يتفائل المهتمون بالشأن السينمائي في مصر كلما قدم محمد خان فيلما جديدا ،فمحمد خان هو واحد من قلة من المخرجين المصريين الذين استطاعوا خلال العقدين الأخيرين تكوين طابع سينمائي خاص بهم ،فهو مخرج يعنى بتقديم أفلام للمشاهد تعتمد على الصورة المعبرة في المقام الأول ، وقد بدا ذلك واضحا منذ فيلمه الأول "ضربة شمس" (1978) الذي اعتبره النقاد واحدا من أقل الأفلام المصرية اعتمادا على الحوار.
ثم توالت أفلام خان التي عبرت عن اهتمامه الشديد بجماليات المكان سواء تلك التي تدور أحداثها في القاهرة مثل "الحريف" (1983) أو التي تدور في الريف المصري مثل "خرج ولم يعد" (1984) او بين الاثنين مثل "مشوار عمر" (1986)
وبعد فترة من التوقف دامت حوالي سبع سنوات لم يقدم فيهم سوى فيلم واحد هو "أيام السادات" (2001) ،عاد خان الى الساحة السينمائية بقوة في العامين الأخيرين مع شريكته في العمل والحياة السيناريست الشابة وسام سليمان ليقدم فيلمين هما "بنات وسط البلد" و"في شقة مصر الجديدة" .
وفي الفيلم الأخير يعود خان الى ضاحية مصر الجديدة التي سبق أن قدمها في فيلمه "أحلام هند وكاميليا" ولكن هذه المرة من منظور مختلف،فأحداث الفيلم تدور حول نجوى (غادة عادل) الفتاة الصعيدية التي سمحت لها ظروف أسرتها الميسورة الحال بالتعلم في مدرسة الراهبات بالمنيا وتظل حتى بعد تخرجها شديدة التعلق بمدرستها التي تظل تراسلها رغم انتقالها الى القاهرة ، وتستغل نجوى أول فرصة لها للذهاب الى القاهرة من خلال رحلة مدرسية لتحاول البحث عن معلمتها ولكنها تفاجىء بالساكن الجديد يحيى (خالد أبو النجا) يعيش في شقة معلمتها التي تركتها منذ زمن .ثم توالت أفلام خان التي عبرت عن اهتمامه الشديد بجماليات المكان سواء تلك التي تدور أحداثها في القاهرة مثل "الحريف" (1983) أو التي تدور في الريف المصري مثل "خرج ولم يعد" (1984) او بين الاثنين مثل "مشوار عمر" (1986)
وبعد فترة من التوقف دامت حوالي سبع سنوات لم يقدم فيهم سوى فيلم واحد هو "أيام السادات" (2001) ،عاد خان الى الساحة السينمائية بقوة في العامين الأخيرين مع شريكته في العمل والحياة السيناريست الشابة وسام سليمان ليقدم فيلمين هما "بنات وسط البلد" و"في شقة مصر الجديدة" .
ويقدم السيناريو يحيى بوصفه النقيض التام لشخصية نجوى ، فكل ما يتعلق به يوحي بشخصيته المحبة للمغامرة والاندفاع فهو يستعمل الدراجة البخارية في تنقلاته ويفاخر بأنه "لف مصر كلها على الموتوسيكل ده" ،وهو يعمل كسمسار في البورصة وهو مجال أخر للمخاطرة ، ويقيم علاقة مع زميلته (مروة حسين) بدون أية التزامات مستقبلية بالزواج أو حتى بتبادل المشاعر.
يدخل كل من نجوى ويحيى الى حياة الأخر فجاة ، فنجوى تبحث في شقة مدرستها عن أي شيء يمكنه أن يدلها على مصيرها ويحيى الذي بدا منذ بداية الفيلم غير عابىء بالأخرين يضطر الى مساعدة نجوى في رحلتها ، ليتحول البحث عن معلمة نجوى الى رحلة استكشاف للذات لكل منهما ، وقد قدم الفيلم هذه اللحظة في لقطة مكثفة حين يضطر يحيى –مجاملة لصديق له- الى الاتصال ببرنامج اذاعي ويبدأ في الحديث عن نفسه لينهار فجاة قناع البرود الذي يخفي نفسه وراءه دائما وينتهي به الأمر وهو يبكي في نهاية المكالمة لندرك أن لامبالاته هي مجرد ستار يخفي وراءه اخفاقاته السابقة وخوفه من الارتباط.
وينتهي الفيلم كما بدأ في محطة القطارات حيث يقوم يحيى بايصال نجوى لقطار المنيا ويتبادلان رقم الهاتف بدون ورقة ولاقلم ،وتبقى نجوى تردده في لقطة حالمة في نهاية الفيلم، لتأتي النهاية مفتوحة وواقعية في نفس الوقت.
أجمل ما في هذا الفيلم هو تلك الحالة من العشق التي يتعامل بها المخرج مع شوارع وميادين القاهرة ، فالمكان من مصر الجديدة الى ميدان رمسيس رغم كونه من أكثر مناطق القاهرة ازدحاما ، الا أن المخرج يقدمه كخلفية لرحلة رومانسية، بل ان محطة مصر المرتبطة في ذهن كثيرين بالزحام والضوضاء حوله خان الى مكان لولادة طفل وسط مشاعر من الحب المتبادلة بين الأب والأم!
قدم الفيلم-بحق- اعادة اكتشاف لكافة أبطاله فقدم غادة عادل في واحد من أفضل أدوارها على الشاشة الفضية ان لم يكن افضلها على الاطلاق ،جاء أداء غادة عادل طبيعيا الى درجة شعر معها المشاهد بأنها حقا تلك الفتاة الصعيدية التي لا تتجاوز خبرتها في الحياة حدود مدينتها وشعر بالتوحد معها في اللحظات الحرجة مثل انقاذها لزميلتها عند محاولتها الانتحار ومساعدتها لسيدة تلد في محطة مصر.
كما قدم الفنان أحمد راتب دورا مميزا رغم قصر مدته ، فهو السائق القبطي الشهم الذي يساعد فتاة لا يعرفها ويرفض تقاضي أي أجر في النهاية.
كذلك تألقت عايدة رياض في دور مديرة بيت المغتربات التي تغرس في نفس نجوى حب الحياة رغم كل المصاعب المحيطة بها.ان فيلم "في شقة مصر الجديدة" تجربة سينمائية فريدة وجديرة بالمشاهدة
No comments:
Post a Comment