Thursday, April 26, 2007

فلنتضامن مع انتفاضة القضاة


وانا في جبال البحر الأحمر بين طلابي، أدربهم
على مواجهة الحياة العملية الجيولوجية في المرحلة النهائية من بكالوريوس العلوم الجيولوجية، وانا معزول عن العالم باستثناء الهواء النقي وجمال الطبيعة والحمد لله (وليس جمال آخر لا سمح الله)، وتنقطع عني تقريبا معظم الأخبار، وفي مساء يوم اسود هبطت مدينة الغردقة فدق تليفوني، قلت خيرا، كان محدثى يقص لى ما لاينم عن خير، وكانت المكالمة من قارة أخرى، أخبرته أننى منقطع عن العالم، ونقل لى الخبر الأليم ان مجلس لا يمثل الأمة يسمى خطأ بمجلس الشعب اجتمع وسلق قانون بمد سن الإحالة للتقاعد لقضاة مصر إلى سن السبعين، وأن القضاة اعترضوا ووقفوا وقفة احتجاحية أمام قلعتهم (نادي القضاة) وعبروا عن استيائهم، وأعلنوا أنهم سيدعون إلى جمعية عمومية يوم الأحد الموافق 29 أبريل ويفكرون جديا في عمل مسيرة رمزية إلى قصر عابدين احتجاجا على ما يحدث من نظام لا يعمل لمصلحة الوطن، وهدد بعض القضاة بأنهم سيعلنون على الملأ وفي اجتماع الجمعية العمومية غير العادية يوم الاحد الموافق 29 أبريل سيعلنون وسيطالبون الشعب صراحة وجهارا نهارا بعدم التصويت لصالح الحزب الوطني في أى انتخابات، وإذا كان القضاة قد نزلوا الشارع تاركين حصانتهم وابراجهم العاجية، مفضلين غبار الشارع وترابه مختلطين بالبسطاء ومدافعين عن حق الشعب في الحرية والحياة، متمردين وثائرين سائرين إلى قصر عابدين، ألا يحق للذين من أجلهم كل هذه التضحيات أن يتضامنوا مع أنفسهم قبل أن يكون تضامنا مع القضاة، ويخرجون في مسيرات وتظاهرات في نفس اليوم ونفس ساعة اجتماع الجمعية العومية التى يجتمع فيها نادي القضاة، ألا تفكر القوى الوطنية في التضامن ونسيان الخلافات والوقوف سويا تضامنا مع النفس قبل أن يكون تضامنا مع أحد، أنا لاأملك حق دعوة الآخرين، ومطالبتهم بعمل ربما يكون محل وجهات نظر، لكننى اطالب بإعادة النظر والتفكر والتفكير فيما يحدث، وأتمنى وأرجو الأ يغضب أحد من أمنيتى، وأتمنى أن تقف كل القوى الوطنية في هذا اليوم -وربما نكون في اللحطات الأخيرة والحاسمة في حياتنا وتشكيل هويتنا المستقبلية- أن نكون بجوار القضاة في لحظة انعقاد الجمعية العمومية بالقرب من نادي القضاة، وان نكون خلف القضاة في أثناء مسيرتهم إلى قصر عابدين. أراها لحظة نادرة الحدوث في مجتمع تتفجر بؤرة فيه في كل لحظة، تفجر اتسع فيه الفتق على الراتق، ولا يجب إلا لملمة الصفحة وطيها ، الآن وبسلام، وإحلالها بما يليق، ولا أدعى أننى أملك تفاصيل او وصفة جاهزة، لكن ما أملكه الآن هو مجرد أمل تحقيقه يتوقف على تجاوب الأهل والأصدقاء في الوقوف مع القضاة وخلفهم، في الوقوف مع النفس، لحماية أنفسنا من نظام فاسد اكل الأخضر واليابس. الوقت يمر بسرعة، ومن الآن وحتى الأحد لا يوجد متسع من الوقت، فالسرعة مطلوبة، واتخاذ القرار مهمة وطنية والوقوف مع القضاة فرض عين، أتمنى أن نلتقى يوم الأحد أمام نادى القضاة وفي تمام الساعة الثالثة عصرا. كل قانون جديد يصاغ في مجلس الشغب ليس لصالح المصريين لكنه لصالح حفنة صغيرة من البشر، قانون يكرس دولة السادة والعبيد. أكاد اشعر بالخجل وأنا أطالب من أناس أعلم أنهم اكثر وطنية منى وأشد غيرة على الوطن منى، لكنه التجاوز المسموح للتذكرة، أو الناقوس الذي ليس له من أمره من شيء سوى جرس الإنذار، وتبقى القيمة والعظمة لصاحب الفعل لمن خرج وضحى وليس لدقة الناقوس. معا في وقفة جادة مع القضاة يوم الأحد 29 أبريل 2006 الساعة الثالثة عصرا أمام نادى القضاة بشارع عبدالخالق ثروت. ومن المفيد أن يتجاوب أبناء الشعب المصري في الخارج وينظمون المسيرات في نفس يوم الأحد في حملة شعارها "مع القضاة وضد الطغاة" وحتى لا ننسى من قاد ثورة 1919 كانوا من القضاة، ولأننى من المؤمنين بنظرية تكرار التاريخ في صور مناسبة لعصر الواقع فيه، فأراها لحظة نادرة ينبغى استغلالها، وعندما يعتلى منصة الحكم من يعرف القانون، وكان قاضيا يقر العدل وثائرا على الظلم، كما يحدث في لحظاتنا الآن، علينا باستغلال الفرصة، نحن في حاجة إلى قوات مسلحة قوية تحمى الوطن وتصون كرامته، وبحاجة إلى نظام سياسي حاكم مدني يعرف الحقوق والواجبات ويؤمن بالحريات وتفعيل الممارسة الديمقراطية، ولا امان في التمتع بلقمة عيش كريمة من غير حرية تسبقها فالحرية أولا وهى التى تؤمن كل شيئ، وثبتت الأأيام أن الأنظمة المدنية يمكن للشعب تغييرها واستبدالها، لكن الأنظمة العاسكرية لا يمكن تغيرها إلا إذا فعلت هى كما حدث في موريتانيا الآن وقبلها في السودان على يد البشير، كل هذا ممكن بشرط أن يكون رجل الشارع حاضرا ويقظا ولا يمنح توقيعه على بياض لأحد، فعصر الأنياء قد ولى. أرى تشابها كبيرا في لحظة مر عليها أكثر من تسعة عقود (ثورة 1919) . لا تخذلوا القضاة، عفوا لا اريد ان نخذل انفسنا فاللحظة لا تتكر، وحسن التقدير مسألة دقيقة وعسيرة، والتضحية واجبة، ولا عزاء للحالمين والنائمين. بإمكاننا تطوير هبة القضاة المهنية وتحويلها إلى ثورة شعبية، وإننى على يقين أنهم لن يتخلوا عنا، ولن يترددوا في الارتداء بزى الشعب وإن خشن نسيجه، هلموا موعدنا الأحد التاسع والعشرين من أبريل 2007
يحيى القزاز

No comments: