يتذكر أغلب المصريين بناء السد العالي في الستينات بمشاعر من الفرح والفخر، لكن الأمر يختلف بالنسبة للمصريين من سكان النوبة؛ بالنسبة لهم تسبب بناء السد العالي في تهجيرهم من قراهم الأصلية التي غرق معظمها "حوالي 44 قرية" تحت مياة النيل بعد أن ارتدت عن السد، أو تحت ما يعرف اليوم باسم بحيرة ناصر.
تشكل هذه التجربة الإنسانية الثرية الفكرة الرئيسة وراء العرض المسرحي "نوبة دوت كوم" المعروض حاليا على خشبة مركز الهناجر للفنون، العرض قام بإعداده للمسرح الكاتب الراحل حازم شحاتة عن ثلاث روايات من أعمال الروائي المصري إدريس علي وقام بإخراجه ناصر عبد المنعم.
قبل بداية العرض يفاجأ الجمهور بمجموعة من الشباب والقتيات يحملون الدفوف ويدخلون قاعة مركز الهناجر ويختلطون بالجمهور ليقدموا عرسا نوبيا تقليديا بكافة تفاصيله "الموسيقى- الأغاني-الرقصات...إلخ" وكأن المخرج يريد نقل المتفرج إلى أجواء النوبة حتى قبل دخوله إلى قاعة العرض.
العرض نفسه يمزج بين عدة قصص؛ الخيط الرئيسي-أو قل الشخصية الرئيسة- الذي يجمع بينها جميعا هو عوض شلال "أسامة عبد المنعم" الشاب النوبي الذي يعمل على ظهر مركب عائم ويرتبط بعلاقة عاطفية مع شابة فرنسية ذات أصول مصرية تدعى سيمون "سامية عاطف".
ومن خلال الموقع الإلكتروني الذي يديره عوض تحت اسم "نوبة دوت كوم" يبدأ في استحضار ذكريات طفولته وشبابه في النوبة القديمة قبل التهجير، يتذكر تجربته العاطفية الأولى مع غادة "إنجي خطاب" ثمرة زواج رجل نوبي وامرأة قاهرية، التي تصل إلى قرية عوض حاملة روح متمردة ورغبة في خروج على كافة التقاليد المتوارثة والمفروضة على الفتيات، وحين تبدأ الفتيات بتقليدها تتنبه نساء القرية لخطورتها وتنتهي بهم الحال إلى قتلها.
القصة الثانية؛ وهي قصة النوبيين جميعا، وهي التي تبدأ أحداثها مع وصول المسؤول الحكومي "محمد حسيب" إلى القرية لإبلاغ أهلها بضرورة مغادرتها إلى كوم امبو تنفيذا لمشروع تحويل مجرى نهر النيل، تتراوح ردات الفعل بين ترحيب من قبل الشباب مثل عوض وشقيقته أشا "سارة عادل"، ورفض الكبار من أمثال الجد إدريس "منصور عبد القادر" الذي يرفض أن يغادر قريته ويترك نخيله وبيته الذي ارتبط كل ركن منه بذكرى لديه، يعبر المخرج عن موقف الجد في مشهد مؤثر حين يقف مخاطبا موتى القرية في مدافنهم وهو يقول بعناكم بخمسة وثلاثين جنيها -قيمة التعويض الحكومي- وصنبور مياه! ويبقى الجد على موقفه الرافض، ولا يغادر قريته في النهاية إلا مرغما.
كان هدف العرض كما يقول مخرجه ناصر عبد المنعم أن يقدم كافة الأصوات المختلفة والآراء المتباينة المتعلقة بهذه القضية الحساسة، وهي الطريقة التي اتبعها حازم شحاتة في كتابة النص، فالسد العالي كان مشروعا عملاقا بلا شك، ولكنه أضر في الوقت نفسه بالكثيرين، وهو ما يلمحه المتفرج في أحد المشاهد التي اعتمد فيها على شريط الصوت بشكل أساس؛ ففي حين يعلو صوت عبد الحليم حافظ في الخلفية وهو ينشد "قلنا هنبني وادي احنا بنينا السد العالي" تمارس نساء النوبة طقس "العديد" على الديار التي يهجرونها إلى المجهول.
بالنسبة لبقية عناصر العرض فقد كانت على قدر من التميز رغم بساطتها؛ فقد استطاع مصمم الديكور محيي فهمي الاستفادة من عمق المسرح ليقدمه كقرية نوبية تارة، وكميناء للمركب المقبل تارة أخرى، واستطاعت إضاءة محمد حسني أن تعبر عن المشاعر الداخلية للشخصيات في مشاهد عدة، وأضفى غناء كل من بشير وعادل ميخا جوا من الشجن على أحداث العرض.
في النهاية فإن عرض "نوبة دوت كوم" قد تختلف معه أو تتفق، قد ترفضه أو تقبله، ولكنك لا تملك في نهاية الأمر إلا أن تحترم صدقه
تشكل هذه التجربة الإنسانية الثرية الفكرة الرئيسة وراء العرض المسرحي "نوبة دوت كوم" المعروض حاليا على خشبة مركز الهناجر للفنون، العرض قام بإعداده للمسرح الكاتب الراحل حازم شحاتة عن ثلاث روايات من أعمال الروائي المصري إدريس علي وقام بإخراجه ناصر عبد المنعم.
قبل بداية العرض يفاجأ الجمهور بمجموعة من الشباب والقتيات يحملون الدفوف ويدخلون قاعة مركز الهناجر ويختلطون بالجمهور ليقدموا عرسا نوبيا تقليديا بكافة تفاصيله "الموسيقى- الأغاني-الرقصات...إلخ" وكأن المخرج يريد نقل المتفرج إلى أجواء النوبة حتى قبل دخوله إلى قاعة العرض.
العرض نفسه يمزج بين عدة قصص؛ الخيط الرئيسي-أو قل الشخصية الرئيسة- الذي يجمع بينها جميعا هو عوض شلال "أسامة عبد المنعم" الشاب النوبي الذي يعمل على ظهر مركب عائم ويرتبط بعلاقة عاطفية مع شابة فرنسية ذات أصول مصرية تدعى سيمون "سامية عاطف".
ومن خلال الموقع الإلكتروني الذي يديره عوض تحت اسم "نوبة دوت كوم" يبدأ في استحضار ذكريات طفولته وشبابه في النوبة القديمة قبل التهجير، يتذكر تجربته العاطفية الأولى مع غادة "إنجي خطاب" ثمرة زواج رجل نوبي وامرأة قاهرية، التي تصل إلى قرية عوض حاملة روح متمردة ورغبة في خروج على كافة التقاليد المتوارثة والمفروضة على الفتيات، وحين تبدأ الفتيات بتقليدها تتنبه نساء القرية لخطورتها وتنتهي بهم الحال إلى قتلها.
القصة الثانية؛ وهي قصة النوبيين جميعا، وهي التي تبدأ أحداثها مع وصول المسؤول الحكومي "محمد حسيب" إلى القرية لإبلاغ أهلها بضرورة مغادرتها إلى كوم امبو تنفيذا لمشروع تحويل مجرى نهر النيل، تتراوح ردات الفعل بين ترحيب من قبل الشباب مثل عوض وشقيقته أشا "سارة عادل"، ورفض الكبار من أمثال الجد إدريس "منصور عبد القادر" الذي يرفض أن يغادر قريته ويترك نخيله وبيته الذي ارتبط كل ركن منه بذكرى لديه، يعبر المخرج عن موقف الجد في مشهد مؤثر حين يقف مخاطبا موتى القرية في مدافنهم وهو يقول بعناكم بخمسة وثلاثين جنيها -قيمة التعويض الحكومي- وصنبور مياه! ويبقى الجد على موقفه الرافض، ولا يغادر قريته في النهاية إلا مرغما.
كان هدف العرض كما يقول مخرجه ناصر عبد المنعم أن يقدم كافة الأصوات المختلفة والآراء المتباينة المتعلقة بهذه القضية الحساسة، وهي الطريقة التي اتبعها حازم شحاتة في كتابة النص، فالسد العالي كان مشروعا عملاقا بلا شك، ولكنه أضر في الوقت نفسه بالكثيرين، وهو ما يلمحه المتفرج في أحد المشاهد التي اعتمد فيها على شريط الصوت بشكل أساس؛ ففي حين يعلو صوت عبد الحليم حافظ في الخلفية وهو ينشد "قلنا هنبني وادي احنا بنينا السد العالي" تمارس نساء النوبة طقس "العديد" على الديار التي يهجرونها إلى المجهول.
بالنسبة لبقية عناصر العرض فقد كانت على قدر من التميز رغم بساطتها؛ فقد استطاع مصمم الديكور محيي فهمي الاستفادة من عمق المسرح ليقدمه كقرية نوبية تارة، وكميناء للمركب المقبل تارة أخرى، واستطاعت إضاءة محمد حسني أن تعبر عن المشاعر الداخلية للشخصيات في مشاهد عدة، وأضفى غناء كل من بشير وعادل ميخا جوا من الشجن على أحداث العرض.
في النهاية فإن عرض "نوبة دوت كوم" قد تختلف معه أو تتفق، قد ترفضه أو تقبله، ولكنك لا تملك في نهاية الأمر إلا أن تحترم صدقه
2 comments:
أهل النوبه يستحقون من الدوله الاهنمام ولا يجب أن نكيل لهم الاتهامات لمجرد أنهم يريدون ان يعيشوا حياة كريمه في وطنهم مصر
اى مشروع يه مميزاته و عيوبه المشكلة فى كيفية تغطية العيوب
طبعآ المشكلات المعنوية للنوبيين كان لا يمكن تتحل بس مانت المفروض الدولة تعوضهم و تهتم بيهم اكتر من كدة
شكرآ عالريفيو
ابقى قوللى على الحجات دى بعدين دحنا جييراان
Post a Comment