليات السلمية والديمقراطية مشروعة ومباحة. هذا ما يجب أن أؤكد عليه، طالما هناك انقسام سياسي هناك تحديات خطيرة، وفي مواجهة هذه التحيات لا يستطيع الفريق الحاكم حاليا في لبنان أن يواصل السلطة والعمل. المدخل الطبيعي هو تشكيل حكومة وحدة وطنية، وأنا هنا عندما أتحدث عن حكومة وحدة وطنية لا أتحدث عن إسقاط أحد ولا شطب أحد ولا حذف أحد، وإنما كما قلت في 25 أيار الماضي، تعالوا لنضع أكتافنا جميعا كتفا بكتف لنحمي لبنان ولندافع عن لبنان ولنبني لبنان ولنعمر لبنان ولنصون لبنان ولنوحد لبنان. بكل صراحة الحكومة الحالية ليست قادرة لا على حماية لبنان ولا على إعمار لبنان ولا على توحيد لبنان.لكن عندما نقول الحكومة الحالية لا يعني أننا نريد حذف أو شطب أو إلغاء أحد أبداً. وإنما نقول تعالوا جميعا لنحمي ولنبني وندافع .
إذاً بناء الدولة القوية القادرة يبدأ أولاً من حكومة وحدة وطنية جدية، وأنا هنا لا أرفع شعارا للاستهلاك، فليسمعوني جيدا، أنا هنا لا أرفع شعارا للاستهلاك ولا لتقطيع الوقت ولا استرضاء لحلفاء أو لأصدقاء. هذا مشروعنا الجدي الذي سنعمل جميعا في كل قوة في المرحلة المقبلة. والأمر الثاني في بناء الدولة العادلة القوية المقتدرة يبدأ من وضع قانون انتخاب منصف تشعر فيه كل الطوائف وكل التيارات السياسية بان أمامها فرصة واقعية لتمثيل حقيقي ولا تشعر فيه أي طائفة انها باتت مستتبعة لطائفة اخرى . هكذا نبني الدولة القوية العادلة القوية المقتدرة وهذا هو المدخل لمعالجة كل مشكلاتنا . هنا نأتي الى التحديات والملفات الباقية بسرعة .في قضية سلاح المقاومة هناك شيء له علاقة بالواقع الحالي.يأتون لمحاصرة البحر من اجل ماذا ؟هل من اجل حماية لبنان ؟ كلا وقالت المستشارة الالمانية (سلام الله عليها ) البحرية الالمانية تقوم بدور تاريخي لحماية حق اسرائيل في الوجود . يأتون من البحر ويريدون محاصرة السماء ومحاصرة الحدود وانا اقول لهم حاصروا واقفلوا الحدود والبحر والسماء ان هذا لن يضعف شيئا لا من ارادة المقاومة ولا من سلاح المقاومة. نحن خضنا حربا 33 يوماً وكنا مستعدين لحرب طويلة. ما قدمناه في الحرب هو جزء بسيط من قدراتنا، اذا في بنت جبيل وقفت وقلت انه بحوزتنا اكثر من 12 الف صاروخ، رجعنا وضحنا وقلنا 12 الف ليس معناه انه لدينا 13 الف يمكن ان يكون العدد (أكبر من هيك). اليوم اقول لكل الذين يريدون ان يقفلوا البحار والسماء والصحاري والحدود والعدو إن المقاومة تملك اكثر من عشرين الف صاروخ . وخلال ايام قليلة وهي خارجة من حرب ضروس استعادت المقاومة كامل بنيتها العسكرية والتنظيمية والتسليحية.
المقاومة اليوم اقوى مما كانت عليها قبل 12 تموز لانها راكمت في الحرب تجربة جديدة وارادة جديدة وعزما جديدا. من يراهن على ضعف المقاومة نقول له من جديد انت تخطئ في الحساب. اليوم المقاومة في 22 أيلول 2006 اقوى من اي وقت مضى منذ العام 1982 .
الموضوع الثاني هو موضوع الاسرى: اسراكم ابناؤكم سيعودون ان شاء الله كلهم. وانا باسم المقاومة وعدتكم في 12 تموز وقلت لكم باسم رجال الله وليس باسمي واسم ابي، باسم المقاومين قلت لكم لو جاء الكون كله لن يستطيع ان يستبدل هذين الاسيرين الا بمفاوضات غير مباشرة وتبادل. وبعد 12 تموز نعم، لقد جاء الكون كله وبقيتم وصمدتم وبقي الاسرى في ايدينا، ولن يطلقوا الا بعودة الاسرى الذين نطالب بتحريرهم وعودتهم وهذا الملف نحن (مريّحين العالم منه).
ثالثا: مزارع شبعا وتلال كفر شوبا وفود من هذه البلدات الطيبة الصابرة خافت في هذه الايام نتيجة الترتيبات الجديدة في المنطقة الحدودية. انا اؤكد لهم أنه لن يتم التخلي عن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ولن يتخلى احد عن شبر واحد من ارض لبنان المحتلة.
في سياق الحرب والمفاوضات السياسية كانت هناك فرصة جدية لتحرير مزارع شبعا وكاد الامريكيون ان يوافقوا بل وافقوا، ثم جاؤوا واخلفوا بالوعد كعادتهم وقالوا لا نستطيع الآن ان نعيد مزارع شبعا الى لبنان، لماذا؟ لاننا لا نريد ان نقدم نصرا الى حزب الله . انا اقول لهم اعيدوها لمن شئتم وقدموا نصرا لمن شئتم ولكن اعيدوها اعيدوها. كان يمكن في سياق الحرب لو توفرت الارادة السياسية الجدية والوحدة السياسية الجدية والمقاومة السياسية المتكاملة لامكننا استعادة مزارع شبعا وتلال كفر شوبا. ولكن انا اؤكد لكم أنها على خط التحرير ومعها كل الخروقات القائمة.اللآن الدولة هي المتواجدة، الجيش اللبناني متواجد هناك، جيشنا الوطني واليونيفل اكتمل عددهم على الخمسة الاف.
في السابق عندما كانت المقاومة على الحدود كانت أي جرافة تدخل ولو عشرة امتار تضرب وتهرب، الآن الحدود باتت مفتوحة يدخلون الى أي مكان يريدون. الذي مضى مضى، هذا الامر لا يرتبط بالجيش اللبناني، يعني الجيش اللبناني يملك الشجاعة والارادة والعزم وضباطه وجنوده هم اخوة هؤلاء المقاومين ولا فرق بينهم.
المسألة ترتبط بالقرار السياسي: هل ستحول الحكومة اللبنانية الجيش اللبناني الى وحدة عداد شكاوى وتسجيل خروقات؟ هذا معيب في حق الجيش اللبناني. لا الجيش يرضى ولا شعب لبنان يقبل. جيشنا ليس ليجلس على الحدود ويعد الخروقات الاسرائيلية مثل قوات الامم المتحدة المتواجدة منذ العام 1978. جيشنا مهمته التي ذهب من اجلها الى الجنوب بقرار من الحكومة اللبنانية الدفاع عن الوطن وحماية المواطنين وارزاقهم وامنهم . الان الوطن تخترق سيادته وارضه ومواطنون يخطفون بين الحين والاخر ويعتدى عليهم وعلى حقولهم . ما هو القرار السياسي للحكومة؟
حتى الآن نحن صبرنا لاننا لا نريد ان نسجل أي خرق للقرار 1701 الغير مقدس، لاننا نعرف ان أي خرق بسيط منا ولو كان دفاعا شرعيا ستقوم الدنيا ولن تقعد. "اسرائيل" منذ وقف النار تقوم بخروقات واعتداءات وتجاوزات والعالم يسكت. لكن ثقوا تماما لن نصبر طويلا واذا تخلفت الدولة والحكومة عن مسؤوليتها في حماية الارض والمواطنين، فالشعب اللبناني سيتحمل المسؤولية كما تحملها منذ العام 1982.
واقول للصهاينة اذا كان من احد قدم لكم ضمانات امنية انا لا اعرف، واذا كان من احد قدم هذه الضمانات تحت الطاولة او فوقها فهذه الضمانات تعنيه هو ولكنها لا تعني المقاومة في لبنان ولا تعني شعب لبنان.
المطلوب اذا ان نشحذ همتنا الوطنية وان نقف خلف جيشنا الوطني وان نسانده وندعمه وان يجهز باحسن تجهيزات ليكون حارسا للوطن وللقرى والبلدات والحقول والفلاحين والكنائس والمساجد وليس حاميا لاحد اخر .
بالنسبة لليونيفل المعززة: نحن رحبنا بكم واجدد ترحيبي بكم في اطار مهمة واضحة، مهمتكم مساندة الجيش اللبناني وليست مهمتكم التجسس على حزب الله او نزع سلاح المقاومة. هكذا قال السيد الامين العام كوفي انان ومسؤولون عديدون. حتى هذه اللحظة لم اسمع من أي دولة شاركت في اليونيفل انها ارسلت ابناءها وجنودها للدفاع عن لبنان واللبنانيين، يخجلون بنا ان يقولوا جاؤوا ليدافعوا عنا ولكنهم يتحدثون عن الدفاع عن "اسرائيل". اليونيفل مرحب بهم طالما انهم ملتزمون بمهمتهم. وانا ادعو قيادة القوات الدولية في لبنان الى الانتباه لانني سمعت بعض المعلومات والمعطيات ان هناك من يريد ان يجر هذه القوى الدولية الى صدام مع المقاومة وسمعت انه في بعض الجلسات قيل ان وجود قوات دولية سيعيد توازن قوى الداخل في لبنان. هذا الكلام خطير، القوات الدولية جاءت من اجل مهمة محددة ولا يجوز لها ان تتدخل في الشأن اللبناني الداخلي وتؤدي الى تورط من هذا النوع.
فيما يتعلق في السجالات السياسية نحن ما كنا نريد ان ندخل في سجال سياسي مع أحد. في مرحلة الحرب سمعنا الكثير من الاذى وسكتنا وصبرنا وبعد انتهاء الحرب استمر السجال والهجوم والاعتداء الاعلامي والسياسي على المقاومة وعلينا. لكن في البيانات الأخيرة وصلت الامور الى حد لا يطاق. الله لا يرضى للمؤمنين الذل، لقد وصل الاعتداء الاعلامي السياسي على المقاومة في لبنان خلال الحرب وصبرنا عليه ولكن وصل بعد الحرب الى حد لا يطيقه الا الانبياء ونحن لسنا انبياء.
ان يقف شخص ليقول نفهم، اثنان نتفهم، ثلاثة نستوعب، ولكن ان تجتمع قوى سياسية بقضّها وقضيضها في البريستول لتأتي بنوابها وقياداتها وأعضاء مكاتبها السياسية ثم لتطلع على اللبنانيين بخلاصة تقول فيها ان الحرب التي حصلت في لبنان هي حرب ايرانية من اجل الملف النووي الايراني ومن اجل تعطيل المحكمة الدولية حقيقة هذا الامر ما كنا نطيقه مع اعتزازنا بعلاقتنا وصداقتنا مع الجمهورية الاسلامية في ايران بقيادة سماحة الامام القائد السيد الخامنئي، واعتزازنا بعلاقتنا مع سوريا قيادة وشعبا، نعم قيادة وشعباً بقيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد. نحن سياديون ونحن استقلاليون، لا علاقة لهذا الامر في الحرب وماضينا يشهد اكثر من ماضيهم.
لكن ان يقال ان هذه الحرب التي شنتها امريكا و"اسرائيل" وقالت فيها كونداليزا رايس انها مخاض عسير لولادة شرق اوسط جديد وقال فيها اولمرت وبيريز، وفي الاخر تكون النتيجة ان تهدم بيوتنا وتقتل اطفالنا ونقاتل في حرب قال العرب انها حرب سادسة وقال الصهاينة انها الاولى والنتيجة اننا نقاتل من اجل الملف النووي الايراني ومن أجل المحكمة الدولية، هذا كلام عيب، هذا كلام فيه غمز. نحن نحترم كل الحريصين علي وعلى عمّتي والجبة، انه يا سيد لا تدخل في السجال، الشباب والقيادات في الحزب هي التي تدخل في السجال, لكن هناك حدّ, حتى انا (عمامتي ولحيتي ليستا أشرف من هذه المقاومة وهؤلاء الناس) اذا كان لعمامتي ولحيتي شرف فهو منكم ومن هذه المقاومة ودماء شهدائها.
انا ادعو الى وقف السجالات والى تجنب العبارات السخيفة والمؤذية والقاسية وان نبقى في اطار التنافس السياسي المنطقي والمعقول لان مصيرنا في النهاية واحد ولان في نهاية المطاف يجب ان نبني لبنان سويا، ولكن لن اسكت انا حسن نصرالله ولن اسكت عن اهانة شعب المقاومة. قبل ايام قام زعيم من الزعماء الكبار في قوى 14 شباط ليقول ولو بهدوء ان جمهور المقاومة بلا تفكير، هل انتم بلا تفكير .أنا لا أسمح بذلك .من يقبل هذه الاهانة. وانا احترم جمهوره واحترم شبابهم ونسائهم واحترم خياراتهم اذا كانت وطنية ولكن لا يمكن ان نقبل ان يهين جمهور المقاومة أحد وعليه ان يعتذر. نحن لسنا حزبا شموليا ولسنا نظاما شموليا ولسنا فئة شمولية، انا لا ابي كان (بيك) ولا جدي كان (بيك) ولا ابني سيكون (بيك). نحن لا نريد أي جدل سياسي، ونحن حريصون من خلال أي صيغة حوار ان نخرج من الانقسام السياسي في البلد. نحن ملتزمون ومن دعاة الدولة ومشروع الدولة وبناء الدولة واقامة الدولة ولكن نحن اصحاب كرامة، كرامتنا قبل كل شيء، لا يمكن ان نسمح لاحد ان يهدر كرامتنا من اجل ان يبني لنا بيتا وقد هدم من اجل كرامتنا . لا يتصور احد انه يمكن ان يشبع بطننا على حساب كرامتنا ونحن قدمنا دمنا من اجل كرامتنا، هذا نحن.
في هذا السياق انا ادعو للعودة الى الهدوء والتعقل ونحن امام شهر رمضان المبارك اعاده الله على اللبنانيين جميعا بخير ونطلب من الله ان يوفقنا لصيامه وقيامه وعسى ان يكون هذا الشهر فرصة للتأمل والتفكر والعودة الى الذات ولرؤية الحقائق، اخرجوا وانظروا الى الحقائق ولا تشتبه عليكم الامور ولا تبنوا اموركم على حسابات خاطئة.زمن الهزائم قد ولى وقد جاء زمن الانتصارات

Thursday, September 14, 2006

دعوة للاعتصام

تدعوكم الحركة المصرية من أجل التغيير - كفاية- إلى إعتصام بميدان التحرير يتزامن مع عقد الحزب الحاكم لمؤتمره العام الذي ستتم فيه مناقشة تعديلات دستورية ينوي الحزب تمريرها بليل كما فعل مع المادة 76 سيئة السمعة لإحكام اغتصابه للسلطة في مصر , والإلتفاف على الإرادة الشعبية المطالبة بإجراء إصلاح حقيقي و تفعيل مبدأ تداول السلطة
وتهيب الحركة بجميع أعضائها ومناصريها والمؤيدين للإصلاح السياسي في مصر المشاركة في هذا الاعتصام ; لنقول كلمتنا ونعلن أننا متمسكون بحقوقنا المشروعة في هذا الوطن ولن نسمح بخنق صوته أو اغتيال إرادة شعبه في بناء مستقبله , بتعديلات دستورية وقوانين - مفصلة حسب المقاس - ومخططات توريث مشبوهة تحول مصر إلى عزبة لعائلة مبارك .
موعدنا ميدان التحرير
يبدأ الاعتصام في السادسة مساء الاثنين 18/9/2006
مقترحات للاعتصام:
طبع لافتات وتصميم صور وكاريكتيرات ضد مؤتمر الحزب
الاستعانة بالأغاني والموسيقى لشد انتباه المارة
طبع بيانات وتوزيعها على المارة
كتابة شعارات ورموز على أرض الشارع
استغلال توقف السيارات في الاشارة ومحاولة الحديث مع أصحابها
توزيع ورود على المارة مع كل بيان

Monday, September 11, 2006

عن الانتصار والانكسار

خبرين منشورين في الصفحة الأولى من جريدة الأهرام اليوم قد يبدو للوهلة الأولى ان لا علاقة بينهما ولكن دقق النظر فيهما
الخبر الأول من فلسطين المحتلة :

غزة ـ من أشرف أبوالهول
في تصريح هو الأول من نوعه‏,‏ اعترف موشي آرينز‏,‏ وزير الدفاع الإسرائيلي السابق‏,‏ بأن الجيش الإسرائيلي تكبد في حربه الأخيرة علي لبنان هزيمة لم يسبق أن تكبدها من قبل في أي من الحروب التي خاضتها إسرائيل‏.‏جاء ذلك في الخطاب الذي هاجم فيه آرينز حكومة إيهود أولمرت خلال الاعتصام الذي شارك فيه أكثر من‏30‏ ألف إسرائيلي بساحة رابين‏,‏ للمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في مجريات هذه الحرب‏
الخبر الثاني من لندن وبمناسبة الذكرى الخامسة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر

لندن ـ واشنطن ـ وكالات الأنباء
مع حلول الذكري الخامسة اليوم لأحداث الحادي عشر من سبتمبر الرهيبة‏,‏ كشفت صحيفة الإندبندنت البريطانية عن أن الحرب علي الإرهاب أدت حتي الآن إلي مصرع أكثر من‏180‏ ألف شخص‏,‏ وتشريد‏4,5‏ مليون آخرين‏.‏وأضافت أن تلك الحرب كلفت أمريكا أموالا تكفي لسداد جميع ديون الدول الفقيرة علي وجه الأرض‏.‏ جاء ذلك في الوقت الذي نقلت فيه صحيفة واشنطن بوست عن مسئولين في المخابرات أن أجهزة المخابرات الأمريكية لم تتلق أي معلومة جديدة عن أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة منذ أكثر من عامين‏,‏ كما انتقدت تنازع الصلاحيات بين وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون‏,‏ ووكالة المخابرات المركزية سي‏.‏آي‏.‏إيه في عملية ملاحقة بن لادن‏
فهمت بقى العلاقة بين الخبرين يا حلو الملامح ؟

Thursday, September 07, 2006

قالوا هنعدل الدستور


وصلتني هذه الرسالة عبر البريد الاليكتروني من احد الأصدقاء وهي محاولة لمعرفة أهم البنود التي سيتضمنها التعديل الدستوري المزعوم والمرتقب ولأن الرسالة قيمة بالفعل والموضوع هام فضلت أن اشرككم جميعا فيها :

بسم الله الرحمن الرحيم

التعديل الدستوري و الهدر التام للحقوق و الحريات


عندما ألقى مبارك خطابه الشهير في 26 مارس 2005 و الذي أعلن فيه تقدمه لتعديل المادة 76 من الدستور حمل هذا الخطاب سبعة مبادئ أتضح فيما بعد أنها المبادئ السبعة العبقرية التي استطاعت أن تُخرج إلينا نظام انتخابي أسوأ من نظام الاستفتاء الشخصي المعيب المعمول به لنصف قرن ، بل أكثر من ذلك خرج من تحت هذه المبادئ أسوأ نص دستوري ليس فقط في كل دساتير العالم الحاضر ، بل في التاريخ الدستوري بأثره ( الوصف لأكبر أساتذة القانون الدستوري المصري عبروا عنه في مناسبات كثيرة ) . و ما يعنيني في هذه التذكرة القريبة هو ردود الفعل على خطاب مبارك هذا ، فبينما سارعت كل التيارات السياسية بلا استثناء إلى الإشادة و الشكر فإنهم لم يقرأوا الخطاب بما يستحقه من تمعن وقتها و بالتالي بدلاً من أن يستعدوا لمواجهة الأسوأ كانوا قوة دفع للوصول إلى هذا الأسوأ ، و تناسى الجميع أن هذا النظام قد شاخ على منهج واحد لم يتغير و من المستحيل أن يتغير بعد ربع قرن . و ذات الأمر تكرر يوم عرض مبارك ترشيحه في خطاب المنوفية الثاني أيضاً فيما يتعلق بإلغاء حالة الطوارئ و رغبته في إصدار قانون جديد لمكافحة الإرهاب ( على تفصيل سيأتي بحثه في رسائل لاحقة ).

ذات الأمر يتكرر مع الأسف بصورة أقل و لكن أخطر فيما يتعلق بمقترحات تعديل الدستور التي بدأ مبارك بالفعل خطواته لإقرارها . و الخطورة أن معركة تعديل الدستور إذا ما تمت وفق المخطط المباركي ستعني نهاية تامة لأشباه الحريات التي أتى بها دستور 71 أو التي بُنيت عليه .

و دون تفصيل قد يطيل و يشق على الكثير فإنني الآن سأكتفي بالعرض العام على أن أخصص لكل جزء من أجزاء التعديل ما يستحقه من بحث في كتابات لاحقة.

في هذا العرض فإنني أعتمد على التقارير التي أُعدت في مجلسي الشعب و الشورى عن التعديلات الدستورية و ما تم نشره من تقارير عن هذه التعديلات بالصحف الحكومية .

التعديلات التي يتم الإعداد لها ، بالرغم من كثرة المواد المراد تعديلها ، فإنها يمكن وضعها تحت سبعة عناوين رئيسية لكل منها أهدافه الخاصة المراد تحقيقها .
أولاً : تعديلات خاصة بإلغاء الطابع الاشتراكي للدولة و لكن باستثناء النصوص الخاصة بنسبة الخمسين بالمائة عمال و فلاحين ( و المواد المقترح تعديلها في هذا الإطار هي المواد 12 – 24 – 30 – 33 - 59 – 73 – 173 – 179 ). و إذا كان إخراج النصوص الاشتراكية يتفق و المنطق الصحيح إلا أن الإبقاء على هذه النسبة لهو الأكثر شذوذاً . فهل الإبقاء عليها سيكون الطعم الذي وُضع لليسار المصري أم أن هذه النسبة تحقق مكاسب للنظام في الإبقاء على إدخال فئة معينة من الجهلة الذين لا يمثلون لا عمال و لا فلاحين و أغلبهم من كبار الأثرياء ؟
ثانياً :التخفيف من بعض اختصاصات رئيس الجمهورية بنقلها إلى اختصاصات رئيس مجلس الوزراء و الوزراء ( و ذلك بمراجعة المواد 74 – 144 – 145 – 146 – 156 ) . و يمكن تبرير هذا الموقف بمتابعة الكم الهائل من السلطات و الاختصاصات الممنوحة لرئيس الجمهورية و التي يعجز حتى مجلس الوزراء مجتمع من القيام بها ، فهو تقريباً رئيس لكل مجلس أعلى في مصر.
ثالثاً : تحويل مجلس الشورى من مجلس استشاري إلى مجلس له بعض الاختصاصات التشريعية و الرقابية ( و ذلك بتعديل المواد 194 و 195 ). و هذا التوجه يحتاج إلى كثير من التفصيل في نشأة هذا المجلس و اختصاصاته و حقيقة دوره ، سيأتي بحثه لاحقاً بإذن الله .
رابعاً : إدخال تعديل يوفر للنظام أساس دستوري لهدر الحريات الذي سيأتي به قانون الإرهاب (قانون إرهاب و ليس مكافحة الإرهاب ) ، و المادة المستهدفة في الغالب ستكون المادة 41 من الدستور . و هذا التعديل له أهمية خاصة جداً ، ذلك أن هذا القانون كان السبب الرئيسي في التوجه لتعديل الدستور لتأكيد ترزية النظام أن هذا القانون سيكون مآله حتماً عدم الدستورية إذا لم يتم تعديل الدستور ذاته لتحقيق هدر الحريات بنص دستوري و ليس بمجرد قانون . و بعد أن استقر الرأي على حتمية هذا التعديل بدأ التفكير في بقية التعديلات.
خامساً : تعديل النصوص المتعلقة بنظام الانتخابات لتحقيق أمرين : الأول هو وضع نسبة محددة للمرأة في المجالس المختلفة ( علشان نرفع رقبة طنط سوزان بين أخواتها الفضليات الأخت رانيا الأردن و كمان الريسة الفاضلة لورا بوش ) و تحديد نسبة من المقاعد لفئة معينة من الممكن أن يكون موضوع نقاش ، و لكن الأولى أن تجرى أولاً انتخابات نزيهة حتى نعرف أولاً ما هي الفئات الضعيفة التي تحتاج تحديد للنسب . أما الأمر الآخر فهو أحد أهم التعديلات و هو النص على نظام القائمة في صلب الدستور بعد عجز الترزية الخايبين للنظام في وضع نص قانون لهذا النظام الانتخابي لا يخالف الدستور ، و بالتالي و بذات الطريقة الخائبة وجدوا ضآلتهم في وضع هدر الحقوق و الحريات في صلب الدستور . و هذا التعديل الأخير هدية خاصة جداً للإخوان المسلمين ، لأن النظام منذ بداية حكم مبارك كان لديه القناعة أن هذا النظام الانتخابي هو الوسيلة المثلى للقضاء على الإخوان المسلمين على الساحة السياسية ، و لا يجب أن يقلل أي شخص من قوة هذه الضربة على الإخوان المسلمين إذا ما تمت فعلاً . و المواد المستهدفة في هذا التعديل ستكون هي المواد 87 و 162 .
سادساً : إلغاء الإشراف القضائي على الاقتراع في الانتخابات و الاستفتاءات بتعديل المادة 88 من الدستور و النص صراحة على عدم إشراف القضاة على اللجان الفرعية ، أي عدم إشرافهم على كل العملية الإقتراعية . و سيضاف إلى ذلك إعادة تشكيل المجلس الأعلى للهيئات القضائية بما يضمن إبقاء السيطرة على السلطة القضائية . و سيتم إلغاء المدعي العام الاشتراكي و لكن مع توزيع اختصاصاته .
سابعاً : على الرغم من كل التعديلات الكارثية السابقة إلا أنني بحق توقفت كثيراً عند هذا البند و آثرت تركه لآخر البحث ، ذلك أنني حتى الآن لا أكاد أصدق أن النظام وصل به العجز لهذا الموقف حتى يعدل نص دستوري مخصوص لحبس الصحفيين . و كل ما سأفعله أن أنقل لكم نص التقرير فقط : " أشار التقرير إلى ضرورة تعديل المادة 40 من الدستور ( خطأ في التقرير لأن المادة المقصودة هي المادة 47 و لكني آثرت نقل التقرير بنصه ) لإعادة النظر في مدى كفاءة العقوبات المقيدة للحرية و العقوبات المالية المقررة في جرائم النشر في حالة تعرضها لسمعة العائلات و الأعراض و تحقق التوازن بين الحياة الخاصة للمواطنين و حرية التعبير " . لمن لا يعرف فإن الدستور بالفعل قد أولى الحماية الكاملة للأعراض و الحياة الخاصة ... الخ و بالتالي الهدف الواضح جداً من هذا التعديل هو إهداء الصحفيين نص دستوري يقنن حبسهم و يضفي الحماية الدستورية على هذا الحبس .

بعد هذا العرض أجده لزاماً علي أن أوضح نقطة تخفي على الكثير بما فيها بعض رجال القانون الذين لا يكلفون أنفسهم عبء البحث و القراءة ، هذه النقطة هي أنا المحكمة الدستورية العليا لا تبحث دستورية نص دستوري ، ذلك أن ا لمنازعة الدستورية هي منازعة بين نص أدنى ( قانون أو لائحة ) للنظر في مدى مخالفته لنص أعلى منه ( النص الدستوري ) و بالتالي إذا أُقرت هذه التعديلات لن يكون هناك أي مجال للطعن فيها بأي صورة من الصور .

بعون الله تعالى سأخصص رسالة خاصة للتعليق على منهج هذا التعديل و سأخصص بعدها لكل نقطة بحث أو أكثر لتوضيح حقيقة الكارثة التي سنبتلى بها و سنشاهدها كعادتنا بمجموعة مؤتمرات و خطب و بضعة مظاهرات و كلام فارغ من كل التيارات السياسية دون أن نقوى على وضع حد لهذا الفجر السياسي الذي يقوم به هذا النظام بكل تبجح .

حفار
للاطلاع على نصوص الدستور المصري يمكنكم قراءتها هنا

مشاهدات يومية

مجرد مشاهد من مشواري اليومي من العمل إلى المنزل وبالعكس قد تبدو لغيري عادية أو لا جديد فيها ولكنها في رأيي تستحق الوقوف عندها ولو للحظة وتأملها فهي عندي ليست "عادية" على الإطلاق!
المشهد الأول: غادرت مقر عملي متأخرا الليلة الماضية وكعادتي أخذت أتمشى قليلا حتى أفرب محطة وعلى جانب الطريق رأيت سيارة اهدات يوميةتاكسي متوقفة وبها راكب بدا واضحا من ملابسه وعقاله أنه من الخليج العربي والأرجح من لون الشماخ أنه من السعودية وقد بدا عليه علامات التأفف والضيق ،ولكن أين السائق؟ الإجابة وجدتها على الرصيف حيث كان السائق المحترم يهم بفك سرواله وقضاء حاجته !ولكي يكتمل المشهد المقزز مرت بجانبنا سيارة ميكروباص وصاح سائقها :"يا معفن" وتمتمت في سري "والله معه حق" ،خاطر أخر دار ببالي وأنا ابتعد عن المكان: لقد دأبنا نحن المصريين لعقود على السخرية من الجنسيات العربية الأخرى بمزيج من العنصرية والاستعلاء البغيض وادعاء أنهم يقضون حاجتهم في الشوارع وأمام الناس، ترى ..كم من النكات سيطلق علينا السائح الخليجي عند عودته الى بلاده ؟ ابشروا فقد أصبحنا وبلا فخر الشعب العربي الوحيد الذي يقضي حاجته في الشارع.
المشهد الثاني:فتاة مراهقة تعبر الشارع ، تسارع الخطى لكي لا تدهسها السيارات المسرعة (الم تلاحظ أننا البلد الوحيد الذي لا تقف فيه السيارات للمارة؟) وبينما تسرع الفتاة ، يطل شاب بنصف جسمه تقريبا من شباك السيارة ويصيح بمزيج من الاستظراف والسخافة :"ما تجريش عشان قلبي بيجري معاكي !" فأصيح بدون وعي _أو بوعي لا أعرف_"فيه ايه يا حيوان" ، لم يسمعني أي من الطرفين لا الشاب ولا الفتاة ولكن أحسست أني يجب أن أقول شيئا كهذا، ألا تلاحظ أن أكثر الشباب ميلا لهذا السلوك السخيف هم أصحاب السيارات أي ممن لا يعانون أي حرمان على الإطلاق؟
المشهد الثالث : القاهرة مدينة حية حتى ما بعد منتصف الليل ،عدت إلى منزلي في الواحدة ليلا تقريبا ولا تزال الحياة مستمرة في حينا بكافة "مظاهرها"
وسلام حتى بوم أخر ومشاهدات أخرى .

Tuesday, September 05, 2006

أولاد حارتنا


لعلها أكثر روايات نجيب محفوظ إثارة للجدل، ولعلها الرواية الوحيدة التي تسببت لصاحبها في محاولة اغتيال، إنها رواية "أولاد حارتنا" التي أثارت منذ صدورها وحتى اليوم عاصفة من الجدل الأدبي والديني والسياسي الذي لم يهدأ حتى بعد انزواء صاحبها وابتعاده عن الأضواء.ففي عام 1959ظهرت "أولاد حارتنا" كحلقات مسلسلة في جريدة الأهرام، وما أن بدأت الأهرام في نشر الحلقات حتى قوبلت بهجوم حاد من مشايخ الجامع الأزهر وصلت إلى حد اتهام صاحبها بالزندقة والإلحاد.وطالبوا بوقف نشر الرواية وهو ما كان، فتوقفت الرواية عن الصدور ومنعت في مصر لكنها سرعان ما ظهرت في بيروت لتعيد الجدل حولها من جديد بسبب ما تضمنته من رؤية فلسفية جريئة لقصة الخلق وسيرة الأنبياء منذ خلق أدم وحتى محمد صلى الله عليه وسلم.
الحارة أو العالم؟تنتمي الرواية إلى الواقعية الرمزية ولعلها من أكثر روايات محفوظ استخداما وتكثيفا للرمز، فالحارة في هذه الرواية ليست الحارة المعتادة في أدب محفوظ، إنها ببساطة العالم أو الدنيا الذي يعج بصراعات البشر، وتبدأ الرواية من عزبة الجبلاوي التي يملؤها أولاده، ويبدأ التحول الدرامي حين يولد للجبلاوي ابن من امرأة سمراء هو أدهم والذي يفضله الجبلاوي على بقية أبناؤه، مما يدفع ابنه إدريس للغيرة والتمرد والذي ينجح في نهاية الأمر في التسبب بطرد أدهم من العزبة لتبدأ رحلة أدهم ونسله في الحارة حين يقتل أحد أبناء أدهم شقيقه ويتيه بقية الأبناء إلى أن تنقسم الحارة إلى ثلاثة أحياء، ممثلين بذلك الأديان السماوية الثلاثة.وتتوالى الأجيال في الحارة التي تواصل مهمة أدهم في محاولة إيجاد العدل الاجتماعي المفتقد في ظل سيطرة الفتوات وحكمهم الغاشم ،فيظهر جبل (موسى عليه السلام) ثم رفاعة (عيسى عليه السلام) ثم قاسم (محمد عليه الصلاة والسلام)، ثم بعد أن ينهي كل رسالته يظهر عرفة أو رمز العلم والذي يرى بعض النقاد أن محفوظ اشتق اسمه من المعرفة، يظهر مجهول النسب في الحارة فالعلم لا دين ولا وطن له ثم يقتحم عزبة الجبلاوي ويتسبب في القضاء عليها، لتبدو رسالة محفوظ واضحة في النهاية، حيث يرى أن الأديان السماوية لم تتمكن من تحقيق العدالة الاجتماعية المرجوة وأن العلم (دين البشرية الجديد) هو المؤهل للعب هذا الدور.
قراءات مختلفةجاء اتهام مشايخ الأزهر والغالبية العظمى من التيار الديني لمحفوظ بالردة نتيجة طبيعية لقراءة معينة للرواية رأت فيها ازدراء للأديان والذات الإلهية، فقد تم فك شفرة الرموز التي استعملها محفوظ في الرواية بشكل يكرس هذه الرؤية.فالجبلاوي هو الخالق (عز وجل) و تمرد إدريس على أبيه هو تمرد إبليس على الله وخروجه من رحمته وقتل قدري لأخيه هو قتل قابيل لهابيل، وحديث جبل للجبلاوي هو حديث الله لموسى ومقتل رفاعة المختلف حوله هو صلب المسيح، وخروج قاسم من الحي هي هجرة الرسول محمد من مكة إلى المدينة.أما عرفة وهو الإضافة الحقيقية لمحفوظ في هذه الرواية فجاء خير تعبير عن مرحلة مر بها محفوظ في ذلك الوقت وهي مرحلة التأرجح بين الشك واليقين الإيماني، فقد عاش الكثيرون في تلك الفترة ومنهم محفوظ تساؤلا حرجا بعد نجاح الاتحاد السوفيتي في برنامجه الفضائي وهو : لماذا تقدم السوفييت رغم "إلحادهم " بينما لا يزال العالم العربي والإسلامي غارقا في التخلف والجمود؟ وسادت لدى كثيرين رؤية مفادها أن العلم لا الدين هو خلاص البشرية وهو ما جسده محفوظ في شخصية عرفة.
عواصف التكفيرحين منعت رواية "أولاد حارتنا" من التداول في مصر بدا وأن العاصفة التي أثيرت حولها قد هدأت ولو إلى حين خاصة مع عدم رغبة محفوظ في الصدام مع الأزهر، إلا أن حصول صاحب الرواية على جائزة نوبل للآداب عام 1988 وظهور رواية "آيات شيطانية" لسلمان رشدي أعاد الجدل إلى ما كان عليه خاصة بعد أن عقد البعض مقارنة بين الروايتين، ومع تصريحات محفوظ التي انحاز فيها إلى حرية الرأي ورفض فيها فتوى الإمام الخميني القاضية بإهدار دم سلمان رشدي، الأمر الذي واجهه التيار الديني في مصر بتكفير محفوظ وأصدر أحد شيوخ الجماعة الإسلامية (عمر عبد الرحمن) فتوى اعتبرته مرتدا عن الإسلام، ولعل هذه الفتوى إضافة إلى موقف محفوظ المؤيد للسلام مع إسرائيل كانتا المحرك لقيام شاب مصري بمحاولة اغتيال محفوظ عام 1994 رغم أن الشاب اعترف فيما بعد بأنه لم يقرأ الرواية أبدا!يبقى القول أن رواية "أولاد حارتنا" رغم كل ما أثير حولها، إلا أن سلاح المنع لم يجدي معها، فقد بقيت تباع سرا في بعض مكتبات القاهرة بضعف سعرها الأصلي، وترجمت إلى لغات عدة منها الإنجليزية والألمانية وقوبلت باحتفاء نقدي كبير.وبين هذا الاحتفاء هناك والازدراء هنا، ورحيل صاحب الرواية..ألستم معي أنه حان الوقت لإعادة النظر في الرواية والموقف منها ومن صاحبها !ا

Sunday, September 03, 2006

مشروع احياء فكر النهضة

اتفقت مع مجموعة مع الزملاء المهتمين بالتراث على مشروع جديد يتلخص في "احياء فكرة النهضة"وبتفصيل أكثر احياء فكر كل من :السيد جمال الدين الأفغاني والامام محمد عبده وعبد الرحمن الكواكبي وعبد الله النديم فنحن أحوج ما نكون الى هذا الفكر المقاوم للاستبداد في هذه اللحظة بالذات من تاريخنا والى هذا الخطاب الديني المتسامح في مواجهة خطاب الطائفية والفرقة المنتشر حاليا ويقوم المشروع على:1.جمع أعمال المفكرين المشار اليهم وتحقيقها
2.انشاء مدونة لنشر هذه الأعمال تباعا
3.اعداد دراسات عن كيفية تجديد هذا الفكر وتحقيق الاستفادة القصوى منه في الوقت الراهن
هذا المشروع ليس مشروعا فرديا لذلك فهو بحاجة الى كافة الجهود الممكنة والدعوة مفتوحة لكل من هو مهتم ويملك القدرة ومستعد لبذل الجهد ،ويمكنكم التواصل معنا عبر هذه المدونة

زفة "الملك" لا تعنيني


لم اهتم كثيرا بالضجة الاحتفالية الصاخبة التي رافقت نقل تمثال الملك رمسيس الثاني من الميدان الذي عرف باسمه، شخصيا لم تمثل لي هذه الاحتفالات التلفزيونية الحكومية مدفوعة الأجر سوى محاولة للإيحاء بأن شيئا ما يتم انجازه ،في الحين أن المحصلة النهائية لكل هذا الصخب هو :لاشيء.
لا أستطيع في هذه اللحظة إعطاء رأي قاطع أو تقييم عملية نقل التمثال ،لا أستطيع أن احكم ما إذا كان نقل التمثال يمثل ضربة للميدان الذي بدا عاريا وبدون أي ملامح جمالية في غيابه ؟أم أن الأفضل للتمثال بالفعل كان نقله بعيدا عن الزحام وأبواق الميكروباص ودخان التلوث المتصاعد من كل ما يحيط به؟ الإشاعات التي سرت عن تغيير اسم الميدان وتسميته باسم "فرعون" أخر غير رمسيس الثاني تجعل المرء متشككا في نوايا من قاموا بعملية النقل ,ولكن الوقت كفيل بالإجابة على هذه الأسئلة
ولكن ما يعنيني حقا كمواطن مصري وما أرغب في التعليق عليه في وسط كل هذه "الزفة" هو ذلك الاحتفاء الغريب والمبالغ فيه ب"خروج المصريين لوداع الملك" أحد أصحاب المدونات اعتبر أن هذا الخروج هو انتماء من الشعب المصري "لأجداده" وردا على كل من هو "عروبي "أو "قومي" أو"إسلامي" وتأكيدا لهوية مصر "الفرعونية"!
ولست مهتما كثيرا بالرد على مثل هذه المزاعم فهي أتفه من أن أرد عليها ولكن ما أود طرحه هو رؤية شخصية لا ألزم احد بها ولا يعنيني أن يوافق عليها أحد ، لن أتحدث عن إيماني الذي لم يتزعزع يوما بعروبة مصر ودورها الإقليمي، ولكن لعل هذا الايمان هو السبب الرئيسي وراء عدم اكتراثي بمسألة "أجدادنا الفراعنة" المزعومة تلك، بالنسبة لي لم يمثل تمثال رمسيس المنقول أكثر من تمثال لا يحرك في شيئا ولا تؤثر في، قد أقف أمام مسلة فرعونية بالساعات ولا تثير في نفسي شيئا ،و العكس تماما هو ما ينتابني حين أقف أمام مأذن الأزهر والحسين ومشربيات الغورية ووكالات الجمالية ،أشعر بالانتماء الى هذه الأمكنة والى من يقطنها من البشر، وبعكس المسلات والتماثيل التي لا تعكس بالنسبة لي سوى ماض سحيق ، فان هذه الأماكن بالنسبة لي تمثل حاضر وماض ومستقبل ،تمثل ذاتي وهويتي، ولا أجد أي غضاضة في قول ذلك، ولا أدري ما العيب في اصرار المرء على تأكيد انتماءه العربي ؟ ألم يبدع العرب حضارة مساوية للحضارة المصرية القديمة في عطاءها وانتشارها؟ والسؤال الأهم : لماذا تثار الأسئلة دائما عن عروبة مصر-ومصر بالذات- أو فرعونيتها؟ لماذا لا تثار نفس الأسئلة عن "فينيقية" سوريا مثلا أو "أشورية" العراق أو "سبأية" اليمن ؟ الجواب في رأيي يكمن في أن مصر ومصر بالذات لا يراد لها أن تكون عربية، فلا معنى لفكرة القومية العربية بدون مصر ، فإذا انتزعت مصر منها ، صارت الفكرة برمتها بلا معنى.