Sunday, December 09, 2007

السينما تدخل المعركة


دأبت السينما المصرية لفترة طويلة على تقديم شخصية رجل الشرطة في صورة مثالية للغاية،فرجل الشرطة على شاشة السينما المصرية هو المدافع عن الحق والمظلومين، وهو يصون أرواح وأعراض المواطنين ، وهي الصورة المعتادة منذ تقديم أنور وجدي لهذه الشخصية في "ظابط واربع بنات" مرورا بيوسف وهبي في "حياة أو موت" وصولا إلى أحمد مظهر ورشدي أباظة في "كلمة شرف" وإنتهاءا بمصطفى شعبان في فيلم "مافيا" عام 2002.
وبإستثناء أفلام مثل "زوجة رجل مهم للمخرج محمد خان عام 1987 ، والذي أظهر شخصية ضابط مباحث أمن الدولة والتي جسدها ببراعة الراحل أحمد زكي في صورة المتسلط والوصولي في كل من بيته وعمله ، تكاد الصورة المثالية تكون هي السائدة بشكل شبه كامل في السينما المصرية.
إلا أن ثمة إتجاها في الأفلام التي عرضت مؤخرا في صالات السينما المصرية تشير إلى تبني عدد من المخرجين صورة مغايرة لرجل الشرطة
ففي فيلم "هي فوضى" لكل من المخرج الكبير يوسف شاهين وتلميذه الشاب خالد يوسف، يقدم المخرجان صورة لرجال الأمن تكاد تكون غير معهودة لدى المتفرج العادي.
يفاجأ شاهين جمهوره في بداية الفيلم بلقطات أرشيفية إلتقطها بكاميراته لتظاهرات المعارضة المصرية خلال الأعوام القليلة الماضية وصدامها مع قوات الأمن.
"لأ" نسمعها مدوية على لسان أحد المتظاهرين ثم ينتقل الفيلم إلى الشق الروائي حيث نرى حاتم (خالد صالح) أمين الشرطة الذي يستغل سلطته وغياب الرقابة عليه في بسط نفوذه على الحي الذي يقيم فيه.
وفي جرأة غير معهودة، يقدم الفيلم حاتم وهو يمارس التعذيب بحق المعتقلين ، ويتلقى الرشاوي من أهالي الحي في مقابل تقديم خدمات لهم ، بل ويسرق أغراضا من مكاتب رؤسائه لبيعها رغم قيمتها التاريخية.
وحين يسعى حاتم لفرض ذاته على جارته الشابة نور (منة شلبي) يتصدى له كل من وكيل النيابة (يوسف الشريف) وووالدته ناظرة المدرسة (هالة صدقي) ولكن دائرة المعارضة تتسع تدريجيا لتشمل كاقة ضحايا حاتم من أهالي الحي، مسلمين وأقباطا، لينتهي الأمر بإنفجار شعبي يحاصر قسم الشرطة ويقتص من حاتم.
الصورة نفسها تتكرر في فيلم أخر هو "الغابة" للمخرج الشاب أحمد عاطف والذي عرض في مهرجان القاهرة السينمائي ضمن مسابقة الأفلام العربية ويتناول قضية أطفال الشوارع ونظرة المجتمع لهم.
في "الغابة" أيضا نموذج مغاير لرجل الشرطة، وهو من خلال شخصية ضابط المباحث (عمرو عبد الجليل) الذي يقدمه الفيلم في صورة المنصرف عما يتعرض له أطفال الشوارع وفي الوقت ذاته يماس ساديته على المتهمين الذين يستجوبهم في قسم الشرطة.
وفي نهاية الفيلم،يظهر مسؤؤل أمني وهو يصرح أمام الإعلام بشكل ألي أن الجرائم المرتكبة في الشوارع –على بشاعتها- لا علاقة لها بالمجتمع وقام بها أشخاص "مختلون عقليا".
العامل المشترك بين كلا الفيلمين هو الفنان الشاب عمرو عبد الجليل الذي أدى دور ضابط المباحث في كليهما وكذلك السيناريست ناصر عبد الرحمن الذي أعد السيناريو لكلا الفيلمين ، والذي تميزت أغلب أعماله (المدينة مع يسري نصر الله والغابة وهي فوضى وحين ميسرة مع خالد يوسف) حتى الأن بالجرأة الشديدة في طرح القضايا السياسية والإجتماعية على حد سواء .
والسؤال هو:هل يمكن إعتبار "هي فوضى" و"الغابة" بداية لموجة جديدة من الأفلام التي تتناول صورة رجل الأمن بشكل مغاير لما تعود عليه جمهور السينما في مصر؟

2 comments:

البرديــــــة المصرية said...

نأمل جميعا أن يزداد انتاج هذا النوع من الأفلام , فكلما كانت الدرما تحمل اسقاطات سياسية واجتماعية لما هو واقع , ستكون أكثر فاعلية على المشاهد

والحقيقة أننا لن نحتاج فقط لتغيير جلد الدراما فقط , بل أيضا نحتاج لثورة فكرية وثقافية عامة ننقذ بها ما يمكن انقاذه .

تحليلك رائع

Sara Swidan said...

أفتكر يا عمرو إن الموضوع مش موضوع جرأة في مناقشة المشكلة ..

الناس تقريباً ، زيي أنا و إنت كدة ، ماكناش نعرف أي حاجة عن اللي بيحصل ف الحقيقة من رجال الشرطة ...
لحد ما اتفضحوا بالشكل دة ف فترة الأخيرة !

و شيء أكيد يعني إن الوقت اللي جي دة ، الشرطة حتتجرِّص ..

:)

أنا دخلت الفيلم ، و طلعت برصاصة ف كتفي ..
الرصاصة اللي جت ف كتف "شريف" .. و دمي محروق ..

البوست بتاعك ، زي ماكون كنت بدوَّر عليه !