Monday, June 29, 2009

مش باقي مني



سامحك الله يا عم جمال

منذ زمن لم تبكني قصيدة

ولم تهزني اشعار

قدر ما فعلت هذه

Thursday, June 11, 2009

إحنا الفرح


في نهاية فيلم "اللمبي" لوائل إحسان ، يتفتق ذهن اللمبي (محمد سعد) عن فكرة لإنقاذ نفسه وأمه (عبلة كامل) من ضائقتهم المالية ، وهي أن يسرع بإتمام زفافه حتى يجمع نقود "النقوط" من أصدقائه ومعارفه ويتمكن من سداد دينه.
هذه الفكرة ، التي يلجأ اليها البعض بالفعل على ارض الواقع، والتي عرضها "اللمبي" بشكل عابر وكوميدي، تشكل العمود الفقري لفيلم الفرح لكل من احمد عبد الله مؤلفا وسامح عبد العزبز مخرجا.
وهو اللقاء لثالوث عبد الله وعبد العزيز واحمد السبكي منتجا بعد نجاح تجربتهم الاولى "كباريه" منذ نحو عامين ، حتى ان طاقم الفيلم من الممثلين يكاد يكون هو ذاته، بل بدا المنتج في كلا الفيلمين حريصا على حشد اكبر عدد ممكن من النجوم.
وكما في "كباريه" يلجأ عبد الله الى فكرة الاحداث التي تجري بالكامل في خلال اربع وعشرين ساعة و في مكان واحد تقريبا، تتقاطع فيه القصص الفرعية وتتشابك وتتحدد على اساسه مصائر الشخصيات المتشابهة الى خحد بير من حيث الكلامح او الظروف الاجتماعية على حد سواء.
يبدأ الفيلم بزينهم "خالد الصاوي" الذي يرتب مع صديقه متعهد الافراح (محمود الجندي) ما يسميه كلاهما ب"فرح جمعية" او بعبارة اخرى اقامة عرس مزيف لا يمت لزينهم بصلة ، حتى يتمكن من جمع "النقوط" وشراء سيارة "ميكروباص" ، في اشارة واضحة الى مدى تواضع طموح هذه الفئة من المصريين.
ويؤجر زينهم والمتعهد عروسين حقيقين قام بدورهما جومانا مراد وياسر جلال، وهما نموذج ماسأوي أخر ساقه عبد الله من وقائع حقيقة ، فهما متزوجان منذ ما يزيد عن سبع سنوات إلا أن لا يتمكنان من إتمام زفافهما طيلة هذه المدة ، وحين يمارسان فعل الحب معا لأول مرة، تفقد العروس جميلة عذريتها قبل موعد العرس ، مما يضطرهما إلى قبول هذا العرس الزائف حتى تتمكن الفتاة من إجراء عملية لترقيع بكارتها!
من خلال سرادق الفرح المنصوب في حي شعبي ، تتداخل الشخصيات مرة أخرى كالفتاة بائعة البيرة (دنيا سمير غانم) التي تتخفى وراء مظهر ذكوري لتحفظ نفسها من تحرشات الفتيان وتستجيب لأول مرة لإغواء بائع الأجهزة المنزلية "الحشاش" (باسم سمرة) الذي يغازل مشاعر أنوثتها المخبأة.
وكذلك الحال مع المونولوجست العجوز (صلاح عبد الله) المتمسك بنكات ومونولوجات السبعينات التي لا تجد لها أذنا صاغيا ، الأمر الذي يجعله دائما في موقف حرج أمام ابنه العازف الشاب.
ومن بين خيوط درامية عديدة، امسك عبد الله بطرف خيط محدد جعله محددا لعلاقة الشخصيات ببعضها البعض، وهي علاقة الأبناء بالآباء ، كعلاقة زينهم بأمه (كريمة مختار) التي تصل إلى حد التصادم بسبب مثالية الأم الرافضة لفكرة الفرح الزائف، وكذلك في علاقة "نوبطشي" الفرح آو مسئول جمع "النقوط" (ماجد الكدواني) بأبيه (محمد متولي) وما بينهما من قطيعة دامت عشرين عاما بسبب تسبب الأب في عاهة في وجه الابن.
تأتي لحظة الذروة حين يفاجأ زينهم بوفاة أمه في نفس توقيت العرس، حين تبدو الأحداث وكأنها قد أخذت منحى أخر، فرفاق زينهم وعلى رأسهم المتعهد يقنعونه بأن يؤجل دفن أمه بضع ساعات حتى ينتهي الفرح ويتمكن من جمع المبلغ اللازم رغم كافة توسلات زوجته (روجينا).
من هذه النقطة تظهر ماسأة شخصيات الفيلم الحقيقية وهي عدم قدرتهم على المواجهة، فيدفعون ثمنها واحدا تلو الأخر، فزينهم يفقد أمه وتسرق حقيبة النقوط ليجد نفسه في النهاية وقد فقد كل شيء حتى زوجته التي تقرر هجره.
وفتاة البيرة تتورط في جريمة قتل بعد أن تحرش بها الحشاش ، وتفاجأ جميلة بالطبيب الذي تعاقدت معه لترقيع بكارتها يحاول التحرش بها لتهرب مرة أخرى مع زوجها.
إضافة إلى الزوج العجوز (حسن حسني) الذي يعجز من مواجهة أصحاب مكبر الصوت الذي يمنعه من ممارسة فعل الحب مع زوجته الشابة (مي كساب) وهما شخصيتان لم يضيفا شيئا يذكر إلى "حدوتة" الفيلم الرئيسية.
إلا أن عبد الله ، في خطوة فاجأت المتلقي، قرر طرح نهايتين مختلفتين ، أولهما تل النهاية السوداوية والأخرى نهاية تبدو سعيدة، حيث يقرر زينهم إنهاء الفرح والبدء بإجراءات دفن أمه، وهو قرار أيضا له تداعياته على الشخصيات الأخرى، فيتمكن النبطشي من مصالحة أبيه، ويواجه الزوجين الشابين أهلهما بالحقيقة.
وبدا وكأن صناع الفيلم في النهاية يقدمان للمتفرج نهايتين مختلفتين تماما، إلا أن هذا سبب نوعا من البلبلة لدى الجمهور الذي يغادر قاعة العرض متسائلا أي النهايتين وقعت حقا؟
تمكن سامح عبد العزيز من تقديم الفرح الشعبي بكافة مفرداته من صخب وفوضى وصولا إلى إباحة كافة المحظورات المباحة فيه مثل تناول المخدرات والخمر وهو ما انعكس حتى في مفردات الأغاني في الفيلم والتي حملت إحداها اسم "سيجارة تانية"!
ولكن، وكما حدث في "كباريه" لم تكن الأغاني التي احتواها الفيلم إضافة إلى الفيلم بقدر ما كانت عبئا عليه، واغلب الظن أنها أودعت ضمن أحداث الفيلم لأسباب تجارية بحتة.
وجاء التصوير موفقا إلى حد كبيرا وحفل بأكثر من مشهد رئيس أو ماستر سين مثل رقصة "المطاوي" التي أداها خالد الصاوي باقتدار، ومشهد العيادة التي يلجأ إليها الزوجين.
ديكور الفيلم جاء بسيطا للغاية ولكنه كان كافيا بالغرض، خاصة مع الأخذ في الاعتبار أن اغلب الأحداث تتم في مكان واحد هو الحي الشعبي الذي يشهد الفرح.
إلا أن العنصر الأبرز في الفيلم يبقى أداء ممثليه، حيث قام أداء اغلبهم على التناقض بين المشاعر الداخلية والمظهر الخارجي وهو ما وفق اغلبهم في تقديمه.
فجاء أداء خالد الصاوي تلقائيا وبسيطا وخاليا من المبالغة ، وتألق في مشهد وفاة الأم ومحاولاته المتكررة لإخفاء الحقيقة عن ضيوفه.
وظهرت أستاذية صلاح عبد الله مرة أخرى في دور المونولجست خاصة في لحظات الانكسار حين يطالبه الجمهور بالنزل من على خشبة المسرح، والتي أعقبها مشهد آخر حميم مع ولده الشاب.
كما استطاع عبد العزيز إعادة اكتشاف دنيا سمير غانم في ثوب جديد بعيد عن ادوار الفتاة الارستقراطية التي حصرتها فهيا الدراما التلفزيونية، فجاء دورها بعيدا عن هذه العباءة بل ربما بعيدا عن عباءة الأنوثة أيضا لتؤكد أنها وصلت إلى مرحلة النضج كممثلة.
كما قدم ياسر جلال واحد من أفضل أدواره على الشاشة الفضية ، خاصة في مشهد مؤثر حين يحاول احتضان زوجته أمام الجميع ليصيح بشكل هستيري في وجه المارة الذي صدمهم المشهد :"دي مراتي ...والله العظيم مراتي".
إلا أن أداء كل من سوسن بدر في دور الراقصة المسنة ومحمود الجندي في دور المتعهد لم يضف أي جديد إلى رصيدهما السينمائي الحافل بل جاء أشبه بتكرار لأدوار سابقة.
وكما هو الحال في "كباريه" لم يخلو "الفرح" من محاولة متكررة لإضفاء صبغة أخلاقية على الشخصيات في محاولة لمغازلة فئة من المصريين، حتى وان بدت هذه المحاولة غير واقعية مثل محاولات كريمة مختار المتكررة ل"تتويب" الراقصة (سوسن بدر).وبشكل عام، جاء "الفرح" ليكون بمثابة شهادة تحول سينمائي لصناعه خاصة بعد "كباريه" الذي أعلن تحولهم من أفلام الكوميديا التجارية إلى أفلام جادة تخاطب هما اجتماعيا عاما، وان عابه محاولتهم وضع المجتمع المصري برمته داخل سرادق واحد!

Monday, June 01, 2009

الحاج متولي الأمريكي


في عام 2001، عرض التلفزيون المصري مسلسلا اجتماعيا بعنوان "عائلة الحاج متولي" اثار جدلا واسعا في الشارع المصري في حينه لتناوله واحدة من اكثر القضايا الاجتماعية حساسية وهي قضية تعدد الزوجات.
حيث قدم الفيلم شخصية الحاج متولي (جسدها الفنان المصري نور الشريف) تاجر الأقمشة الثري الذي يجمع بين أربع زوجات ويسكنهن في منزل واحد مع أبنائه وبناته من كل منهن.
وفي حين حظي المسلسل باهتمام واسع من قبل الجمهور، أثار انقساما في تلقيه بين مؤيد ومعارض لكيفية تناوله لهذه القضية الشائكة ، ففي حين رحب داعية إسلامي معروف هو الدكتور يوسف القرضاوي بالمسلسل معتبر انه يمثل "انتصارا للأصالة على التقليد"!، لاقى المسلسل انتقادات واسعة من كاتبات وناشطات نسويات مثل الكاتبة المصرية فريدة النقاش التي انتقدت طريقة تصوير المسلسل للمرأة المصري ة إضافة إلى ما وصفته بزرع المسلسل لوهم في عقول الشباب بأنهم "يمكنهم تكوين ثروة طائلة عبر الزواج من الأرامل"!
وفي عام 2006، كان جمهور أخر هو الجمهور الأمريكي على موعد مع عمل درامي لا يقل جرأة ولا إثارة للجدل عن "الحاج متولي" ويتناول نفس القضية (تعدد الزوجات) وهو المسلسل التلفزيوني "الحب الكبير big love".
فالمسلسل الذي بدأ عرضه عام 2006، ويراه الجمهور حاليا من خلال شبكة mbc الفضائية، يتناول هذه القضية في اجواء اكثر حساسية من المجتمع المصري، فتعدد الزوجات في الولايات المتحدة محرم قانونيا ودينيا على حد سواء.
إلا إن المسلسل ليعرض لحالة نادرة هي أسرة بيل هنريكسون (الممثل الأمريكي بيل باكستون) الذي يدير محلا للأجهزة والأدوات المنزلية، ويعيش حياة مستقرة مع زوجته باربرا ( الممثلة المخضرمة جين تريبلهورن) وأبنائهما.
الا ان ما لا يعرفه الجميع عن اسرة بيل هي انه في الحقيقة ينتمي الى عقيدة دينية غامضة، لم يفصح المسلسل عنها ابدا، تبيح له تعدد الزوجات، وانه متزوج في واقع الأمر من كل من جارتيه نيكوليت (كلوي سيفيني) ومارجين(الممثلة الشابة جينيفر جودوين بطلة فيلم "انه لا يحبك")
ويعرض المسلسل لأسرة بيل التي تضم 3 زوجات مختلفات في السن والشخصية والطباع إضافة إلى سبعة أبناء تتفاوت أعمارهم من المراهقة كما في حالتي سارة (الممثلة الشابة اماندا سايفريد بطلة الفيلم الغنائي ماما ميا) وبين (الكندي دوجلاس سميث) اللذان يمران بمرحلة النضج والبلوغ مرورا بالتوأمين الصغيرين واين وريموند والصغيرة تانسي وصولا الى اهارون وليستر ونيل وهم ابناء بيل من الزوجة الثالثة مارجين.
والمسلسل، وان كان لم يصرح باسم الكنيسة التي يتبعها بيل والتي تبيح ما لا تبيحه أي كنيسة أخرى في الولايات المتحدة من حصول الرجل على أكثر من زوجة، الا انه يلمح من وقت لأخر إلى الكنيسة المورمونية والتي كان تبيح تعدد الزوجات حتى العام 1890 حين أصدرت قرارا بتحريمه واعتبار من يمارسه خارجا عن الكنيسة.
وبدلا من ذلك فإن المسلسل يطرح ديانة متخيلة يؤمن بها بيل ويمارس شعائرها مع أسرته ، خاصة وأن والد بيل كان احد مؤسسيها.
وعلى العكس من الحاج متولي ، فإن بيل لا يستطيع أن يجاهر بزيجاته المتعددة حتى لا يقع –هو وأسرته- تحت طائلة القانون، فهو يخفي الأمر عن الجميع باستثناء صديقه وشريكه في العمل جويل، وتضطر زوجاته إلى التظاهر أنهن جيران لا أكثر حتى لا يثيروا انتباه احد إلى لقاءاتهم اليومية في بيت إحداهن.
ويفرد المسلسل مساحة خاصة في كل حلقة لمائدة العشاء التي يلتف حولها كافة أفراد الأسرة من بيل إلى زوجاته الثلاثة إلى الأبناء السبعة جميعا ، حيث تكون بمثابة تفريغ لما حدث خلال يوم كامل من مشكلات في العمل او في المنزل على حد سواء.
ومن الطريف حقا، أن المشاهد العربي سيلاحظ على الفور أوجه التشابه بين الحاج متولي ونظيره الأمريكي بيل من حيث نمط الحياة التي يحياها كلاهما في ظل تعدد الزوجات والتي يعرضها المسلسل بشكل كوميدي في بعض الأحيان.
فحياة الزوجات تتقاطع وتتداخل بشكل غريب ، فنحن بصدد ثلاث زوجات يحببن نفس الرجل ، هن وان تنوعت واختلفت شخصياتهن، فإنهن يحرصن على إبعاد خلافاتهن عن ببل وفي بعض الأحيان إخفائها عنه.
وعلى طريقة "الليلة يا عمدة" التي عودتنا عليها السينما المصرية، فإن بيل يواجه صعوبة في تحديد أي بيت يجب أن يبيت فيه نظرا لتقسيمه أيام الأسبوع بين زوجاته الثلاثة،ففي إحدى الحلقات على سبيل المثال ، يذهب بيل إلى منزل زوجته الثالثة مارجين لتفاجئه بالقول "إنها ليلة نيكول" وحين يذهب إلى الزوجة الثانية فإنها تبادره "بدلت ليلتي مع باربرا" فيعود بيل إلى منزل الزوجة الأولى ليجد طفلته نائمة بجوارها ، فينتهي به الحال إلى النوم على الأريكة وحده!
كما يعرض المسلسل لطبيعة الابناء الذين ينشأن في ظل تعدد الزوجات، فالابنة سارة المراهقة تواجه مشكلة نفسية عميقة في القدرة على التكيف مع حقيقة ان اباها متزوج من نساء اخريات غير والدتها ، وهي وان اطلعت صديقتها المقربة على حقيقة اسرتها، فإنها تجعلها تعد بالا تخبر أحدا أبدا عن هذه الحقيقة أو كما تخبر صديقتها :"بالنسبة لك وللعالم بأسره ، فإن لي أبا واحدا وأما واحدة فقط"
لتستمر حياة سارة متأرجحة بين كتمان سر أسرتها والرغبة في البوح به.
والحال كذلك أيضا بالنسبة للابن بين الذي يعاني من اضطرابات نفسية مع بلوغه سن المراهقة، لعل أبرزها تساؤلاتها المستمرة عن كيف يدير علاقته مع الجنس الأخر، ولعل ما يزيد هذا السؤال إلحاحا في ذهن بين هو نشأته في بيت به ثلاث زوجات لأبيه، فهو لا يشعر بالراحة حين تعرض عليه نيكوليت أن تغسل له ثيابه، كما يلوم نفسه حين ينظر بإعجاب إلى مارجين ، زوجة ابيه الثالثة التي تقاربه في السن!
وبشكل عام، يمكن القول إن الميزة الأساسية لعمل درامي مثل "الحب الكبير" هو أنه يظهر بشكل واضح ان ظاهرة "تعدد الزوجات" ليس قاصرة على ثقافة بعينها او ديانة بعينها كما يحاول البعض أن يصور ، كما أن المسلسل يظهر من يمارسها لا كشخصيات غير سوية كما درجت بعض الأعمال السابقة بل كنماذج إنسانية يمكن للمشاهد أن يتعاطف معها ويتوحد مع مشاعرها، ويسعى المسلسل لإيصال رسالة مفادها أن تعدد الزوجات ليس ظاهرة قدرية ولا ظاهرة شريرة ، بل ظاهرة اجتماعية لها اسبابها التي يجب التعامل معها ومحاولة الحل المشكلات الناتجة عنها.