رغم أن الحرب العالمية الثانية كانت الحدث الأهم تقريبا في القرن العشرين ورغم أنها حصدت أرواح الملايين من البشر ،إلا أن ثمة جوانبا مهمة من تاريخها أهملتها أو لم تتناولها السينما العالمية بعد.
أغلب الأفلام التي تتناول الحرب العالمية الثانية تقدم أبطالا بيض، أمريكيون في أغلب الحالات، وتتناول بطولاتهم وتضحياتهم ضد النازية والفاشية في سبيل تحرير العالم منهما.
اما بقية الشعوب التي شاركت في الحرب من عرب وأفارقة وأسيويين وغير ذلك فإن السينما-مثل التاريخ الرسمي- تتجاهلهم أو تظهرهم بشكل مهمش للغاية.
ولكن ثمة تيار سينمائي جديد يمكن ملاحظته اليوم ، يسعى لإعادة كتابة التاريخ المهمل-إذا صح التعبير- للحرب العالمية الثانية من خلال السينما ، وذلك عبر أفلام تروي قصص المهمشين في هذه الحرب ، والنموذجين الأبرز لهذا التيار الجديد هما فيلمي "السكان الأصليون Indigenes" للمخرج الفرنسي-ذو الأصول الجزائرية-رشيد بوشارب وفيلم "معجزة في سانا أنا" الذي يسعى المخرج الأمريكي سبايك لي إلى إنتاجه حاليا.
في الفيلم الأول ، يذكر رشيد بوشارب جمهوره بحقيقة تاريخية طالما تجاهلها الغرب وفرنسا بالذات وهي أن الجيش الفرنسي الحر الذي كان يقوده الجنرال شارل ديجول لتحرير فرنسا من الإحتلال النازي جند حوالي 233 ألف جندي أي أكثر من نصف أعضائه من أبناء المستعمرات الفرنسية في شمال أفريقا: الجزائر –تونس-المغرب والسنغال وأغلبيتهم –بطبيعة الحال- من المسلمين.
أعاد بوشارب مع زميله أوليفر لوريل كتابة السيناريو أكثر من مرة ، إلى أن إستقر الفيلم على أسلوب محدد ، وهو تتبع قصة أربع جنود ينخطرون جميعا في كتيبة واحدة في الجيش الفرنسي رغم تنوع وتباين دوافعهم ، فمنهم من يسعى لتحقيق المساواة مع أقرانه الفرنسيين ومنهم من تطوع بدافع مادي بحت ومنهم من يسعى لتحسين وضعه الفردي.
ويبرز الفيلم كيف تم الدفع بهولاء الجنود مع غيرهم من أبناء المستعمرات في أتون الحرب محققين لفرنسا اول نصر في الرحب منذ هزيمتها عام 1940 ويبين بشكل واضح تضحياتهم التي كان تقابل بالجحود من قبل قادتهم الفرنسيين الذين كانوا يحرمونهم من الإجازات والترقيات بل ويحرصون على منع مراسلاتهم حين تكون موجهة لنساء فرنسيات.
وفي الوقت ذاته يبين بوشارب أخلاقيات هولاء الجنود مصححا بذلك الصورة النمطية التي تم رسمها للمسلمين، فعبد القادر (سامي بوعجيلة) ينهى أحد زملائه عن التمثيل بجثث القتلى الألمان وهو يصيح :"نحن عساكر ولسنا همجا" وياسر (سامي نصيري) الذي يسطو على متعلقات الجنود الألمان بعد قتلهم يعف عن سرقة صندوق التبرعات في أحد الكنائس معتبرا أنه "مال الرب".
وكان من الطبيعي أن يثير الفيلم جدلا واسعا في فرنسا ولاقى أيضا هجوما من اليمين الفرنسي الذي إتهم المخرج بتزوير التاريخ، إلا أن كل ذلك لم يفت في عضد بوشارب الذي اعلن عن نيته إنتاج جزء ثان من الفيلم يبدأ أيضا-كما الجزء الأول- من مدينة سطيف الجزائرية التي إرتكبت القوات الفرنسية مجزرة بحق سكانها في 8 مايو 1945 أي نفس يوم إنتصار الحلفاء وقتل فيها ما يزيد عن 40 ألف جزائري وكانت بمثابة الشراراة التي أنطلقت ثورة التحرير الجزائرية فيما بعد.
أما الفيلم الثاني ، فهو المشروع الجديد للمخرج الأمريكي الشهير سبايك لي الذي يعتبره النقاد "السينمائي الأسمر الأكثر شهرة في هوليوود" والذي قدم من قبل عدة أفلام تتناول قضية العنصرية في الولايات المتحدة مثل "مالكوم إكس" و"إفعل الشيء الصحيح" والفيلم التسجيلي "أربع فتيات".
في هذا الفيلم يعتمد سبايك لي على رواية للكاتب الأمريكي جايمس ماكبريد عن واقعة حقيقية من احداث الحرب العالمية الثانية وتروي قصة الكتيبة "البافالو" رقم 370 التي كان أغلب جنودها من الأمريكيين السود الذين كانوا لا يزالون يعانون من العنصرية الممارسة ضدهم في الولايات المتحدة.
وقد قاتلت هذه الكتيبة النازيين قتالا شرسا في إيطاليا بالتعاون مع المقاومة الإيطالية المعادية للفاشية وقتل من أعضاؤها الخمسة عشر ألفا ما يزيد عن ثلاثة ألاف جندي.
وفي مؤتمر صحفي عقده للإعلان عن فيلمه هاجم سبايك لي بشكل عنيف أفلام هوليوود التي تتجاهل تضحيات الأمريكيين السود وقال إن أغلب الأفلام المريكية التي تتناول الحرب العالمية الثانية لا تظهر جنودا سودا على الإطلاق.
وحدد لي بداية العام القادم لبدء تصويره الفيلم الذي سيتكلف إنتاجه حوالي 45 مليون دولارفي كل من إيطاليا وولايتي نيويورك وتسكاني الأمريكيتين .وبشكل عام ، يمكن القول إن فيلمي "السكان الأصليين" و"معجزة في سنات أنا" يعجان بداية أو مقدمة لموجة سينمائية جديدة تعيد الإعتبار لمهمشي الحرب العالمية ، مستخدمة في ذلك السينما لإنصاف من ظلمهم التاريخ المكتوب
أغلب الأفلام التي تتناول الحرب العالمية الثانية تقدم أبطالا بيض، أمريكيون في أغلب الحالات، وتتناول بطولاتهم وتضحياتهم ضد النازية والفاشية في سبيل تحرير العالم منهما.
اما بقية الشعوب التي شاركت في الحرب من عرب وأفارقة وأسيويين وغير ذلك فإن السينما-مثل التاريخ الرسمي- تتجاهلهم أو تظهرهم بشكل مهمش للغاية.
ولكن ثمة تيار سينمائي جديد يمكن ملاحظته اليوم ، يسعى لإعادة كتابة التاريخ المهمل-إذا صح التعبير- للحرب العالمية الثانية من خلال السينما ، وذلك عبر أفلام تروي قصص المهمشين في هذه الحرب ، والنموذجين الأبرز لهذا التيار الجديد هما فيلمي "السكان الأصليون Indigenes" للمخرج الفرنسي-ذو الأصول الجزائرية-رشيد بوشارب وفيلم "معجزة في سانا أنا" الذي يسعى المخرج الأمريكي سبايك لي إلى إنتاجه حاليا.
في الفيلم الأول ، يذكر رشيد بوشارب جمهوره بحقيقة تاريخية طالما تجاهلها الغرب وفرنسا بالذات وهي أن الجيش الفرنسي الحر الذي كان يقوده الجنرال شارل ديجول لتحرير فرنسا من الإحتلال النازي جند حوالي 233 ألف جندي أي أكثر من نصف أعضائه من أبناء المستعمرات الفرنسية في شمال أفريقا: الجزائر –تونس-المغرب والسنغال وأغلبيتهم –بطبيعة الحال- من المسلمين.
أعاد بوشارب مع زميله أوليفر لوريل كتابة السيناريو أكثر من مرة ، إلى أن إستقر الفيلم على أسلوب محدد ، وهو تتبع قصة أربع جنود ينخطرون جميعا في كتيبة واحدة في الجيش الفرنسي رغم تنوع وتباين دوافعهم ، فمنهم من يسعى لتحقيق المساواة مع أقرانه الفرنسيين ومنهم من تطوع بدافع مادي بحت ومنهم من يسعى لتحسين وضعه الفردي.
ويبرز الفيلم كيف تم الدفع بهولاء الجنود مع غيرهم من أبناء المستعمرات في أتون الحرب محققين لفرنسا اول نصر في الرحب منذ هزيمتها عام 1940 ويبين بشكل واضح تضحياتهم التي كان تقابل بالجحود من قبل قادتهم الفرنسيين الذين كانوا يحرمونهم من الإجازات والترقيات بل ويحرصون على منع مراسلاتهم حين تكون موجهة لنساء فرنسيات.
وفي الوقت ذاته يبين بوشارب أخلاقيات هولاء الجنود مصححا بذلك الصورة النمطية التي تم رسمها للمسلمين، فعبد القادر (سامي بوعجيلة) ينهى أحد زملائه عن التمثيل بجثث القتلى الألمان وهو يصيح :"نحن عساكر ولسنا همجا" وياسر (سامي نصيري) الذي يسطو على متعلقات الجنود الألمان بعد قتلهم يعف عن سرقة صندوق التبرعات في أحد الكنائس معتبرا أنه "مال الرب".
وكان من الطبيعي أن يثير الفيلم جدلا واسعا في فرنسا ولاقى أيضا هجوما من اليمين الفرنسي الذي إتهم المخرج بتزوير التاريخ، إلا أن كل ذلك لم يفت في عضد بوشارب الذي اعلن عن نيته إنتاج جزء ثان من الفيلم يبدأ أيضا-كما الجزء الأول- من مدينة سطيف الجزائرية التي إرتكبت القوات الفرنسية مجزرة بحق سكانها في 8 مايو 1945 أي نفس يوم إنتصار الحلفاء وقتل فيها ما يزيد عن 40 ألف جزائري وكانت بمثابة الشراراة التي أنطلقت ثورة التحرير الجزائرية فيما بعد.
أما الفيلم الثاني ، فهو المشروع الجديد للمخرج الأمريكي الشهير سبايك لي الذي يعتبره النقاد "السينمائي الأسمر الأكثر شهرة في هوليوود" والذي قدم من قبل عدة أفلام تتناول قضية العنصرية في الولايات المتحدة مثل "مالكوم إكس" و"إفعل الشيء الصحيح" والفيلم التسجيلي "أربع فتيات".
في هذا الفيلم يعتمد سبايك لي على رواية للكاتب الأمريكي جايمس ماكبريد عن واقعة حقيقية من احداث الحرب العالمية الثانية وتروي قصة الكتيبة "البافالو" رقم 370 التي كان أغلب جنودها من الأمريكيين السود الذين كانوا لا يزالون يعانون من العنصرية الممارسة ضدهم في الولايات المتحدة.
وقد قاتلت هذه الكتيبة النازيين قتالا شرسا في إيطاليا بالتعاون مع المقاومة الإيطالية المعادية للفاشية وقتل من أعضاؤها الخمسة عشر ألفا ما يزيد عن ثلاثة ألاف جندي.
وفي مؤتمر صحفي عقده للإعلان عن فيلمه هاجم سبايك لي بشكل عنيف أفلام هوليوود التي تتجاهل تضحيات الأمريكيين السود وقال إن أغلب الأفلام المريكية التي تتناول الحرب العالمية الثانية لا تظهر جنودا سودا على الإطلاق.
وحدد لي بداية العام القادم لبدء تصويره الفيلم الذي سيتكلف إنتاجه حوالي 45 مليون دولارفي كل من إيطاليا وولايتي نيويورك وتسكاني الأمريكيتين .وبشكل عام ، يمكن القول إن فيلمي "السكان الأصليين" و"معجزة في سنات أنا" يعجان بداية أو مقدمة لموجة سينمائية جديدة تعيد الإعتبار لمهمشي الحرب العالمية ، مستخدمة في ذلك السينما لإنصاف من ظلمهم التاريخ المكتوب
No comments:
Post a Comment