Friday, October 06, 2006
25 عاما على مقتل الفرعون
25 عاما على مقتل الفرعون
ربع قرن مضى على أحد أخطر أحداث مصر الحديث –ان لم يكن أخطرها على الاطلاق- وهو اغتيال الرئيس أنور السادات في 6 اكتوبر 1981 م على يد مجموعة تنتمي الى المؤسسة العسكرية ، بعد هذه الفترة الكافية ألم يحن الوقت لقتح ملف حادث المنصة ومعرفة المقدمات والأسباب التي أدت الى النتيجة التي شهدتها مصر والعالم صبيحة السادس من أكتوبر؟
خريف الانفتاح
لم يكن حادث المنصة حدثا منفصلا عما سبقه من احداث ولا يمكن النظر اليه الا في سياقها،فقد شكل العام 1981 الذروة بالنسبة لسياسة الانفتاح الاقتصادي (أو الباب المفتوح) التي انتهجها الرئيس السادات منذ 1974 ، فقد وعد الرئيس الشعب المصري الذي خرج لتوه من أتون حرب عام 1973 ب"سنوات من الرخاء في انتظاره " وأخذ الاعلام الرسمي المصري يبشر بهذا الرخاء المنتظر ، ولكن الواقع عكس صورة مختلفة، فسياسة الانفتاح الاقتصادي التي اعتمدت بالأساس على تحول مصر من الاقتصاد الموجه الذي عرفته طيلة الفترة الناصرية الى الاقتصاد الحر الذي كانت تروج له الولايات المتحدة في ذلك الوقت لم تؤتي نتائجها المرجوة، فخلال المرحلة الأولى للانفتاح (1974-1977) كان معدل النمو الاقتصادي بطيئا و لم تظهر الأثار المرجوة من السياسات الجديدة ولكن الأثر الحقيقي ظهر في الفترة (1975-1980) ففي دراسة لمنظمة العمل الدولية قام باعداها بنت هانس وسمير رضوان خلصت الدراسةالى أن: -معدل نصيب الصناعة في الناتج المحلي الاجمالي تناقص من 20.4 في أوائل السبعينيات الى 17% في 1979
-تناقص نصيب الزراعة بدوره من 32% الى 24 % في نهاية السبعينيات
-تراجع نصيب قطاع الاسكان من 5.7 % في منتصف الستينات الى 2.4 في أواخر السبعينيات .
كما شهدت هذه الفترة واحدا من أعلى معدلات التضخم في تاريخ الاقتصاد المصري حيث تراوح معدل التضخم بين 20 و30 % وتزايد العجز العام في الميزانية الى 1450 مليون جنيه عام 1979/1980 .
لقد خلقت سياسة الانفتاح بشكل عام طبقة جديدة مستفيدة من الانقتاح على الغرب وفي مقدمته الولايات المتحدة في حين هوت بالطبقة الوسطى بعد فقدها لكافة المكتسبات التي حصلت عليها سابقا مما خلق حالة واسعة من السخط على النظام بين أبناء هذه الطبقة.
عروبة على الطرية الأمريكية
خضع مفهوم العروبة عند السادات تماما كمفهوم الوطنية لمعايير براجماتية بحتة ، فشهدت السنوات الأولى من حكمه تقاربا مع كل من سوريا وليبيا وشهدت حرب أكتوبر 1973 تحالفا مصريا سوريا على مستوى الجبهة وتضامنا عربيا واسعا تمثل في استخدام سلاح النفط العربي ، اما في اعقاب الحرب فقد شهدت نفورا من قبل الرئيس السادات من سوريا وليبيا رغم التحالف السابق بينهم وزاد الرئيس تقاربا مع الدول ذات العلاقات الوثيقة مع الولايات المتحدة كالسعودية ، لكن أحداث يناير 1977 أو ما عرف بانتفاضة الخبز شكلت تحولا في خطاب الرئيس السادات فيما يتعلق بدور مصر العربي ، فصار العرب والفلسطينيين في مقدمتهم وفقا للخطاب الساداتي-والاعلام الرسمي المصري- السبب في تعطيل عجلة التنمية في مصر بسبب الحروب العربية –الاسرائيلية المتعاقبة وبدا هذا الخطاب طبيعيا في اطار التمهيد لزيارة السادات الى القدس وما أعقبها من توقيع لاتفاقيات السلام مع اسرائيل مكرسة بذلك مرحلة القطيعة التامة بين مصر والدول العربية (1977-1981) .
كانت النتيجة الحتمية لهذه السياسة الخارجية كما يصفها الكاتب محمد حسنين هيكل في كتابه خريف الغضب الى أن يقوم السادات ب"عزل بلاده عن بقية العالم العربي الذي تنتمي اليه وكانت تلك مفارقة محزنة ، ففي اللحظة التي زادت اهمية العالم العربي الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية ،فان مصر خرجت منه"
ويضيف هيكل:"لم يجد السادات ما يفعله غير أن يعلق كل دور مصر وطموحاتها رهنا للسياسة الأمريكية وحتى من وجهة نظر اقتصادية بحتة فقد كانت تلك صفقة خاسرة."
ديمقراطية ذات أنياب
على مستوى الحريات العامة ، شهدت الفترة (1974-1977) انفراجة نسبية في هذا المجال خاصة مع تجربة المنابر التي طبقها الرئيس السادات ومع فتح الجامعات المصرية أمام كافة التيارات السياسية ، لكن أحداث يناير 1977 دفعت الرئيس السادات الى اتخاذ اجراءات أكثر تشددا فيما يتعلق بالحريات ، فخضعت الجامعات المصرية للائحة 1979 م التي حظرت العمل السياسي في الجامعة وحصرت النشاط الطلابي في الرحلات والندوات وأعطت مساحة موسعة لدور الحرس الجامعي ، وتحولت الجامعات تدريجيا الى ساحة للصدام بين التيار اليساري(الناصري والماركسي) والتيار الاسلامي ، ذاك التيار الذي شجعه السادات في بداية السبعينيات ثم وصلت العلاقة بينهما الى القطيعة بعد الصلح مع اسرائيل.
المنصة
كان حادث المنصة نتيجة طبيعية لكل ما سبق ، اذ لم يكن خالد الاسلامبولي رفاقه مجموعة منفصلة عن الواقع المصري، لقد كانوا في أغلبهم من أبناء الطبقة الوسطى التي تأثرت بشكل حاد بسياسة الانفتاح الاقتصادي ، وكانوا من المنتمين الى التيار الديني الرافض لاتفاقيات السلام مع اسرائيل ،كانوا وباختصار شديد نتاج أحد عشر عاما من حكم أنور السادات.
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment