ورحل فارس اخر من فرسان الكلمة
أستاذي الحبيب عبد الوهاب المسيري
عرفت المسيري عن طريق والدي الذي قدمني اليه
وكان ان دعاني الى أحد صالوناته الثقافية الشهيرة التي كان يعقدها بمنزله ويفرغ فيها بعضا من خبرته على تلاميذه من جيل الشباب
عرفت المسيري قبل مقابلته من خلال كتاباته
ولكن مقابلته كان لها طعم أخر
وجدت نموذجا بات نادرا في حياتنا العربية حتى ظنناه قاصرا على كتب التراث
نموذج العالم، العالم الحق
الذي يجمع بين عمق التحليل ودقته وبين الانتماء العميق لثقافته العربية الاسلامية رغم تمكنه التام من الثقافة واللغة الانجليزية
وجدت نموذج العالم الموسوعي، فالمسيري أستاذ الأدب الانجليزي والمفتون بالشعر الرومانسي، لم يدع مجالا الا وطرقه وكتب فيه
فكتب أهم موسوعة عن الصهيوينة ، مبددا الكثير عن الأوهام بشأنها
وكتب للاطفال وعنهم
وكتب الشعر والنقد
وفوق هذا وذاك، بقى دائما ذاك الأب المرح المتواضع لأسرة ضمت عشرات من مريديه وتلامذته الذين تعلقوا به،وأنا منهم، تعلق المريد بالقطب
كان يمكن للمسيري أن يهنأ بتقاعد مريح في منزله ، ويكتفي بما حاز من جوائز وتقديرات من الدولة ومن الخارج
إلا أنه أبى إلا أن يقرن القول بالفعل ، والنظرية بالممارسة
فنزل الى الشارع مع متظاهري كفاية، مطالبا بالعدل الغائب والحق المستلب، ليناله من النظام الجاهل أذى غير قليل ، الا أن تلامذته مرة أخرى كانوا حوله في كل تظاهرة ليسيجوه بأجسادهم وبأرواحهم لو لزم الأمر
يقول الناس في وطني عادة:"اللي خلف ما ماتش"
والمسيري كان منجبا،منجبا لعشرات الكتب ومئات النظريات والأفكار التي ستبقى وتبقى ذكرى صاحبها
هل أتجاوز إذا قلت،أنني مؤمن تماما أن أستاذي الحبيب يخطو بقدميه الأن في جنة الرضوان، مبتسما إبتسامته الهادئة العذبة
لا اظنه تجاوزا وأنا أعلم تماما أن المسيري لم يمت
بل ترك في هذه الدنيا إحدى الثلاث التي ينقطع عمل الانسان الا منها
"علم ينتفع به"
1 comment:
رحم الله المسيري والهم الكثير منا ما اهم المسيري من علم وادب واتساق فكر وفعل
امين
Post a Comment