في جريدة المصري اليوم نشرت الكاتبة وأستاذة الأدب الانجليزي الدكتورة شيرين أبو النجا هذا المقال تعليقا على مجموعة من الأحداث كان ابرزها تظاهرات طلبة الاخوان وعمال غزل المحلة ورغم اختلافي مع الكاتبة في بعض انقاط الا انني اتفق اجمالا مع روح الأمل التي تشيع في نص مقالها:
عمال وفلاحين وطلبة بقلم د.شيرين ابو النجا
«أطلق كلابك في الشوارعأقفل زنازينك عليناوقل نومنا في المضاجعآدي إحنا نمنا ما اشتكيناواتقل علينا بالمواجعإحنا اتوجعنا واكتفيناوعرفنا مين سبب جراحناوعرفنا روحنا والتقيناعمال وفلاحين وطلبةدقت ساعتنا وابتدينا»
«شيد قصورك» كتبها أحمد فؤاد نجم عام ٧٣ «معتقل القناطر» ولحنها وغناها الشيخ إمام.. بنظرة سريعة علي الكلمات يتأكد المرء أن الأغنية لم ينته تاريخ صلاحيتها، بل ربما يمكن استعادتها خصيصاً لأيامنا المتتالية المتشابهة. كل ما في الأمر أن الأحداث السريعة المتلاحقة،
ربما لم تترك فرصة للتأمل في المشهد، لأننا داخل المشهد. لست متأكدة إن كان كل الحالمين بالثورة الكاسحة الماحقة قد تنبهوا لما يحدث أم لا، في المحلة «عمال»، وسراندو «فلاحين»، واتحاد حر «طلبة»، هل حاول كل المتشائمين التأمل قليلاً لتتغير رؤيتهم؟
عندما قرر العمال أن يطالبوا بحقوقهم لم يترددوا، ولم ينتظروا قوي سياسية لتكون المحرك والدافع لهم، بل نظموا إضراباً واعتصاماً، لا يختلف كثيراً في جوهره عما حدث ويحدث في لبنان، ١٧ ألف عامل من عمال المحلة حددوا مطالبهم وأصروا علي المطالبة بها،
والأهم أنهم حصلوا عليها - ألا يستحق ذلك الكثير من الاهتمام والتحليل. أما علي مستوي الفلاحين، فنفس الشيء يحدث الآن في العديد من قري مصر التي تشهد عودة غير مسبوقة للإقطاع، كل ما في الأمر أن المسافة الجغرافية بين القرية والمدينة تحيل انتفاضات الفلاحين المتكررة إلي خلفية المشهد،
كان المتوقع أن ينتهي الأمر في سراندو بتوقف قلب نفيسة المراكبي، لكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، فكان قلب نفيسة المراكبي المتوقف هو الذي حرك القضية مرة أخري، ويبدو أنه حرك العديد من القضايا الأخري المرتبطة بالفلاحين. هؤلاء الفلاحون الذين كانوا في الستينيات هم عناوين الصحف، يدافع الجميع عنهم، وتطرح قضاياهم للنقاش في مجلس الأمة، هم نفسهم الفلاحون الذين عادوا للمطالبة بحقوقهم الآن في عدة بؤر متناثرة.
ثم يظهر دور الطلبة، تزوير انتخابات أو إنهاؤها بالتزكية، لا يهم، لم يختلف الأمر كثيراً، فقد أدي ذلك إلي قيام ما يسمي الاتحاد الحر، وهو اتحاد طلابي مواز. ركزت وسائل الإعلام همها وجهدها علي التأكيد علي عدم شرعية الاتحادات الموازية، ومخالفتها القانون، ولم يقترب أحد من سؤال: «لماذا اتحاد مواز؟» بمعني آخر، إذا كان الاتحاد «الرسمي» يعبر عن رغبة الطلاب - أو بعضهم لا فرق - كانت فكرة الاتحاد الموازي ستنتفي بالتأكيد.
تابعنا جميعاً مهازل بلطجية الأمن في الجامعات، وإنكار المسؤولين ما حدث وإصابات الطلاب وسخط الجميع، وتحويل الطلاب للتحقيق وفصل الكثيرين منهم عقاباً لهم علي مشاركتهم في إنشاء الاتحاد الحر «وكأن الفصل يحل المشكلة ويعمل علي علاج أسبابها»، وكان الرهان هنا علي فكرة الترهيب والتخويف، فما كان من الطلاب، إلا أن اعتصموا بالمدينة الجامعية وقاموا بتلك العروض العسكرية المرعبة، ومرة أخري انهالت الصحف علي تجريم ما حدث.
النتيجة: اعتقال ١٨٠ طالباً ممن شاركوا في تلك العروض العسكرية. كل طالب من هؤلاء لديه قناعة ما سياسية أو دينية، يدافع عنها، كان دفاعه خاطئاً، طبقاً لسنه وخبرته ورؤيته، التي غالباً ما تنحصر في الأبيض والأسود، مع الحماس الشديد الذي قد يضعف التفكير الصحيح، لماذا لم يتوجه أساتذة جامعة الأزهر لهؤلاء الطلاب في محاولة للتوعية والإرشاد والتوجيه، أم أن الطالب نبت شيطاني ينمو في بيئة صحراوية؟ طلاب الإخوان المسلمين لديهم دائماً ما نسميه بشكل سياسي «مسؤول»، أين كان هذا المسؤول أثناء تلك العروض العسكرية؟
وسواء كان الأمر استعراضاً أم فقرة تمثيلية كما قيل، الأمر مرفوض في الحالتين. أسوأ ما حدث هو أن يتم اعتقال هؤلاء الطلاب، ليس فقط لأن الامتحانات تبدأ في خلال أسبوع، ولكن أيضاً لأنه لا يجوز اعتقال طالب، أو فصله عقاباً علي أفكاره.
الطالب أمانة في عنق الأستاذ، لا يجوز للأستاذ أن يفرط فيها بأي حال من الأحوال، أتمني أن أستمع لتفسير منطقي من أساتذة جامعة الأزهر، لماذا تركتم أبناءكم يتعرضون لما يحدث لهم الآن؟ أين دوركم في توجيه الطاقة والحماس بشكل إيجابي؟ هل ترون أنه من اللائق استعراض تشكيلات عسكرية في الحرم الجامعي أو المدينة الجامعية؟ بالتأكيد غير لائق، ولكن الاعتقال أيضاً مرفوض وغير مقبول.. عمال وفلاحين وطلبة.. الكل يدفع الثمن، ولا فرق
No comments:
Post a Comment