Sunday, April 19, 2009

ولن ترضى عنك حكام العرب


"كد كيدك واسع سعيك وابذل جهدك ، فو الله لن تمحو ذكرنا"

من خطبة السيدة زينب امام يزيد بن معاوية

الحملة المسعورة التي يقودها النظام المصري حاليا وازلامه من الكتاب وابواقه الاعلامية على المقاومة اللبنانية متمثلة في شخص قائدها السيد حسن نصر الله، ليست ولا ينبغي ان تكون بالامر المستغرب او العجيب من هذا النظام

قد لا استطيع ان ادلي برأي في القضية في حد ذاتها فهي لا تزال رهن التحقيق والفيصل الوحيد فيها هي كلمة القضاء

ولكن يمكنني ان ارد على هذه الحملة التي جند لها النظام كافة الوسائل والابواق، من نوابه في البرلمان الى حلفائه من الاخوان الى كتابه المأجورين ...الخ

ان المتتبع لمسيرة هذا النظام منذ جثم على صدر مصر في اوائل الثمانينات سيلحظ ان علاقته بقوى المقاومة في عالمنا العربي بدأت اولا بالتجاهل التام، فلم ينبس النظام ببنت شفة حين اجتاح الصهاينة ارض لبنان حتى عاصمته عام 1982 وحين خرجت المقاومة الفلسطينية منها الى المنافي وحين اقترف حلفاء الصهاينة جرائمهم في صابرا وشاتيلا

وقس على ذلك ، لم يتحرك النظام ولو حتى بالقول في مجزرة قانا عام 1996 ولا في غيرها من المجازر الصهيونية

الا ان النظام ابى الا ان ينتقل من مرحلة الشجب والاستنكار العاجز الى مرحلة التواطؤ، فخرج ازلام النظام وقت كانت بيروت تئن تحت القصف الصهيوني عام 2006 ليحمل المقاومة مسؤولية المعركة وهي رؤية لا تخرج كثيرا عن الرؤية الصهيونية

الا ان ما خفي كان اعظم ، فمشكلة هذا النظام ان اصدقاؤه الصهاينة يحرجونه باستمرار ويقولون صراحة ما يسر به اليهم في الغرف المغلقة

فسمعنا مسؤولي الكيان الصهيوني يتحدثون صراحة عن الدعم المصري لهم وعن حماسة النظام المصري التي تفوق حماستهم للقضاء على المقاومة!

وكان التواطؤ اوضح ما يكون في معركة غزة 2008 ، فلم يكتفى النظام بالتخلي عن مليون ونصف مليون نسمة محاصرين من البر والبحر والجو ، بل اغلق الرئة الوحيدة التي تمكنهم من التنفس والبقاء احياء

وايضا هنا احرج الصهاينة صديقهم ، حين خرج بيريز جزار قانا ليقول صراحة ان "النظام المصري يتفهم موقفنا" وخرجت مسنة صهيونية على شاشة التلفاز لتقول بالعربية انها تشكر النظام المصري على مساعدته

وتصلح الحملة الجارية لتكون اخر فصل في تطور موقف النظام من كل من يحمل راية المقاومة على ارض العرب

فلم يعد الموقف الرسمي هو الشجب والاستنكار ولا حتى التواطؤ على المقاومة بل اعلنها النظام صراحة ، ان شعار المرحلة هو العداء مع المقاومة

ان اخطر مافي الحملة المسعورة هذه هي انها هي انها تمثل ما اسميه بتجريم المقاومة،ففعل مقاومة المحتل في حد ذاته امتشاق السلاح ضد الصهاينة المغتصبين لارضنا العربية هو جريمة في نظر النظام، يستحق مرتكبها النعت بالارهاب والاجرام ، بل والملاحقة القضائية كما تطوع بعض الساقطين من اشباه الرجال واتباع النظام

اما الحديث عن "انتهاك السيادة" فهي طرفة لا تخطر ببال اكثر الكوميديانات فكاهة

فلماذا لا يتحدث هولاء الاشاوس عن مفهوم السيادة الا حين يكون الطرف الاخر عربيا

ولماذا لم نسمع صوت اصحاب "السيادة" حين قتل على الحدود المصرية-الفلسطينية 12 مصريا خلال عام واحد كانت اخرهن فتاة بدوية امام منزلها في رفح

ولماذا لا نتذكر السيادة حين يذبح صياد مصري برصاص بارجة امريكية في مياهنا الاقليمية؟

اليست كارثة كامب ديفيد ، المعروفة رسميا باسم المعاهدة، اكبر انتهاك للسياجة المصرية، الا تضع ثلاثة ارباع سيناء بدون وجود عسكري وتحت رحمة الالة العسكرية الصهيوينة.؟

لماذا يقبل النظام الغيور جدا على سيادة ارضه ، ان يفحص هذه الارض مرة تلو المرة مسؤولون امريكيون ليكشفوا عن الأنفاق والتي اتضح انها لا تهرب سلاحا ، اللهم الا اذا كان حليب الاطفال سلاحا

انه التطور الطبيعي لنظام ربط نفسه وبقائه وبقاء خليفته بالرضا الامريكي السامي، قتوحد موقفه مع موقف اصدقائه الصهاينة ، واصبح يصادق من يصادقهم ويعادي من يعاديهم

وصار قوى المقاومة كافة قي سلة واحدة مع قوى الارهاب المزعوم، فعداء اسرائيل جريمة ومحاربتها ذنب ما بعده ذنب في نظر هذا النظام

ولا استبعد غذا ان يتخذ النظام قرارا بملاحقة رئيسي فنزويلا وبوليفيا بسبب مواقفهم التي "احرجت الدولة المصرية"!

اما السيد حسن

رافع بندقية الحق في زمن الباطل

وصاحب الوعد الصادق في زمن كل ما فيه كذب

اقول له

وعلى طريقة الاية الكريمة

"ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم"

لن ترضى عنك حكام العرب يا سيد حسن حتى تتبع ملتهم

ملة الذل والهوان

واجزم انك لن تفعل

Thursday, April 09, 2009

هوامش يوم الغضب


بعد ان انقشع الغبار ، اتصور انه حان القوت لاكتب بعض الهوامش، او قل الملاحظات، التي خططتها عن يوم الغضب الذي صادف السادس من أبريل 2009

-ان الحديث عن "فشل" اليوم قول يفتقر للصحة ويدخل في باب تثبيط الهمم الذي لا يجوز أن يصدر عمن ينتمون الى ما يسمى بحركات التغيير ، كما أن الحديث عن "نجاح " اليوم ايضا يدخل في باب خداع الذات ورفض الاعتراف بالاخطاء

-من المحزن حقا بعض الاصوات التي ترتفع هنا وهناك والتي تحاول أن "تجرم" محاولة الشباب في حد ذاتها ، لمجرد أنها لم تأتي بالنتائج التي كان يرجوها البعض ، فمن حق كل جيل ان يجرب ، ولن نصل الى ما نأمله لهذا الوطن دون ان نجرب وفنصيب ونخطأ ونسير فنتعثر وننهض ،وليس من حق احد المصادرة على حق الاخرين في المحاولة

-اثبتت التجربة أن التغيير الذي نحلم به على ارض مصر ، لا ولم ولن يكون تحركا نخبويا ، يحركه حفنة من المثقفين في القاهرة، التغيير القادم ، او قل النار القادمة ، ستأتي من اماكن كان يستخف بها البعض حتى وقت قريب، ستأتي من اكشاك الصفيح المسماة بالعشوائيات ومن كفاح ونضالات العمال والموظفين، من تلك النضالات اليومية البسيطة التي نراها كقطرات المطر المتفرقة هنا وهناك ، والتي لا يلزمها الا ان تجد من يستطيع تجميعها في مركب واحد جامع ، لتكون سيلا يجرف الطغاة في طريقه

-اثبتت التجربة ايضا ان اي تحرك يستثني الحركة العمالية وينشد التغيير دونها ، لن يكتب له النجاح، فهو اشبه برأس يسير دون جسد يحمله أو كحركة تسير بدون من يحملها اذا صح التعبير، وكان خطأ الشباب القاتل في يوم الغضب ان أهملوا العمال الذي صنعوا هذا اليوم في الاصل، ولذا جاء بدون مشاركتهم ، فافتقد الكثير

-كذلك، لا اتصور انه يمكن الحركة العمالية ان تنفصل عن نخبة سياسية ما، تستطيع ترجمة نضالاتها الى مكتسبات فئوية ثابتة ، والاهم هو أن تجمع في مطلبين اتصور انهما الاهم في هذه المرحلة : حد ادنى للاجور والحق في اقامة نقابات مستقلة

-اثبتت الحركة الطلابية ان كانت ولازالت وستظل مقياسا للغضب في هذا الوطن ، وان لديها القدرة على الانبعاث مهما طال تجاهلها أو الاستهانة بها، الطلاب قد لا يكونون -بالضرورة - قاطرة التغيير القادمة ولكنهم لاريب سيكونون في الطليعة

-اصاب الشباب حين طرحوا مطالب حياتية بحتة بعيدا عن المطالب السياسية التي لا يفهمها المواطن العادي ولا تهمه كثيرا

وتبقى المهمة الاساسية هي اتحويل ما يسمى بال"نضال الاليكتروني" الى نضال حقيقي على ارض الواقع ، قالتكنولوجيا قد تحشد وقد توصل النداء ، الا ان لا يمكن ان تكون كفيلا بانجاح فكرة ما مهما كانت درجة الاخلاص

ان التغيير لا يحتاج الى "قاعدة بيانات"، انه يحتاج الى قاعدة شعبية تجمعها مطالب واحدة واجندة واضحة موحدة

وخلاصة القول: قد يكون السادس من ابريل 2009 خطوة تعثر البعض وهو يخطوها ، لكنها ولا ريب

خطوة على الطريق الصحيح

Thursday, April 02, 2009

حين تصبح الكراهية واجبا

في أحد مشاهد فيلم "الناصر صلاح الدين" يتحدث كونراد (محمود المليجي) عن ما يسميه الحقد المقدس الذي ينبغي ان يحافظ عليه الصليبيون ان ارادوا ان يربحوا المعركة ،وان خطيئة لويز (نادية لطفي) الحقيقية انها احبت مما جعلها تضعف وهو ما لا يليق بال"حرب المقدسة"
في منطق كهذا فإن الكراهية والحقد يصيحان واجبا مقدسا ينبغي المحافظة عليهما حتى ابادة اخر "الاعداء" وتصبح اي بادرة محبة او تسامح او حتى قبول للاخر دليل ضعف لا يجوز
تذكرت هذا المنطق وانا تابع ما جلبته له جرائد هذا الصباح من اخبار عما بلاقيه بهائيو مصر في احدى قراها ، والذي وصل الى حد احراق منازلهم
هنا ، كما في منطق كونراد، فمن احرقوا المنازل شعروا بانهم يؤدون واجبهم المقدس بحق "الاعداء" ، الذين هم اعداء الا لأنهم مخلتفون في العقيدة او الديانة او غير ذلك
هنا يصبح الاختلاف في حد ذاته جريمة تستحق العقاب عليها بالقتل ويشعر الفرد الذي يؤمن بذلك بمتعة غريبة من وعها وهو يلاحق هولاء المخالفين او يقتلهم او يحرق منازلهم، لانه يؤمن ان يحقق بهذة مشيئة الاله كما اوحى مشايخ الكراهية وفقهاء التعصب
هنا ايضا، فإن تحدث احد عن ضرورة التسامح او احترام عقائد الاخرين او فكرة المواطنة،فإنه يبدو كمن يؤذن في مالطا
يتحدث لغة لا يفهمها هولاء الذين تشبعوا بالكراهية ، من امنوا بأنهم الافضل وان كل ما عداهم يستحق الابادة والمحو من على وجه الارض
لاننا لم نسمع كلمات كهذه على ارض المحروسة منذ اكثر من ثلاثة عقود من الزمان في ظل هذا النظام الفاشل والذي شبقه، واللذان فتحا الباب على مصراعبه لخطاب طائفي كريه يقود هذا الوكن الى الهاوية باسرع ما يمكن
في ظل مناخ كهذا يصبح اي حديث عن التغيير مجرد كلام في الهواء طالما بقي هذا الخطاب العنصري البغيض
فالتغيير سيأتي فقط، حين يتعلم الطفل المصري منذ سن الحضانة مفردات مثل التسامح والمواطنة
ويتعلم ان يتقبل ان يجلس الى جواره زميله المختلف عنه في العقيدة من الفصل الدراسي الاول وحتى الجامعة
عندها،وعندها فقط، يمكن الجديث عن تغيير حقيقي على أرض المحروسة